تناولت العديد من وسائل الإعلام الخطوات التي اتخذتها لجنة تداول عقود السلع الأولية الأمريكية بشأن كبح المضاربة في سوق الطاقة والسلع في إطار خطة الرئيس الأمريكي باراك أوباما معالجة الاختلالات الهيكلية والتنظيمية التي أفضت إلى الأزمة الاقتصادية في نهاية ولاية الرئيس جورج بوش في 2008م وعلى رأسها تشديد الضوابط على البنوك والحد من المضاربات الضارة في سوق المال خاصة في تجارة الطاقة والسلع الأولية، ولمعرفة أبعاد هذه الخطوات على مسار أسعار البترول التي تمس اقتصاديات الدول المصدرة للبترول. التقت «الجزيرة» بالدكتور خالد بن منصور العقيل المستشار الاقتصادي في وزارة البترول والثروة المعدنية سابقاً ورئيس مكتب نماء للاستشارات البترولية والمعدنية لاستشراف أبعاد الموضوع من جوانبه المختلفة. المتغيرات ما بعد الأزمة * أفرزت الأزمة المالية بمتغيرات ومفاهيم اقتصادية، فما أثر هذه المتغيرات على سوق الطاقة العالمية خاصة البترولية؟ يشهد الفكر الاقتصادي الدولي مخاضاً شديداً نتيجة صراع تاريخي بين معسكرين غالا تطرفاً في تبني الأول الاقتصاد المركزي أو الاشتراكي الذي أثبت فشله وتهاوت أواصره من تفكك للاتحاد السوفيتي وانتقال الصين تجاه الانفتاح الاقتصادي وتشجيعها لحركة القطاع الخاص، بينما الطرف الثاني بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية صاحبة أكبر اقتصاد عالمي وموارد وقاعدة علمية ومعرفية هائلة وسطوة عسكرية ضاربة تشكل تطور اقتصادها على مبادئ السوق الحرة التي شهدت تحولاً من الفكر الكينزي الذي أخرجها من حقبة الكساد الكبير عام 1932م والقائم على مفهوم التوازن المالي بين القطاع العام والخاص إلى تبني فلسفة ميلتون فريدمان المطالبة بالسوق الحرة المفرطة في عهد الرئيس رولاند ريغان عام 1980م الذي أفضى في بداياته إلى حركة انتعاش قوية بسبب سرعة تدوير الأموال محلياً ودولياً دون رقابة حصيفة حتى أصبحت ظاهرة السوق الحرة غير المقيدة على الساحة الدولية الطريق الاقتصادي القويم للنهوض والإصلاح الاقتصادي وطبعاً بينت الفوضى المالية ونتائجها الكارثية في نهاية ولاية الرئيس بوش الابن عام 2008م لسبب بسيط أن القطاع الخاص بشرائحه المختلفة الذي ديدنه تحقيق تضخيم الأرباح والمكاسب، في حالة عدم وجود رقابة حازمة وحصيفة عليه سيستخدم جميع الطرق والوسائل لتحقيق أهدافه أكانت هدامة أو بناءة. وفي أجواء السوق الحرة المفرطة من البديهي في بداية الأمر انتعاش حركة سوق المضاربات والمضاربين وهي تعبير مهذب لكثيرين ممن يقبعون الآن في السجون الأمريكية. أما بالنسبة لسوق الطاقة وارتفاع متوسط أسعار البترول من 27 دولاراً للبرميل في عام 2003م لمتوسط مستواه 94 دولاراً للبرميل في عام 2008م، أولاً هناك أسباب بترولية واقتصادية أساسية أدت إلى مسار ارتفاع أسعار البترول والمواد الأولية برمتها خلال الفترة 2004م - 2008 منها الانتعاش الاقتصادي الدولي خصوصاً في الصين والدول الناشئة، انكماش حجم الطاقة الإنتاجية البترولية الفائضة حتى أصبحت معظم الدول تنتج بكامل طاقاتها القصوى، عدم توفر مصافٍ بترولية كافية لمقابلة الطلب من المنتجات البترولية المكررة وفق المعايير والمواصفات البيئية المفروضة في الدول