منذ أطللتُ على هذا المكان الساحر، وعلى هذا المنظر الآسر، شعرتُ بعظمة هذا الدين الناصع البياض، دين الأمن والسلام، والحب والوئام، وأيقنت بأن نعمة طمأنينة القلب، وخشوع الجنان، هي في اليقين والإيمان، وفي أداء ما أتى به الإسلام من أركان. لنتأمل أيها الأحبة أركان ديننا، وركائزه وأعمدته الخمسة، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان.. وسأدع، الحديث عن الركن الخامس حج بيت الله لقلمي الخاشع في رحلته العملية الإيمانية حيث أبحرتُ مع قناة اقرأ الفضائية، في تجربة خاصة بموسم حج عام 1431ه، مع برنامج أخبار الحج. شاء الله سبحانه وتعالى أن أكون معداً ومقدماً لبرنامج أخبار الحج، فكانت نعمة كبيرة، ومنة عظيمة منه أن يسر لي ذلك، لم أعش لحظة التأمل لهذا الركن العظيم، ولم أتوقع أن يكون الارتقاء والنقاء والصفاء بهذه الصورة العجيبة، ولن أقوى على ترجمة هذا الفضل العميم، والخير من الله الحليم الكريم، على قاصديه، وعلى المتلهفين بشوق إلى رحمته ومغفرته ورضاه ورضوانه. جموعٌ من فجاج الأرض تأتي تتوق إلى رضا رب الأنام منى وما أدراك ما منى مكان مرصعٌ بالبياض الذي لم أر مثله، ولن أرى مثل بريقه الأخاذ، ولمعانه البديع، ولن يكون في أي مكان في الدنيا هذا النسيج الحريري المتفرد، لنتأمل معاً أيها الأحبة هذا المكان العجيب وهذا الموقف المهيب، في زمان معين محدد، وفي تجمع الملايين من البشر، نساءً ورجالاً، أطفالاً و كهولاً، ضعفاء وأقوياء، محكومين وحكاماً، فقراء وأغنياء، لغات العالم كلها وعلى تنوعها واختلافها، تجتمع على لغة واحدة، وتتفق على لهجة متفردة، ومصطلحات متوحدة، قلوبهم بيضاء، ومساكنهم بيضاء، ولباسهم يتأنق ويتزين بياضاً. في منى الجميع يتحدث بلغة البياض، لغة الإيمان الناصع، والبيان الرباني الساطع، ألسنتهم تلهج لربهم الواحد الأحد الفرد الصمد، أفعالهم تنقاد لتعاليمه، وتسير على تشريعه، وتمضي بكل يقين وثبات لتطبق ما أمر به، والبعد عن ما نهى عنه. لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك هنا في مهبط القرآن تمحى فوارق كل حامي وسامي إنني أقرأ في كتاب الحج قدرة إلهية ربانية تجعلنا نقول: آمنا بالله رباً، وبالإسلام ديناً.. لبيك ربنا وسعديك، والخير كله بين يديك، سبحانك اللهم ربي ما أعدلك، سبحانك اللهم ربي ما أحكمك، سبحانك اللهم ربي ما ألطفك. وقبل أن يودع قلمي صفحتي البيضاء، دعوني أزين أركانها وزواياها بل دعوني أنقش فيها صورة بديعة رائعة، وهل يعقل أن أخرج صفحتي دون توشيحها بهذه الخدمات الكبيرة، وهذه المجهودات الهائلة من حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا -حفظهم الله- ومن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة و التي أبهرت العالم بهذا التنظيم المتفرد، وعلى مستوى جميع القطاعات التطوعية والحكومية والعسكرية والأهلية والفضائية. إلى كل فرد في جميع القطاعات الخدمية وإلى أخوتي وأحبتي في قناة اقرأ التي فتحت لجميع المسلمين مجالاً رحباً للاطلاع على مسيرة حج هذا العام، وبالأخص فريق عمل برنامج (أخبار الحج) الذي أبدع في إبراز خدمات حكومتنا الرشيدة في خدمة ضيوف الرحمن قبل وأثناء وبعد انقضاء حج عام 1431ه، أرسل لكم جميعاً طاقات من الدعاء والشكر والتقدير، شذاها يفوح بالحب والمودة والاحترام. فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين كل خير، وبارك في مجهوداتهم وجعل ما يقدمونه لخدمة الإسلام والمسلمين في موازين حسناتهم. (*) مذيع بالتلفزيون السعودي ومعد ومقدم برنامج أخبار الحج -