تحدثت تقارير صحفية عن قرار هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بإيقاف خدمة (الدردشة)، من هواتف بلاك بيري - «بلاك بيري ماسنجر»، وقالت إن الهيئة طلبت من الشركة الكندية المشغلة لهذه الخدمة، إمكانية الاطلاع على مضمون الرسائل التي يتبادلها مستخدمو هذه الخدمة (!!). وطبقاً لشركات الاتصالات فإن خدمة «بلاك بيري» شهدت نمواً كبيراً، وازداد عدد العملاء 700%. الشركة المشغلة لخدمة البلاك بيري، اعتذرت عن عدم الاستجابة لطلب الهيئة الغريب جداً، بإيقاف «بلاك بيري ماسنجر»؛ نظراً إلى ارتباطها بحزمة خدمات متكاملة تقدمها الشركة، وفي حال أصرت «الهيئة» على طلبها فإن الشركة ستضطر إلى إيقاف كامل خدمات البلاك بيري في المملكة، والتي يغلب على مستخدميها أنهم من رجال الأعمال والتنفيذيين، وبعض الشغوفين بالتقنية، والمتلهفين إلى فتح آفاق تواصلهم بالعالم الخارجي! ولهيئة الاتصالات قصص عجيبة تجعلنا لا نفرق بين «الهيئة» و»الاتصالات»، ويخشى أن يتحول دورها إلى قوة «ردع» للتقنية، وتلك قصة أخرى ظريفة! ليست معروفة الأسباب الحقيقية حول هذا الطلب الاستثنائي، وكل ما ذكره الزملاء هو تخمينات أو إعادة وتكرار للأسباب المتعارف عليها في حالات مشابهة، منها سبب أمني كما يشاع، والأسباب الأمنية التي تتكرر يمكن تلبيسها مثل (الطاقية) على كل الأجهزة من حولنا، صغيرها وكبيرها، ما نشاهده بالعين أو ما لا يمكن لنا ملاحظته. والسبب الآخر - الأقرب يتعلق بكون خدمة الدردشة تفتح هواءً منعشاً في وجه مَن يقبعون خلف الحواجز. ومهما تكن التبريرات فإن إشكالية الموضوع ليست في الحيثيات، لكنها المعضلة الدائمة والكبرى، والقديمة، والجديدة، حيث حلول «المنع» والحجب هو الأولى، والقمع المتلبس بالشكوك والظنون في الناس هو القاعدة الثابتة. إنه عالم يتخلى عن خصوصيته وحجابه وحراسه، يوماً بعد آخر؛ لذا لا أستبعد تحرك «الحسبة الإلكترونية» لكبح جماح هذا «البلاك»، خوفاً وسوء ظن بالمستخدمين والناس، وهذه - للأسف - إشكالية قديمة، قديمة. وأعترف بأنني، مع جهازي المثقل بالبريد، لم أفعل هذه الخدمة؛ فهي مرهقة، وتجعلك على تواصل مع الجميع طوال الوقت، وفي كل الأحوال لمَن يملك بعض الوقت أو كله! ولأني أشك دائماً في سطحية وتراجيدية مثل هذه القرارات، فإني لا أستبعد نظرية المؤامرة؛ وبالتالي أن هناك حملة ترويج ذكية للبلاك بيري، وهي أساليب تسويق فعالة يعرفها زملاء المهنة، ولعلي تورطت فيها بهذا المقال! لكني أعتقد جازماً أن البلاك بيري سيبقى، ولن ننتبه إلا وأمامنا منتج تقني جديد أكثر إغراءً وانفتاحاً وحريةً، قد يحمل اسماً أو لوناً جديداً، وتعجز كل وصايا الخوف والخصوصية عن إيقافه، في عالم له مسار واحد، واتجاه واحد، نحو الانفتاح، وفتح المزيد من النوافذ، طال الزمن أو هاج في تغيره..! إلى لقاء..