سنوات طويلة والمستهلك يتعرض في مختلف أسواقنا لمختلف أنواع القسوة من بعض التجار؛ فتلك بضاعة مغشوشة، وأخرى مخالفة للمواصفات والمقاييس، وبضاعة ثالثة مبالغ في سعرها دون حسيب أو رقيب؛ لذا استمر المستهلك لسنوات طويلة يعاني ويدفع ثمن كل ذلك في ظل سبات عميق من قبل إدارة حماية المستهلك بوزارة التجارة، التي لم يكن عدد المفتشين فيها يزيد في ذلك الوقت على مائتي مفتش في مناطق المملكة كافة؛ ما يعني أن فاقد الشيء لا يعطيه؛ لذا رفعنا الصوت مراراً مطالبين بإنشاء جمعية لحماية المستهلكين لتقوم بحماية وإنصاف المستهلك، إلا أننا فوجئنا وللأسف بأن الجمعية، وعلى الرغم من مرور أربع سنوات على إنشائها، لم تنجز شيئاً؛ وبالتالي استمرت معاناة المستهلك، ولم يجد من يتحرك لحمايته؛ فالغش في تزايد وغلاء الأسعار في تصاعد.. فما سبب فشل الجمعية؟ الحقيقة المُرّة عن وضع الجمعية ومجلس إدارتها كشفتها صحيفة الحياة يوم الخميس (24 يونيو 2010)؛ فقد صرح عدد من أعضاء مجلس إدارة الجمعية إلى صحيفة الحياة بأن رئيس مجلس إدارتها قد بالغ في التجاوزات المالية والإدارية التي كانت كفيلة بقتل طموح الجمعية وإعاقتها عن تنفيذ الأهداف التي أُنشئت من أجلها، ومن ضمن التجاوزات التي أشار إليها أعضاء مجلس الإدارة وقام بها رئيس مجلس إدارة الجمعية ما يأتي: - زيادة راتبه إلى واحد وخمسين ألف ريال من تلقاء نفسه دون موافقة المجلس. - استخدامه الجمعية ومواردها لتحقيق مصالح شخصية له على حساب المصلحة العامة. - قيامه بالعديد من السفريات الخارجية والانتدابات غير المبررة التي لا تخدم الجمعية بقدر ما تخدم مصالحه الشخصية. - قيامه بصرف أكثر من نصف مليون ريال خلال ثلاثة أشهر على مصروفات غير مقبولة لدى مجلس إدارة الجمعية. - تهميش آراء أعضاء مجلس الإدارة وتفرده في اتخاذ قرارات الجمعية. كنا نعتقد أن إنشاء جمعية حماية المستهلك قد جاء بوصفه خطوة مهمة في طريق الإصلاح الاقتصادي لتحقيق مصلحة الوطن والمواطن، ولم نكن نعتقد بأن إنشاء هذه الجمعية سيضيف المزيد من ممارسات الفساد المالي والإداري التي طالما نهشت في جسد العديد من المؤسسات الحكومية والأهلية. وكنا نعتقد بأن إنشاء هذه الجمعية قد جاء بوصفه خطوة مهمة في سبيل حماية حقوق المستهلكين من تجاوزات بعض التجار، ولم نكن نعتقد بأننا سنحتاج إلى حماية المستهلكين من تجاوزات قادة جمعيتهم. وكنا نعتقد بأن الجمعية ستعمل على إنشاء فروع لها في مختلف مناطق المملكة، وأن تتاح الفرصة لأكبر عدد ممكن من المواطنين الغيورين على هذا الوطن وأهله للمشاركة فيها، ولم نكن نعتقد بأن فروع الجمعية ستكون خارجية في دول أخرى من أجل تحقيق مصالح شخصية لا علاقة للجمعية بها. وكنا نعتقد بأن الجمعية ستتولى رفع قضايا ضد التجار الذين يضرون بالمستهلك، ولم نكن نعتقد أننا سنشهد اليوم الذي نرى فيه المستهلكين يطالبون بتخصيص مكاتب قانونية تقوم بحمايتهم من تجاوزات الجمعية. وأخيراً، كنا - ولا نزال - نعتقد بأن وزارة التجارة لن تقف موقف المتفرج أمام الشكوى التي تقدم بها أعضاء مجلس إدارة الجمعية ضد رئيس مجلس الإدارة على تجاوزاته الإدارية والمالية التي كانت كفيلة بقتل الجمعية من الوريد إلى الوريد. [email protected]