الصناعية وكذلك مبدأ العولمة ممثلاً في منظمة التجارة الدولية الذي أدخل نصف تعداد البشرية عبر بوابة الصين والهند وروسيا ودول الاقتصاد المركزي سابقاً إلى حلبة حرية التبادل التجاري مما فاقم الطلب العالمي على المواد الخام والسلع بنسب غير مسبوقة، فهذه هي الأسباب الحقيقية لمسار ارتفاع أسعار البترول والسلع الأخرى خلال تلك الفترة الوجيزة بينما عكس دور المضاربين تحقيق الأرباح من خلال هذه المتغيرات الأساسية في السوق البترولية وأهمها تفاقم الطلب ومحدودية الإمدادات المتوفرة، وطبعاً دور المضاربين امتد لكافة أنواع مواد الخام والسلع خصوصاً المواد الغذائية التي أججت معدلات تصاعد التضخم العالمي في فترات معينة نتيجة التمادي في استخدامها لإنتاج الإيثنول كوقود للمركبات. تذبذب أسعار النفط *رغم أن أسعار البترول مستقرة فوق 70 دولاراً للبرميل إلى الآن، لكن يلاحظ في الفترة الأخيرة حدة التذبذب فيها، فهل هي موسمية أم أن هناك أسباباً أخرى؟ استمرت أسعار زيوت الأوبك تتراوح في متوسطها ما بين 12 دولاراً للبرميل في عام 1986م إلى متوسط 17 دولاراً للبرميل عام 1999م، وخلال تلك المدة الطويلة لم يرتفع متوسط أسعار البترول إلى 20 دولاراً للبرميل في سنة 1990م نتيجة لحرب الخليج الثانية، ومع تصاعد الطلب العالمي على البترول مطلع القرن الحادي والعشرين الميلادي وللأسباب الأنف ذكرها اتخذت أسعار البترول مساراً تصحيحياً من متوسط 34 دولاراً للبرميل عام 2004م إلى متوسط 67 دولاراً للبرميل عام 2007م وذلك لمعالجة الاختلالات الضارة التي أحدثها رخص أسعار البترول للفترة الزمنية 1986- 2003م من انكماش حاد في تطوير صناعة النفط بكافة جوانبها ناهيك عن معاناة الدول المصدرة للبترول من استنزاف لمواردها البترولية بأسعار زهيدة وتراكم حجم الديون عليها. وفي عام 2008م عندما ارتفعت أسعار البترول في السوق الفورية ولأشهر قليلة إلى ما يقارب 150 دولاراً للبرميل تعالت أصوات السياسيين وقامت وسائل الإعلام الغربية بتحميل أسعار البترول كافة مشكلات دولهم الاقتصادية، ومن المؤسف أن بعضاً من المسؤولين في أوبك والإعلام العربي كأنهم انضموا لنفس الحملة ولم تمضي أشهر قليلة حتى تهاوت أسعار سلة الأوبك إلى حدود 30 دولاراً للبرميل إثر الأزمة المالية الأمريكية في منتصف 2008م ولخطورة تدني أسعار البترول على ساحة واسعة من المعطيات في سوق الطاقة، ناهيك عن الأضرار الكبيرة على إمدادات الطاقة العالمية المتاحة مستقبلياً عاودت أسعار البترول ارتفاعها المعتدل اعتباراً من يونيو 2009م التي بلغت في متوسطها 68 دولاراً للبرميل لسلة خامات الأوبك واستمرت تقريباً على نفس المنوال، حيث بلغت خامات سلة الأوبك حوالي 71 دولاراً للبرميل في بداية فبراير الجاري. وكل الذي أود التنويه عنه أن أسعار البترول تدهورت طيلة الفترة 1986 - 2003م، ولم ترتفع سوى لفترة أشهر وجيزة خلال 2008م تعالت فيها الأصوات وسلّط الإعلام الخارجي وحتى العربي عن نتائجها الضارة على الاقتصاد العالمي وتقدم بعض المسؤولين في دول الأوبك بالاعتذار الضمني وأشاروا لمسؤولية المضاربين في ارتفاع أسعار البترول، ولم ينته 2008م حتى انحدر متوسط سعر سلة خامات الأوبك إلى 61 دولاراً للبرميل