أحياناً.. يقال لك شيء.. أو يُنقل لك معلومة فلا تكاد تصدقها حتى تراها بعينك.. أما: لماذا لا تصدقها.. فليس لأن رواتها مشكوك في أمانة نقلهم.. ولكن لأن المعلومة صعبة التصديق.. أو بعيدة عن الواقع المألوف. بل ربما تراها بنفسك وتُكذب عينيك.. وتظن أن المسألة غير ما رأيت قيل لي قبل فترة أن أحد أحياء الرياض الجدد.. يصعب الدخول فيه.. أو يتعذر الدخول فيه إلا بشق الأنفس.. أو كما يقال (بعد أن تدوخ ويتبرم رأسك). بل إذا أردت زيارة أحد فيه وأنت قادم له لأول مرة لا تستطيع ان تدخل لهذا الحي.. إلا بعد ان تُشرّق وتُغرِّب.. وتذهب شمالاً وجنوباً عدة مرات حتى تجد المدخل.. نعم.. حي مغلق بكامله.. ولا تكاد تصل إليه إلا بشق الأنفس.. هذا.. إذا كانت زيارتك له في وضح النهار.. أما لو كانت الزيارة ليلاً.. فقد يحصل لك (قَلْبَةْ راس!!) فتدور وتدور ثم تبحث عن من يعيدك إلى مكان قدومك.. قد تستنجد أكثر من مرة داخل الحي وخارجه.. بحثاً عن مدخل أو مخرج.. هذا الحي.. هو حي (عين قرطبة) وهو حي جديد.. ولكن.. لم يشفع له حداثته ولا جدته.. حيث أصبح من أكثر الأحياء عزلة يصعب ويتعذر الوصول إليه أو الخروج منه.. هذا الحي الكبير.. ليس في (مَقْطَعَة) وليس بعيداً عن الرياض وليس وسط معمعة وضيق شوارع.. بل يحيط به شوارع رئيسية كبرى مشهورة وليس في عزلة أو معزل.. لا أخفيكم.. أنني زرت هذا الحي لأكثر من سبب.. ومنها.. لأرى بنفسي حقيقة ما قيل لي عن عزلته وعن تعذر الوصول إليه.. فوجدت الحقيقة بنفسها.. وجدت حياً كما يقول العوام (ما له دْرُوب) أو كأنه (مدسوس) بمعنى.. أنك تتعداه ولا تشعر بوجوده أو تدور حوله ساعات دون أن تستطيع الدخول فيه.. أقول.. زرت هذا الحي.. وعايشت المشكلة حتى (دار) رأسي من كثرة الدوران.. شرَّقت.. وغرَّبت.. وأشملت وأجنبت.. وساعة أجد نفسي في (دُوار العويضة) طريق الثمامة.. وساعة أجد نفسي في بوابة جامعة الإمام.. وساعة أجد نفسي وقد دخلت شارع خالد بن الوليد.. وساعة أجد نفسي بين عمال في (كمب) شركة.. وساعة أجد نفسي وسط عْقُوم ومكبات ومخلفات.. و(بتر) خراسانية.. ثم أعود من حيث أتيت عدة مرات.. حتى إنني أحياناً.. أعود لمكاني وأسأل في نفس المكان مرة أخرى وقد (انقلب) رأسي. ليست بلديات منطقة الرياض ال(13) الفرعية مجتمعة.. تبحث لهذا الحي عن مخرج ومدخل مثل بقية الأحياء. سكان هذا الحي.. لا يريدون حدائق.. ولا متنزهات.. ولا إنارة.. ولا تشجير ولا أرصفة للمشي.. ولا حتى (مرجيحة) لأطفالهم.. يريدون فقط - مداخل ومخارج لحيهم يَسهِّل عليهم وعلى من تكرم بزيارتهم.. من أقاربهم ومعارفهم يُسهل عليهم الدخول والخروج والله سبحانه وتعالى الهادي إلى سواء السبيل.