كثيرة هي ملاحم الحب والوفاء التي يحتضنها هذا الوطن المعطاء بين جنباته، وكثيرة تلك الملاحم التي ترسمها وتحيط بها قلوب أبنائه قبل أن تنطق بها ألسنتهم أو تعبر عنها ملامحهم، فالوفاء شيمة أصيلة ومتأصلة فيهم، وبخاصة إذا ارتبطت بقيادة الوطن، تلك القيادة التي يحفظ لها الشعب الوفي كل الحب والوفاء على مرِّ السنين والأيام، منذ أن أرسى الملك المؤسس عبدالعزيز -يرحمه الله- دعائم هذا الكيان، ورسخ أركانه على شرع الله الكريم، فامتدت وانتشرت ملاحم الوفاء على هذه الأرض الطيبة، وأضحت نماذجها ترتسم كل يوم بصورة مشرقة فوق جنبات الوطن، وما كانت تلك الصورة الزاهية لملحمة الحب والوفاء التي شهدتها الرياض وسائر مدن المملكة وقراها لتمرُ مرّ الكرام دون أن يقف المتابعون والمنصفون إزاءها بكل التقدير والاحترام، يديرون فيها البصر ويجيلون فيها الفكر ولم لا؟ وهذه الصورة الزاهية المشرقة يتوسطها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمين سلطان بن عبدالعزيز ومعه أمير منطقة الرياض ومحبوبها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز حين حطت سلام وأمان رحالهم على أرض الوطن من بعد رحلة علاجية - فتحركت معهم القلوب حباً ووفاءً، ولهجت الألسنة للخالق شكراً وثناء فقد عاد سلطان الخير والعطاء وسلمان الصدق والوفاء إلى رحاب الوطن، فأحاطتهم القلوب التي طالما تشوقت لعودتهم، وامتدت أيدي المواطنين بالدعاء لهم بتمام الصحة والعافية، وها قد ارتسمت صورة من ملاحم الوفاء والتلاحم، كان بطلها بحق هذا الشعب الوفي مع قادة أوفياء ولمؤسس كان وفياً مع ربه خالص السريرة لدينه، طاهر النية لشعبه، فكانت الثمار هي تلك الصورة الزاهية من صور الوفاء. إننا إذا أردنا أن نجتزئ بعض الملاحم من هذه الصورة المشرقة لنضعها موضع المتابعة والتحليل فإن الحديث بنا سيطول وتتعدد جوانبها المضيئة، وتتداعى إلى الذاكرة حقائقها الزاهية. وأول هذه الجوانب تلك المحبة الراسخة في القلوب لأبطال هذه الملحمة، صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمين ارتبط اسمه بالخير والعطاء، واهتماماته المتواصلة بالتنمية والبناء، فقد أصبحت سعادة المواطنين شغله وهمه، عرفوه -يحفظه الله- مواسياً للضعفاء، رائداً للكرماء، فهو مصدر لسعادتهم ومنبع لاطمئنانهم، ديدنه الكرم، ونهجه رسم البسمة على شفاه الجميع، تلك البسمة التي تعلو وجهه فتشيع سعادة، وتنشر اطمئناناً، وتبث أملاً، وهو صاحب القرارات والتوجيهات والمبادرات التي لا تجد اسما يجمعها أو تصنيفاً يحددها سوى أنها «إنسانية» من الدرجة الأولى، حتى صارت عطاءاته ومكرماته مضرب المثل في صدق العطاء وإخلاصه، فلم يجد محبوه في داخل المملكة، وخارجها سبيلاً إلا أن يضيفوا الخير إلى مسماه وأصبحت لفظة الخير مقرونة لتشنف الآذان وترهف لها المشاعر حينما يذكر اسم (سلطان الخير) حيث يسير الخير ركابه نهجاً ودرباً وسلوكاً وعاءً. إن حبُ الناس مكرمة كبرى من الخالق عز وجل وهي من أسمى المكرمات في هذه الدنيا، فهي شهادة حق من البشر لعلو همة من أحبوه، علو همته في الخير، وامتداد أياديه البيضاء بالعطاء، وهذه هي من سمات شخصية صاحب السمو الملكي سلطان بن عبدالعزيز، حيث أصبح الخير صديقه ورفيقه أينما حل وحينما كان، تحيط به هالة من سمو الأخلاق يعلوها تواضع سموه المعروف والذي هو نموذج يتحدث عنه القاصي والداني. لقد رسخ ولي العهد الأمين في النفوس أن مكانة الإنسان هي بمدى حب الناس له وتقديرهم، وليس بمكانته الوظيفية أو مسؤولياته، فيا أبناء هذا الوطن في مواقع المسؤولية، ويا مَن وليتم أمراً من أمور المسلمين، لا تدعوا هذه الصورة المشرقة تمر عليكم دون إعمال الفكر، ودون أخذ الدروس من هذه النماذج الإنسانية التي تنطق بالصدق، وتشرق بالعطاء، فاستحقت هذه المحبة الصادقة، وأحيطت بهذه القلوب المخلصة المليئة فرحاً بعودتهم سالمين إلى أرض الوطن، وسعادة بأن من الله عليهم باكتمال الصحة والعافية. إن فرحة الوطن بعودة أحبائه إليه ومظاهر السعادة الغامرة التي عمت الجميع بعودة ولي العهد الأمين وسمو أمير منطقة الرياض هي مناسبة سعيدة تحتاج إلى العديد من الوقفات التحليلية التأملية لما تتضمنها من نماذج إنسانية ووطنية جديرة بالفكر والتأمل لأنها تمثل ملاحم مشرقة في الحب والوفاء فاسمحوا لي أن يكون للحديث بقية. (*) وكيل الوزارة بوزارة الثقافة والإعلام (سابقاً)