لعام 2009م مقارنة بمتوسط سعري لسلة زيوت الأوبك البالغ 94 دولاراً للبرميل لعام 2008م، وهو دليل للسطوة السياسية والإعلامية للدول الصناعية الغربية في تشويه الحقائق البترولية والاقتصادية. أما بالنسبة لحالة تذبذب الأسعار الحادة في الفترة القصيرة الأخيرة ل2010م فتعود لسببين رئيسين الأول رغم تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية خاصة في الاقتصاد الأمريكي مازالت هناك عناصر اقتصادية مؤثرة تزيد من حالات التخوف وعدم الثقة في النظام المالي القائم، منها تفاقم حجم الدين العام في العديد من الاقتصاديات الغربية وعلى رأسها في الولاياتالمتحدةالأمريكية، زيادة مؤشرات الحمائية التجارية وما لها من تبعات على حركة التجارة الدولية والاقتصاد العالمي، والثاني إعلان الرئيس باراك أوباما في 21 يناير 2010م تشديد الرقابة على أنشطة المؤسسات المالية وفرض رسوم على البنوك والمؤسسات التي قامت الحكومة الأمريكية بإنقاذها نتيجة لما طرحه بول فولكر - الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الأمريكي (البنك المركزي الأمريكي) الذي عيّنه الرئيس أوباما لعملية ترتيب النظام المالي لاستعادة الثقة والمسؤولية الائتمانية ومنها فرض قيود على تعاملات البنوك خاصة أدوات المخاطرة العالية مثل المشتقات المالية وصناديق التحوط والقروض العقارية التي أدت إلى الأزمة المالية لعام 2008م، ولكن مقترحات فولكر يكتنفها بعض الغموض لعدم معرفة آثارها على تقييد الحركة المالية مع بوادر معارضة من جانب الجمهوريين لخطة فولكر التي مازالت محل نقاش في أروقة الكونجرس ويشكل مدى موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي على خطة الرئيس أوباما للإصلاح المالي التي أطلق عليها «قاعدة فولكر» Volcker Rule أمراً أساسياً في تحديد حجم المضاربات المستقبلية في الأسواق العالمية ومنها المضاربات في عقود البترول والغاز، وبمعنى آخر ستستمر التذبذبات الحادة في أسعار المواد الأولية ومنها البترول في عام 2010م ريثما تنجلي الصورة النهائية لتشريعات تنظيم سوق المال والقطاع البنكي الأمريكي الجديدة. «قاعدة فولكر» وأسواق النفط * ما أهم اقتراحات «قاعدة فولكر» وآثارها المرتقبة على المضاربات في السوق البترولية؟ كما أن أوبك تقول: إنها تسعى للقضاء على المضاربات، هل يمكنها ذلك، وهل ستكون بمفردها أم بالتعاون مع المستهلكين؟ ركزت»قاعدة فولكر» على إصلاح القطاع المصرفي، ومعالجة النشاطات الاستثمارية، وعلى اقتصاديات حجم البنوك الأمريكية لتلافي ما حدث في 2008م من أزمة مالية ولذلك تمس اقتراحات بول فولكر السوق البترولية ولها تبعات بدت تلوح في الأفق وهي: - اتصفت أعمال البنوك سابقاً بالاستثمار في الأدوات ذات المخاطرة العالية، حيث ضخت البنوك الأمريكية آنذاك مليارات الدولارات في مضاربات عقود البترول والغاز، وبالتالي تجعل تشريعات «قاعدة فولكر» من شراء البنوك عقود البترول والغاز أكثر كلفة وصعوبة. - تذبذبات أسعار البترول المتأثرة بالمضاربات ستتقلص حدتها بشكل كبير في حال غياب البنوك الأمريكية من مسرح عمليات المضاربات بسبب حجمها المالي وبالتالي العديد من العاملين في الأسواق المالية يرون أن غياب البنوك من