المتابع لما يحدث في بلادنا المباركة في السنوات الخمس الماضية يلاحظ طفرة عمرانية وصناعية لا مثيل لها في تاريخ المملكة الحديث وذلك لتوفر السيولة وانتعاش الاقتصاد المحلي بسبب ارتفاع أسعار البترول التي أدى بدوره إلى الزيادة المطردة في ميزانيات القطاع الخاص والعام وزيادة الكم والنوع من المشاريع العمرانية والاقتصادية والصناعية والسياحية ومشاريع البنية التحتية. فتجد الصحف المحلية مليئة بأخبار هذه المشاريع الضخمة مما جعل استهلاك الطاقة - خاصة الطاقة الكهربائية- في المملكة من أعلى المعدلات العالمية. يرى بعض المهتمين بمفهوم ترشيد الطاقة أن هذه الطفرة فرصة ثمينة لطرح بعض الأفكار الجديدة والمفاهيم المتعلقة بترشيد استهلاك الطاقة عن طريق تبني واستغلال التقدم المُحرز في مجال تكنولوجيا البناء واستخداماتها للطاقة البديلة الصديقة للبيئة، أو ما يُطلق عليه في الدول الغربية المباني والمشاريع الخضراء ذات الاستهلاك المُنخفض والمُقنن للطاقة. لقد حان الوقت للمجتمع السعودي بجميع فئاته وقطاعاته الصناعية والعقارية والسياحية بالبدء بتطبيق مفهوم المباني والمشاريع الخضراء الصديقة للبيئة ذات الاستهلاك المُقنن للطاقة. لقد أصبحت الحاجة ماسة جدًا لتنظيمات وقرارات جديدة من قبل المؤسسات ذات العلاقة للتحول من المباني والمشاريع التقليدية ذات الاستهلاك الكبير للطاقة إلى المباني والمشاريع الخضراء. هناك الكثير من الأفكار والتقنيات الجديدة المُطورة لتحقيق هذا الهدف الإستراتيجي ومنها: 1- استخدام الطاقة الشمسية لتشغيل جميع الأدوات الكهربائية المُنخفضة الاستهلاك للطاقة بما فيها إنارة شوارع المُدن (مثل سخانات المياه، الثلاجات، الإنارة، الخ). 2- استخدام تقنية الزجاج المُظلل والعاكس للحرارة الذي يسمح بدخول الضوء لإنارة المباني أثناء النهار. 3- استخدام العوازل الحرارية ذات الجودة العالية ومنع استيراد العوازل ذات الكفاءة المنخفضة. 4- استخدام مفهوم التهوية والإنارة الطبيعية والذاتية أثناء تصميم المشاريع. 5- استخدام التقنيات المُتطورة للتكيف ذات الكفاءة العالية والاستهلاك المُنخفض للطاقة. 6- استخدام تقنيات إعادة تدوير النفايات في المشاريع السياحية والصناعية والعقارية الضخمة (مثل معالجة المياه المُستخدمة واستعمالها لسقي المسطحات الخضراء). 7- منع استيراد أي أداة كهربائية (صغيرة أو كبيرة) ذات استهلاك كهربائي عالي والمطالبة بشهادة استهلاك منخفض من قبل المصانع. 8- استبدال جميع أدوات الإنارة (اللمبات) ذات الاستهلاك العالي للطاقة بتقنية الفلوسنت منخفضة الاستهلاك للطاقة خاصة في المشاريع الكبيرة. 9- استخدام التوربينات الهوائية والطاقة الشمسية في المشاريع الصناعية الكبرى لتوليد الطاقة الكهربائية (مشاريع ذاتية التغذية)....الخ. من المهم هنا زرع مفهوم ترشيد الطاقة وثقافة المباني والمشاريع الخضراء وقت تصميم هذه المشاريع من قبل المكاتب الاستشارية والهندسية وجعل هذه التقنية من متطلبات الموافقة عليها، ووضع برامج تحفيزية من قبل الأمانات والبلديات والمُؤسسات ذات العلاقة لتشجيع القطاع الخاص والعام على زرع وتطبيق هذه الثقافة الجديدة على مجتمعاتنا. وليكن مثلاً وضع جائزة سنوية لأفضل تصميم وتنفيذ مشروع يقربنا من هذه الثقافة الجديدة.