عندما تتبنى الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون مهرجان الرياض الثاني للمونودراما 2010 فإنها تعي مقدار المساحة الكبيرة التي يحتلها المسرح على الخارطة المحلية, وتعي قيمته الفنية التي تضعه في مرتبة عالية، وتتفهم دوره في إتاحة فرص التفاعل البشري ما يشكل لغة مشتركة يفهمها الكل, الأمر الذي جعلها تقوم بمسؤولية دعم المسرح ورعايته, من أجل تأسيس وعي اجتماعي بأهميته ثقافي وحضاري وتأكيده واقعا ملموسا يسهم في دعم الحركة المسرحية, وإيجاده كشكل حيوي يدعم جسور التبادل الثقافي بين أبناء المملكة بمختلف مناطقها المترامية الأطراف. والجمعية عندما تتفاعل مع المسرح بوصفه أحد أنشطتها, فإنها تقدر تلك الجهود التي تبذلها فروع الجمعية في دعم المسرح وتعي أهمية الدور الذي تلعبه في رفع القيم الجمالية لدى أبناء المنطقة, وهذا الأمر يحتم عليها (الجمعية وفروعها) ترجمة قيم المسرح لتكون مشروعا ثقافيا يفتح آفاق البشر باتجاهات أكثر ملامسة للإنسان وأعمق في التواصل العالمي بعيدا عن أي انكفاء ذاتي أو تحزب مناطقي، فالوطن مفهوم ثقافي شامل لا ينحصر في فرد لا يتجسد في جماعة بقدر ما يجمع الأفراد تحت سماء واحدة, وتقدر في ذات الوقت الجهود التي تبذلها جمعية المسرحيين السعوديين والجهات الحكومية الداعمة للمسرح. وفي هذا السياق سعد كثيرا مهرجان الرياض الثاني للمونودراما بتفاعل الفرق المشاركة مع فعالياته خلال أيام المهرجان التي استمرت 5 أيام ابتدأت من السبت الماضي برعاية كريمة معالي وزير الثقافة والإعلام د. عبد العزيز بن محي الدين خوجه وحضور أهل الفن والثقافة والمسرح بمركز الملك فهد الثقافي وسط أجواء حميمية سطرها الأعضاء المشاركون من مختلف مناطق المملكة لتعكس مقدار تعاملهم الراقي وإحساسهم العالي بالفن مترجمين في ذات الوقت قيما فنية عالية شهدت بها أعمالهم المونودرامية التي صفق لها الجمهور كثيرا. استحق فرع الجمعية بنجران جائزة أفضل عرض مونودراما مسرحي متكامل فيما نال علي الخبراني من فرع الجمعية بجازان أفضل مخرج, وجاء فرع الجمعية بحائل حاصدا أفضل نص, في حين نالت جامعة الملك سعود أفضل ممثل وقبل ذلك قدمت جمعية الثقافة والفنون بالرياض عرضا افتتاحيا (شايلوك) غير داخل في المسابقة. بهذا يكون المهرجان قدم جمع خبرات فنية في مكان واحد وزمن واحد ما يجعله يسير في الطريق الصحيح لتشكيل وعي بمفردة المونودراما التي بدأها العام 1983 م راشد الشمراني وعبد العزيز الصقعبي وعبد العزيز الرشيد من خلال أول مسرحية مونودراما (صفعة في المرآة) التي انطلقت من فرع الجمعية بالطائف ما جعل المهرجان يكرمهم في حفل الافتتاح تقديرا لريادتهم في النوع من المسرح . والمونودراما (الممثل الواحد) من أنواع المسرح التي تلقى اهتماما عالميا, حيث يخصص لها مهرجانات مستقلة عالمية وعربية, ففيها يتجلى وهج المسرح وجنونه, وهذا ما تسعى الجمعية إليه, إلى انبعاث المسرح في كل مكان حتى يتنفسه الناس كالهواء, ليكون المسرح عالما من اختيارنا. [email protected]