عمليات المضاربة سيسهم في التقليل من حدة التذبذبات السعرية في أسواق البترول والغاز العالمية. - يرى بعض المختصين أن «تشريعات فولكر» في حالة إقرارها ستسهم في المدى القصير بتخفيض التكاليف على المستهلك الأمريكي خاصة في قطاع النقل ولكن ستعاني صناعة النفط من نقص في أرباحها، ونتائجها ستكون سيئة جداً في المدى البعيد على حجم الاستثمارات اللازمة لتطوير الصناعة البترولية مما يعني العودة إلى شح الامدادات البترولية المتاحة في المستقبل. وفي هذا الصدد، بدت تلوح في الأفق بعض المتغيرات في السوق البترولية لمقابلة أي تغيرات مرتقبة، منها توقع أن يلعب ما يعرف «التخزين الضخم» Super Contango دوراً متصاعداً في السوق البترولية وهي عملية خزن الزيت الخام أو المشتقات قرب أسواق استهلاكية معينة مما يسهم في زيادة إمدادات البترول المتاحة بهدف تحقيق أعلى عائد من أسعار البترول في السوق الفورية عوضاً عن بيع البترول مؤجلاً بسبب الوقت الذي تستغرقه عملية النقل التي تصل إلى أشهر في بعض الأحيان، وكذلك تقييد حركة المضاربات في حالة انخفاض الطلب ومحاولة الضغط على الأسعار، واستقراره في حالة ارتفاع الطلب على البترول. وهذا التوجه التسويقي بدت تلوح بعض من ملامحه في سياسات بعض دول الأوبك التسويقية من خلال أعمال الخزن الكبير في دول معينة لتحقيق عائد أعلى من مبيعات البترول وأيضاً المساهمة في التخفيف من عمليات المضاربات الحادة في السوق البترولية. أي أن مساهمة الأوبك في تحجيم المضاربات محدود في هذا النطاق بينما يقع جلّ الحد من المضاربات الحادة على عاتق سياسات الدول المستهلكة الرئيسة من البترول في أسواقها المالية. ومن الأهمية عند مناقشة موضوع المضاربات الضارة تحديدها لحالتي الارتفاع والانخفاض الشديدين للأسعار، والخوف أن مفهوم الدول المستهلكة للنفط تحجيم المضاربات الضارة هي فقط في حالة ارتفاع الأسعار، كما دأبت عليه لسنوات طويلة، والتزام الصمت عندما تتهاوى الأسعار كما حصل من أكتوبر 2008 إلى يونيو 2009م. تضارب حول توقعات أسعار النفط بالرغم من أن التوقعات لأكثر بيوت المال وحتى لبعض الدول، أن أسعار النفط ستبقى فوق مستويات 60 دولاراً هذا العام، ولكن في المقابل برزت توقعات سلبية حول مستقبل الأسعار، هل تغير شيئاً فعلياً حتى تتغير النظرة للسعر المستقبلي؟ وما هي توقعاتكم لأسعار البترول خلال2010م؟ أولاً: الاقتصاد العالمي هو في حالة أفضل عمّا كان عليه بعد الأزمة المالية الأمريكية ولولا الجهود والتعاون الدولي المبذولة لكان النظام المالي والاقتصادي شهد انهياراً لا تحمد عقباه، والمملكة كان لها دور عملي بناءً في المشاركة النشطة في اجتماعات مجموعة العشرين عبر المطالبة بضخ مزيد من الاستثمارات اللازمة لتنشيط الحركة الاقتصادية وتعهد القيادة السعودية في 2009م باستثمار مبلغ400 مليار دولار خلال الخمس سنوات التالية لهذا العام لتحديث وتطوير اقتصادها وبطريقة أخرى هي تسهم في تنشيط حركة الاقتصاد والتجارة العالمية والأمر الآخر تحملت أعباء تدهور أسعار البترول من بداية الأزمة عام 2008م حتى يونيو 2009م من خلال استمرارها في ضخ البترول بنفس المعدلات السابقة. وفي الواقع سلوك وتصرف المجتمع الدولي ممثلاً في مجموعة