عبر عدد من منسوبي فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم عن حزنهم الشديد على وفاة فقيد الأمة فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين الذي تعد وفاته خسارة كبيرة للأمة الإسلامية كافة حيث فقدت علماً من أعلامها ينبع نوراً وعلماً غزيراً. عميد القبول وشؤون الطلاب بالفرع فضيلة الدكتور/ عبدالعزيز بن محمد الحجيلان قال: إن العلماء هم ورثة الأنبياء ومصابيح الدجى بوجودهم يتبدد ظلام الجهل ويهتدي الناس وتستنير الأمة، وتعمر المساجد تعلماً وتعليماً وعبادة، ويعم الخير في المجتمع وتحل مشاكله، ويرتدع أهل الشر والفساد، وبفقدهم يحصل الخلل في ذلك وتخسر الأمة شيئاً كثيراً، وإن وفاة سماحة الشيخ العالم العلامة محمد بن صالح العثيمين في يوم الأربعاء 15/10/1421ه لهي فاجعة كبيرة ومصيبة عظمى وخطب جلل أصاب المسلمين ليس في المملكة فحسب بل في جميع أرجاء الأرض لما كان عليه رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى من جنته من مكانة عالية في العلم والدعوة والعبادة وجميع وجوه الخير حيث تتلمذ على يديه آلاف الطلاب من مختلف الجنسيات في مسجده وفي فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في القصيم وغيرها وألقى آلاف الخطب والمواعظ والمحاضرات وألف المؤلفات النفيسة التي يدرس بعضها في المعاهد والمدارس، كما أنه مرجع في الإفتاء وحل المشاكل الاجتماعية من خلال الإذاعة والهاتف وغيرها، هذا غيض من فيض من أعماله وجهوده التي تحتاج إلى مؤلف كامل، كما ان المملكة فقدت بفقده عالماً كبيراً من علمائها فجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ممثلة في فرعها في القصيم على وجه الخصوص فقدت أحد أكبر أساتذتها، بل أكبرهم في العلوم الشرعية، حيث كان يستفيد منه جميع منسوبي الفرع بلا استثناء، بل هو شيخ الفرع ومرجعه في أمور دينه، فقد كان مرجعاً للأساتذة والموظفين والطلاب على حد سواء، ينير لهم الطريق بلقاءاته ومواعظه وتوجيهاته ودروسه ويستفتونه فيما يشكل عليهم في أمور دينهم ودنياهم. وفي هذا المقام يعجز القلم عن كتابة مافي النفس عن فقد هذا العالم الجليل ويكل لو قدر على ذلك،ولا أقول إلا ما جاء به الشرع عند حصول المصائب (إنا لله وإنا إليه راجعون) (اللهم اجرنا في مصيبتنا واخلف علينا)، وهذه سنة الله في خلقه ان لكل موجود زوالاً ولكل نازل ارتحالاً. وأقدم خالص التعزية والمواساة في وفاة الشيخ للمسلمين عامة ولولاة الأمر في هذه البلاد خاصة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين ولسمو النائب الثاني ولصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم حفظهم الله جميعاً كما أقدم تعزيتي لأولاد الشيخ وذويه. وأسأل الله جل وعلا أن يتغمد الشيخ بواسع رحمته وان يسكنه الفردوس الأعلى من جنته، وان يلهم أولاده وذويه الصبر ويعظم لهم الأجر، إنه سميع قريب مجيب. وقال فضيلة الدكتور عبدالله بن حمد اللحيدان عميد كليةالشريعة وأصول الدين قائلاً: إن من المصائب مايثقل على النفس تحملها لشدة هولها وما تفجره من معاني الأسى والحزن الذي يلف كيان الإنسان برمته فيقف عاجزاً ولايملك إلا دمعة ينثرها ومقولة يذكرها إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. لقد توفي شيخنا العلامة محمد الصالح العثيمين رحمه الله وبموته انتزع علم كثير ونفع كبير ونهر غزير يغذي اصقاع الأرض لينير للمسلمين قاطبة دروبهم ويغذيهم بالهدى الرباني ويسقيهم من معين الشريعة درراً من العلوم المتفرقة والغنية. ولكن هي مشيئة الله عز وجل وقدره النافذ لا محالة ولا راد لقدر الله ومشيئته ولانملك إلا ان نقول: إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا لفراقك ياشيخنا الجليل لمحزونون كما قالها النبي صلى الله عليه وسلم عند موت ولده ابراهيم، ولعل أشد فئة تحس بلوعة فقده وشعورهم العميق بالأسى والحزن وأنفسهم الملتاعة بعد أهله وأولاده هم طلابه الذين ينهلون على يديه العلوم والحكم سواء طلابه في مسجده أوطلابه في الكلية، إذ كان رحمه الله أستاذاً في كليةالشريعة وأصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع القصيم التي كان لها أعظم الشرف في أن يكون الشيخ رحمه الله أحد منسوبيها. والتي كانت تستقطب مجموعات كبيرة من الطلاب سواء من داخل المملكة أوخارجها ليدرسوا فيها ويأتوا إليها من كل مكان من العالم رغبة في التتلمذ على يد الشيخ رحمه الله ولاشك ان للشيخ أيادي عظيمة في نشأة هؤلاء الطلاب وتأثرهم البائن في سيرته العطرة ومنهجه الإسلامي القويم وإنني