السنوات الخمس اللاتي مضين من عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز المفدى، كُنّ سنوات مليئة بالحوار المسموع؛ لأن هذا الملك رجل الحوار، وصاحب المبادرات المهمة والتاريخية سواء للوطن أو لأشقائه من الدول العربية. وكنّ سنوات شهدن الحراك الثقافي الذي يمضي الآن إلى النضج، بسبب كراهيته (للظن) الذي عطل كثيرا من المشروعات الثقافية. هذا عدا عن كونه أعلن نفسه أبا للفقراء والمعوزين وإعادته للضمان الاجتماعي وبنك التسليف مما يعطي المواطن شعورا مضاعفا بحب الوطن وشرف الانتماء إليه. وفي طرح كهذا، لا بد أن نسجل أن المجتمع شائك وملتبس وتصعب قراءته ومدجج بمفاهيم سطحية عن علاقة المواطن بالسلطة، ونحن معه في شعور الكراهية للنفاق لأننا نعرف أن جلالته لا يقبل النفاق، ولأن شعبا منافقا هو أهم معوقات التنمية والتقدم. والملك المفدى على مستوى العالم العربي يظل رمزا للعروبة بحرصه الشديد على أن يتصالح العرب مع أنفسهم لكي يخطوا فيما بعد خطوات نحو الصداقة والحب والسلام مع شعوب العالم. وكم قام بزيارات إلى دول تختلف حول موضوع معين وحاول جهده أن يصلح الخلل وأن يقرب وجهات النظر، وعلاوة على هذا يجب ألا ننسى -إطلاقا- موقفه المدوي عندما قامت فئة مكونة من أفراد ومؤسسات بشكوى أحد الزملاء في الجزيرة بإحدى عشرة تهمة فأصدر جلالته وكان وليا للعهد (أمراً ملكياً) يقضي بعدم قبول أية شكوى لكاتب -بسبب كتابته!- إلا لدى وزارة الإعلام، وأكمل الأمر بتشكيل لجنة لهذا الغرض في وزارة الإعلام واضعاً لبنة راسخة ومهمة في الحقوق والحريات للمجتمع المعني بالكتابة والثقافة؛ لأنه رجل يؤمن أن المثقف هو رائد من رواد النهضة وكما قيل (الرائد لا يكْذِبُ أهله). وهكذا يمضي خادم الحرمين الشريفين قدما في مرحلة (التغيير) و(التطوير) وسماع الصوت الآخر ومناقشته، ونحن هنا لا نبالغ إن قلنا: إن وطننا بقيادة جلالته وطن كريم ولا ينقصه سوى تفاعل المواطن. بعدم التسرع أولاً وعدم ازدواج الانتماء؛ فالوطن ليس بقرة تحلبها ولا تكلف نفسك جلب الشعير إليها، أو حتى شكرها على الحليب اللذيذ!. ويجب أن يكون النقد علنيا وخاصة في ظل اتساع هامش الحرية في التعبير وهذه إحدى بنود الميثاق العالمي لحقوق الإنسان. إننا ونحن نعلن فرحنا بدخول عهد جلالته عامه السادس لنتمنى أن يمن الله عليه بالصحة والعافية ليظل قائدا ورائدا وحبيبا للشعب.