العشرين أتصف بالمسؤولية لتجاوز تبعات الأزمة وعندما بدأت تنقشع غمامة الانهيار المالي تحسنت فرصة عودة الاقتصاد العالمي لحالة النمو مع توقع زيادة الطلب من البترول وآخرها تقرير وكالة الطاقة الدولية الصادر في 11 فبراير الجاري الذي توقع زيادة الطلب العالمي من البترول إلى 86.5 مليون ب - ي لعام 2010م أي بزيادة بنسبة 1.8% عن عام 2009م وهو توقع يفوق توقعات منظمة الأوبك بمقدار 1.4 مليون ب - ي، كما يفوق تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بنحو 1.2 مليون ب - ي، أي أن الطلب العالمي من البترول لعام 2010م يتوقع زيادة الطلب عليه مقارنة ب 2009م، من هنا جاءت توقعات تمسك الأسعار بمتوسط نطاق سعري في حدود 70 دولاراً للبرميل خلال 2010م، بل إن بعض بيوت الخبرة المعتبرة تجاوزت توقعاتهم ذلك، مثل بنك جولدمان ساكس (Goldman Sachs) الذي توقع وصول سعر خام غرب تكساس المتوسط WTI في متوسطه 90 دولاراً للبرميل خلال 2010م وصعوده إلى 110 دولار للبرميل لعام 2011م. وأما فريق المشككين في احتمالات تعافي الاقتصاد العالمي خاصة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وفي منطقة اليورو فإنهم يرصدون بطء الإصلاحات في النظام المالي وتعثرها بسبب المصالح المختلفة وتفاقم حجم الدين العام في الاقتصاديات الرئيسية وبوادر النزعات التجارية الدولية وتشديد الإنفاق المالي في الصين، ومما لا شك فيه أنها عوامل مؤثرة على مسار نمو الاقتصاد العالمي ولكن برهن المجتمع الدولي في اجتماعات دول مجموعة العشرين عن عزمه في توثيق أواصر التعاون لتفادي آثار الأزمة المالية لعام 2008م، أي توجد إرادة دولية في تخطي الأزمة المالية والعودة إلى حالة النمو الاقتصادي الدولي مما يسهم في انتعاش الطلب من البترول ويحافظ على مستوى الأسعار الحالية أو زيادتها. هذه التصورات والاحتمالات المتباينة تغفل عن نقطة حجم الاستثمارات اللازمة لعملية استمرار تدفق النفط لمقابلة الطلب العالمي وانتعاش الاقتصاد العالمي التي تتطلب سعراً يفوق 60 دولاراً للبرميل أي أن المملكة عندما طالبت في 2009م بأسعار للبترول تتراوح ما بين 70 - 80 دولاراً للبرميل تدرك ودول مجموعة العشرين أيضاً تدرك، أن استمرار تدفق البترول وتدارك الأزمات في إمدادات البترول المتاحة تتطلب سعراً في حدود النطاق السعري الذي حددته القيادة السعودية، وهو تصور منطقي لمسار متوسط أسعار البترول لعام 2010م. ولكن علينا في المدى المتوسط أي إلى عام 2015م وما بعده إجراء حوارات وترتيبات داخل منظمة الأوبك أو ثنائياً حتى لا تتبدد الثروة البترولية بأزهد الأثمان بسبب تنافس ومبالغة بعض من دولها في توسيع حجم طاقاتهم الإنتاجية البترولية خاصة بعد تصريحات العراق عن خطته في توسيع طاقته الإنتاجية إلى 12 مليون ب - ي بحلول 2015م مما يشكل عاملاً أساسياً في التنافس الضار والضغط على تخفيض أسعار البترول في السنين القادمة، وهي أسرع وسيلة لتسريع وتقريب زمن ذروة إنتاج النفط في العالم، فلعبة البترول الرخيص في المدى القصير مربحة للدول المستهلكة ولكنها للعاملين والمختصين في عالم النفط لن تجلب سوى تسريع عملية نفاد البترول والدمار الاقتصادي في المدى البعيد على المجتمع الدولي.