فقط عبر الإعلام نعرف أن الفنانة رباب الكويتية (من أصل عراقي) أصيبت بجلطة مفاجئة بعد ارتفاع ضغط الدم وفارقت الحياة و وري جثمانها في الشارقة، تلك الفنانة الحزينة صاحبة الصوت الشجي التي غنت للحب .. والحزن والنكران كان صوتها جميلاً ونبضها صادقاً، أحبت الكويت كما لم يحبه أحد، وعاشت في كنفه، وتنكر لها بعد أن جدبت سنينها ومال عودها، رحلت في عمر ناهز الثاني والستين، هكذا دون أن يكون لها عزوة أو بقية أو ذكر، وقدرها أن يرقد جثمانها في بلد غير الذي أنجبها وغير الذي أحبته، ولسان حالها يقول : لا تحاسبني على آخر قراري. رباب غنت للكويت عصارة قلبها، فهى منذ سنتها الأولى لم تعرف غيره وقد تركت العراق قبل أن تحبو، ولكن الكويت مع الأسف حكم عليها بالطرد منذ غزت العراق بلادهم ( جبرني الشوق يا رباب أقول كل اللي في قلبي جبرني )، رحمك الله وعفى عنك وأثاب صبرك وغربتك، قدرك أن تعيشين غريبة وتموتين غريبة ويكون جثمانك في أرض ليست أرضك، رباب ابنة الكويت التي تحمل جوازاً عراقياً ترقد تحت ثرى الشارقة بعد أن داهمها الموت، كان صوتها يرافق خلوتنا، لم تكن أوتارها عادية، كانت تعزف على القلب في حقبة من الزمن كنا نتعرف بها على أحزاننا منذ كانت تغني للحب بكبرياء حينما قالت : لا تناديني وصوتك ما أسمعه .. ولا تعلقني على وهم وخيال، وحينما قالت بشموخ (اجرح وعذب على ماتشتهي .. الصدق يبقى والخديعة تنتهي) حتى أكدت لنا بأن الحب الأول تجبر به، ولما تشكو ياغريقاً يستجير بغريق. هناك يا رباب يبقى لك ثروة ليست فقيرة لايهم ارثكِ الفني بقدر سيرتك العطرة وحبك للخير وتعاملك الراقي مع الآخرين وصبرك على الأسى وصدرك الذي اتسع للكون الذي قسى لازلت أشعر بدفء يدك حينما صافحتك آخر مرة في القاهرة وقلت لي : السعوديات لهن إطلالة جميلة حتى أنت يارباب : كان لك إطلالة جميلة.