أهاب متخصص في الدراسات الإسلامية بالمسلمين ورجال البر والإحسان دعم مختلف المشروعات التي تهتم بالدعوة الإسلامية، وخدمة الدين الإسلامي ونشره، مشدداً على أهمية دعم مشروعات الدعوة الإنسانية؛ لما في ذلك من تعدي الخير والفضل من المنفق ذاته إلى غيره, ولما يحدثه ذلك الدعم والإنفاق من آثار حميدة يجني من خلالها الأفراد الخير، ويتفيأ من خلالها المجتمع أوجه الخيرات، وتستصلح به أحوال وأمور، وتُزال من خلاله مشكلات. وقال: إن الله - عز وجل - حثّ عموم الأمة، خاصة القادرين منها، على الإنفاق والبذل في سبيل تشجيع مجالات الخير وتنميتها، وتنشيط وجوه الدعوة الإسلامية وجذب الآخرين إلى سبيل الحق بالحكمة والموعظة الحسنة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ}، كما قال تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}. وفي دراسة شرعية لفضيلة الأستاذ المشارك في قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك سعود الدكتور محمد بن إبراهيم الرومي بعنوان: (المال وأثره في دعم الدعوة الإسلامية) قال: إن الراغبين في بذل الخير والإنفاق في مجالات النفع العام عليهم أن يتذكروا دوماً حاجة هذه المشروعات إلى دعمهم ودعم غيرهم، وأن يتذكروا دوماً حاجتهم أنفسهم إلى ذلك الإنفاق، وأن يجعلوا حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه نصب أعينهم حيث يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كل امرئ في ظل صدقته حتى يُفصل بين الناس)، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يقول العبد: مالي، إنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فاقتنى، وما سوى ذلك فهو ذاهب، وتاركه للناس)، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (سبق درهم مائة ألف درهم، قالوا: وكيف؟ قال: كان لرجل درهمان، تصدق بأحدهما، وانطلق رجل إلى عرض ماله فأخذ منه مائة ألف درهم فتصدق بها). وأبرز فضيلته أن بذل الفضل والإحسان، خاصة إذا فاض ذلك عن حاجة المنفق وحاجة عياله لرجاء ثوابه وبقائه، ذلك خير له، أما الإمساك عن بذل الفضل والإحسان فإنه شر للممسك عن أداء الواجب والقيام به؛ لأنه يستحق على ذلك العقاب, وإن أمسك عن المندوب فإن ذلك ينقص الثواب ويفوت المصلحة. وقال: إن دعم أوجه المناشط الدعوية بالمال هو من أبرز السبل لتشجيعها، وجعلها تمضي قدماً في الاتجاه إلى الأمام، كما أنها تكسب عناصر جديدة للانضمام إلى قافلة الصالحين؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها. وقد جعل الله سبحانه وتعالى المؤلفة قلوبهم مصرفاً من مصارف الزكاة ليتم جذبهم وهدايتهم إلى الإسلام، قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ..}. وأفاد الدكتور الرومي بأن الإسلام جاء ليذكي روح الدعوة إلى بذل الخير وفعل المعروف، ودعم مجالات البر والتقوى، وجذب الآخرين إلى الهداية، وإعانتهم على طريق الاستقامة، ويبعث في النفس الأريحية، ويثير فيها عواطف الخير والبر، ويوقظ بها مشاعر الرحمة والإحسان، قال تعالى: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}، فهذه الآية الكريمة تقرر أن الإنسان حينما يعطي المعوزين، ويمنح المساكين إنما يقرض الله تعالى، ويتعامل معه سبحانه وتعالى، وأن الله - عز وجل - يرد هذا القرض أضعافاً مضاعفة بما يمنحه من بركة ونماء، وفي آية أخرى يقرر الله سبحانه وتعالى مدى هذه البركة ومدى هذا النماء، بما يضربه من مثل فيقول تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}. وأردف يقول: إن الأموال وديعة استودعها الله في يد الأغنياء ليسدوا بها حاجات إخوانهم المحتاجين، ويصونوا بها كرامات البائسين, وينفقوها في المنافع العامة والمصالح التي تصل بالأمة إلى عيش هنيء، ومستوى من الحياة رفيع، يقول الله تعالى مقرراً هذه الحقيقة: {وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}، كما يقول تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} . وأشار فضيلته إلى أن للمال سلطاناً على النفوس، وسيطرة على القلوب، وهذه السيطرة شأنها أن تدفع الإنسان إلى اقتحام الكثير من الموبقات، وارتكاب الرذائل من الصفات، مثل: البخل، الحرص، الطمع والشراهة، الدناءة، الأثرة، والأنانية، وغير ذلك مما يفسد فطرة الإنسان، ويخرجها عن طبيعتها الخيرية؛ فأراد الله سبحانه وتعالى أن يعالج هذا المرض بتخفيف هذا الحب عن طريق التمرين على بذل المال حتى لا يبقى له هذا السلطان ولا هذه السيطرة فقال: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ}. وقال: المحسنون هم دائماً في رعاية الله وعافيته، وهم خير الناس، فيحفظهم الله من السوء، ويقيهم طوارق الحوادث، قال صلى الله عليه وسلم: تصدقوا فإن الصدقة فكاككم من النار. وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه). لقد شجع الإسلام على الإسهام في مجالات فعل الخير وبذل المعروف، ومن ذلك ما رواه أبو موسى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فكوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض). لقد أثنى نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم على التاجر الصدوق الأمين الذين يحسن للآخرين؛ فقد روى أبو سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء).