ندرك جميعاً أن في المجتمع فئات لا تعترف بالحوار أو بالرأي الآخر أو حتى بالفرضيات المنطقية أو حتى في حدود الأدب واللباقة والتعامل بالحسنى.. فهؤلاء الأشخاص بات من المهم أن يتعامل معهم المجتمع بحيطة وحذر، فالحيطة من هؤلاء تأتي من قبيل الحياد والتفاعل البعيد، فيما الحذر يتمثل في محاولات البعض التمترس خلف حجب الصمت ودهاليز الهرب من أي مواجهة محتملة مع هؤلاء الذين يصادرون كل شيء في الحياة حتى حقوق من حولهم في التعبير عن الذات، لاسيما حينما يمتلك هؤلاء ألسنة لا تبارى و لجاجة لا تجارى. فبعد فئات الإرهاب والتخريب تأتي هذه الفئات التي لا تبتعد عن صور العنف والقتل فهم متشبعون خطلاً برؤية سوداوية قاتمة، فلا يرون في الآخر أي حس للوئام أو التعايش، فهم في ذلك يمارسون الإقصاء بكافة أنواعه، وطرقه ضد كل من يخرج على رأيهم بالنقد أو المكاشفة. فقد يكون أمر القتل والقتلة هذه المرة أليماً ومثيراً للأسئلة العميقة حينما يكون نابعاً من النساء الائي يوسمن في الغالب بالبساطة والرقة والضعف، إذ تصبح هذه النزعة الانتقامية مضاعفة، وربما أسبابها غير مقنعة و لا ترقى إلى مستوى ارتكاب أي جريمة بحق المخالف لهن. نحن هنا نتوقف في موازاة هذه الصور الفاجعة لفئة «القاتلات» ولا نقول المقاتلات مثلاً في الجيوش النظامية التي تمتلك بعض المبررات مع اختلاف أهدافها ونوازعها، فعلى سبيل المثال بطلة مسلسل الموت في خيمة العرس في دولة الكويت التي حكم عليها مؤخراً بالإعدام بعد أن حكمت هي على الناس في خيمة عرس طليقها أو من تزوج عليها بالموت حرقاً دون سبب مقنع، اللهم أنها تريد أن تنتقم من هذا الذي تزعم أنه ارتكب جريمة التعدد الزوجي. وغير هذه المرأة المختلة نساء أخر على نحو (العذارى السود) في أواسط آسيا، ومن فجرن أخيراً محطات القطارات الأرضية في روسيا رمزن لأنفسهن ب(الأرامل السود) تيمناً بهذا الموت القاتم الذي لا مبرر له في الحياة الطبيعية.. حيث يجد هذا الأمر غايته في جنون التفاصيل التي ترد أحياناً كمبرر لهذا الفعل الشنيع، فحينما تفقد أحد هذه النسوة زوجها أو حبيبها بسبب أو بآخر لا ترى بداً من الانتقام ممن حولها، لاسيما وأن من حولها كما تقول العرب: «لا ناقة له ولا جمل». فما دمنا حول العرب فإن هذا النزق المجنون والتهور القاتل ضد أبرياء عزل يذكرنا بقول الشاعر العربي أبي فراس الحمداني في نايه السادر عن الفأل حيث تمتلئ رؤيته الشعرية بالسوداوية القاتمة والقنوط حينما قال: «إذا مت عطشاناً فلا نزل القطر» فالرؤية الأليمة للقتل والموت وشهوة الانتقام قد يستثنى منها حقيقة من يدافع عن دينه ووطنه، وعرضه وأمته.. كأن يقيم حبائل الثائر، ويرنو إلى الاقتصاص من مغتصبي الأوطان، والغزاة، لأن الحكم ربما في هذه الخاصية قد يكون في اختلاف وجهات نظر تحتاج إلى حسن تدبر وفرز لكي لا يكون الأمر مجرد رغبة سوداء في الانتقام ممن حوله بأبشع الجرائم والقتل المجاني فحسب. [email protected]