(كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). صدق الله العظيم الذي خلق الموت والحياة وكتب على كل نفس النهاية بعد أن كانت هذه الحياة رحلة قصيرة ومزرعة للآخرة. والسعيد فيها من عمل واجتهد بالصالحات لما بعد الموت وهذا ما نظنه إن شاء الله ونشهد به ولا نزكي على الله أحدا في فقيدنا الراحل والدي تغمده الله بواسع رحمته، الذي انتقل إلى جوار ربه بعد أن كانت صفاته الفذة هي مصدر الحب الذي كان يتمتع به لدى القريب والبعيد على حد سواء. فقد أمضى عمره بمعاني الرجولة والعفة، وبعد أن خلف وراءه سيرة حسنة وذكرى عطرة ونموذجاً رفيعاً يحتذى به في حسن الخلق. وقد كان رحمه الله بعيداً بنفسه عن أدران الدنيا وسفاسفها، لا تميل به الغرائز البشرية حيث الهوى. لأنه رجل قوي حين يقتنع بقضيته، فإنه يدافع عنها بكل ما أوتي من قوة لقناعته بأن الحق يعلو ولا يعلى عليه. كان رحمه الله لديه حباً كبيراً لوطنه وحباً لا حدود له لمدينته التي ما فتئ يطالب بها المسؤولين بكل ما يخدم المصلحة العامة سواء في مقابلته للمسؤولين أو مكاتباته إليهم. ومن حسن حظي أنني ابنتك أيها الوالد الكبير، ابنتك التي تفتخر بك بعد أن عرفتك عن قرب عضيداً لجميع من حولك، وعضيداً لمن يطلب مساعدتك. يحق لي أن أفخر بك والدي فأنت القدوة والمثل الرائع بالاستقامة والطيبة، ذا مروءة، بشوشاً متسامحاً تسعى دائماً نحو كل خير. لقد عشت يا والدي عزيزاً كريماً ورحلت رحمك الله عزيزاً كريماً، ولم تخلف لنا سوى سيرتك العطرة التي تضيء لنا الدروب. عزاؤنا الوحيد بعد رحيلك يا والدي ما خلفت لنا من سيرتك التي سوف تبقى مضرب مثل بالأب الرائع بالتدين والنزاهة وسمو الأخلاق. وما أنجبت من الذرية فهم تشربوا منك كريم الخصال فصاروا ثروة لك بعد الممات في إطار ما بشر به النبي صلى الله عليه وسلم حين قال (.. ولد صالح يدعو له). نعم إن هذا ليس غريباً على أبنائك الذين أنشأتهم على القيم الفاضلة والأخلاق الحميدة التي أصبحت نبراسهم المشع. إنني أعزي نفسي بك يا والدي وأعزي كل من تعرف عليك أيها الشيخ الفاضل.. وأسأل الله أن يتغمدك بواسع رحمته وأن يجعلك في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.?إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ?.