أصالة عن نفسي ونيابة عن منسوبي الكلية لأرفع أحر التعازي والمواساة بفقد هذا العالم الجليل إلى حكومتنا الرشيدة وإلى أسرته وأهله وإخوانه وإلى الأمة الإسلامية جمعاء. وأسأل المولى عز وجل ان يتغمد شيخنا بالرحمة والغفران وان يسكنه فسيح الجنان وألا يحرمنا بمن مثله من بعده وألا يفتنا بعده وأن يرزقه خير الجزاء على ما قدم لأمته من خير العطاء. وقال فضيلة الشيخ الدكتور/ عبدالعزيز بن صالح الشاوي عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة وأصول الدين: إن من أكبر نعمة الله علينا ان حفظ لنا هذا الدين برجال مخلصين وهم العلماء العاملون الذين هم أعلام يهتدى بهم، فهم كالسياج المتين الذي يحول بين الدين واعدائه وهم ورثة الأنبياء. وإذا كانت هذه هي منزلة العالم من أمته ودينه، أفلا يجدر بنا أن نأسف على موت العلماء وقد كثر في الآونة الأخيرة وآخرهم وفاة العالم العلامة صاحب الفضيلة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله والذي أقض مضاجع المسلمين في كل مكان وآلمهم أشد الألم. وأضاف: إن فقد العالم ليس فقداً لشخصيته فحسب،ولكنه فقد لجزء من تراث النبوة، وفقده مصيبة على الإسلام والمسلمين بشكل عام، ولايعوضه إلا أن ييسر الله من يخلفه بين العالمين، فيقوم بمثل ما قام به من الجهاد ونصرة الحق. وأشار الدكتور الشاوي إلى ان الحديث عن سيرة فقيد الأمة حديث ذو شجون ومن الصعوبة ان تتحدث عن حياة عالم أمضى أكثر من خمسين عاماً في التعليم والتوجيه والدعوة ونفع المسلمين بشتى الوسائل في هذه الورقات المعدودة، فقد عرف عن الشيخ يرحمه الله البذل العظيم للعلم النافع والدعوة إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة حتى وهو يعاني من مرضه الأخير لما سافر إلى أمريكا وهي أول مرة يسافر فيها خارج المملكة عقد جلسات علمية مع الدعاة فطلاب العلم وتحلقوا حوله في مقر إقامته يجيب على أسئلتهم، ويرشدهم إلى الترابط فيما بينهم والحرص على الدعوة إلى الله تعالى، بل حتى وهو في لحظاته الأخيرة على السرير الأبيض كان يفتي ويوجه ويرشد ويعلم. ورفع في نهاية كلمته أحر التعازي إلى مقام خادم الحرمين الشريفين ومقام سمو ولي عهده الأمين ومقام سمو النائب الثاني وإلى أبناء الفقيد وذويه وإلى جميع المسلمين في كل بقاع الأرض بوفاة فقيد الأمة سائلاً المولى عز وجل أن يتغمد الشيخ بواسع رحمته، وأن يسكنه الفردوس الأعلى من جنته،وأن يلهم أولاده وذويه الصبر والسلوان. كما أشار الدكتور/ عبدالرحمن بن علي السديس عميد كلية العلوم العربية والاجتماعية إلى ان الموت حق على جميع الخلائق في العالم والجاهل والمسلم والكافر حيث قال: الحمدلله القائل في محكم كتابه: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) لقد ودعت الأمة شيخها الجليل العالم الزاهد المجاهد فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وهو من العلماء السلفيين وأعطى كل وقته لتعليم العلم النافع بجد واجتهاد، وأخذ عنه كثير من طلبة العلم، كان عالماً مبرزاً في جميع العلوم، له منهج متميز في التعليم ويحرص على التبليغ تبليغاً صحيحاً لن ينساه تلاميذه الملازمون له، حتى أصبح قدوة للعلماء العاملين الناصحين لدينهم وأمتهم، فتح الله عليه علوماً كثيرة، ومعارف عديدة، وكان بمثابة مدرسة متميزة لطلاب العلم، كما كان رحمه الله حريصاً على توجيه الناس وارشادهم إلى طريق الصواب, كانت البساطة سمة من سماته يتجاوب مع القوي والضعيف والصغير والكبير، رحم الله الشيخ ابن عثيمين الذي خلف آثاراً علمية في مجالات شتى المسموع منها والمكتوب وفي مختلف العلوم في العقيدة والفقه والحديث والأخلاق والسلوك وغيرها من العلوم مما كان لها الأثر الكبير في انتفاع الناس منها، تلك الآثار التي تمتاز بالوضوح في المعاني والالفاظ والإيجاز غير المخل. وأردف قائلاً ان خسارتنا كبيرة لوفاة ركن من أركان العلم ليس في هذا البلد فحسب، بل في الأمة الإسلامية كلها، ولست من تلاميذ الشيخ يرحمه الله ولا من رواد مجلسه وان كان هذا شرف يتمناه كل مسلم وهو علم يعرف ولايعرف ولكن عرفته عبر كتبه وأشرطته ودروسه وفتاواه في الإذاعة وبخاصة برنامج نور على الدرب نسأل الله تعالى ان يغفر لهذا الامام ويرحمه ويرفع درجته في المهديين، وان ينزله منازل الصديقين والشهداء الصالحين، واسأل الله سبحانه ان يغفر لمن مات من علمائنا وأئمتنا وان يجبر عزاءنا فيهم, والعزاء كل العزاء لقيادة هذا البلد العزيز، وإلى إخوة الشيخ وأبنائه وكافة أسرته، وإلى طلابه وللأمة الإسلامية جمعاء وإنا لله وإنا إليه راجعون.