لا ندري ما هو الإنجاز الذي يمكن أن يسجل لصالح نظام ساهر, وذلك حينما يخبر السائق بمخالفته المرورية خلال 30 ثانية من ارتكابها, إذا ما عرفنا أن ثوان عديدة ودقائق (كثيرة) وساعات طوال، وأيام متلاحقة قد تعيشها عند طلبك لأي (خدمة مرورية) في المكاتب الإدارية. لا يهمنا (ساهر) بقدر ما يهمنا سرعة الخدمات الإدارية وجودتها على مستوى قطاعات المرور, وعندما يصرح المسؤول بأن تلك الخدمات لا يتستغرق طلبها ثوان معدودة, فإن ذلك يكون إنجازا عظيما يحسب للجهة والقائمين عليها, وسيحظى ذلك المنجز بردود أفعال إيجابية مستمرة. تلك هي المعادلة التي لم ينجح المرور في حلها, وهي: نظام يعمل على رصد المخالفات بدقة متناهية, في حين تبقى خدمات المواطنين تسير كالسلحفاة عبر ورق ونماذج (عادية) وطوابير لا حد لها، وأرقام انتظار ممل لا يكسر حدتها سوى رواية رومانسية تنقل مزاجك المتوتر إلى عالم جميل. لم يكن (المرور) موفقا وهو يشهر (نظام ساهر), ولم يوفق وهو يؤكد أن (النظام) يهيمن على سائق السيارة أينما حل وارتحل وأن أي غلطة منه سيكون النظام له بالمرصاد (والحسابة بتحسب) ولا مجال من الفكاك, ومهما قيل عن (بيئة مرورية آمنة) فإن ذلك لن يرضي المواطن ما لم تتحسن الخدمات بنفس المستوى الفني الذي يتمتع به (نظام ساهر). هذا هو السؤال: لماذا يتركز الاهتمام على (نظام ساهر) ويحظى بكل العناية والحب والحنان؟ ولا تحظى الخدمات الإدارية بذلك؟ لماذا (نظام ساهر) تجلب له أحدث التقنيات العالمية؟ في حين تبقى الخدمات الإدارية (مكانك سر)؟ عدم الإجابة على هذه الأسئلة: أوجدت بعضا من ردود الأفعال السلبية ضد نظام ساهر من المواطنين، وقللت من الاحتفاء به رغم أهميته في رصد المخالفات المرورية, ولكن الأنظمة الإدارية لا تنجح إلا عندما تتكامل مع بعضها البعض، فالمرور ليس (نظام ساهر) وحسب, وإنما خدمات متعددة و(ساهر) ليس سوى جزئية بسيطة منها. تسعى المؤسسات المتقدمة أن تصنع عالما جميلا لعملائها أو تجعل حياتهم أسهل أو تجعل الخدمات عالم من اختيارهم، ولكن ماذا عن نظام المرور بشكل عام؟ هل يمكن أن يفعل شيء من ذلك؟ أم أنه يسعى أن يكون عالما (ثريا)، في حين تكون حياة عملائه أصعب مع فواتير أكثر. [email protected]