مساء يوم الجمعة الماضية كان عرساً بكل ما تعني الكلمة.. ولعل أجمل ما في المناسبة هو إطلالة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز (ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام) من شرفة استاد الملك فهد، ملوحاً بيده الكريمة، ومحيياً الجماهير المحتشدة..... ....ليتبادل سموه الحب بالحب، ويُرحَّب بسموه بعاصفة من التصفيق هزّت مدرجات الاستاد الرياضي. - ثم إنَّ زفة البطل الهلال وتسليم الكأس له من يد صاحب السمو الملكي ولي العهد المعظم هي أيضاً زفة لكل نادٍ سعودي، وشرف لكل نادٍ سعودي أن يرعى سموه الكريم هذا الختام الكروي لكأس سموه؛ فكلنا - شباباً وشيباً - شملنا هذا التكريم الأبوي الكبير، وكلنا كان فائزاً، وكلنا استلم الكأس، وكلنا شاركنا سموه هذا الحضور، وكلنا كان له شرف لقاء سموه. - ووجود سموه مساء يوم الجمعة في استاد الملك فهد هو امتداد لمكارم سموه التي لم تتوقف من أجل الوطن والمواطن.. - هي مكارم تتوالى لتشمل كل أبناء الوطن، وهي يوم مكرمة لشباب الوطن وأبنائنا، وهي تكريم للرياضة السعودية وللمسيرة الشبابية السعودية، وتكريم لكل نادٍ.. وكل شاب.. ولكل أب.. وكل مواطن سعودي. - هذه نقطة أولى ومهمة في هذا الشأن، أما النقطة الثانية فهي فوز الهلال.. والبطولة الخمسين للنادي؛ ليعلن الهلال خمسين بطولة.. وخمسين كأساً ودرعاً.. هي في سجله التاريخي عبر مسيرته الطويلة. - الهلال مساء يوم الجمعة حصد بطولات، وليس بطولة واحدة. - الهلال فاز بكأس من أغلى الكؤوس.. هي كأس سمو ولي العهد.. وأعلن رقم (50) بطولة.. وهو رقم صعب.. ورقم له معنى.. ورقم يعني الشيء الكثير لمحبيه ومحبي الكرة السعودية. - الكأس الخمسون.. والبطولة الخمسون.. تعنيان أن الهلال عبر مسيرته قد حقق خمسين بطولة كبرى.. وليست بطولات وهمية.. بل هي بطولات سبقها صولات وجولات.. ووقف بعدها على منصة التتويج ليتسلم كأساً لها تاريخ.. ولها معنى.. ومن قامة كبرى بحجم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد. - ولعل الأجمل في الموضوع أن يوم الجمعة.. يوم التتويج الهلالي.. كان اليوم السابق لدوام الطلاب والطالبات في المدارس والجامعات.. ومساء اليوم نفسه (وكالعادة)، وصباح اليوم التالي الذي هو بداية الدوام والدراسة للطلاب والطالبات، عادة ما يكون يوماً كئيباً.. وساعاته مملة و(النفوس فيها شينه) والكل سواء كانوا طلاباً أو طالبات أو آباء.. وحتى (المعلمون والمعلمات).. يبدو عليه الضيق والضجر والكآبة.. غير أن الهلال عدَّل المزاج. - نعم.. الهلال غيَّر المزاج.. وقَلَبه من مزاج متوتر كله كآبة وقلق وضيق بسبب اليوم الدراسي الأول.. إلى مزاج معتدل.. نتيجة العرض الكروي الرائع أثناء المباراة.. ثم إلى مزاج سعادة وفرح لا يوصفان عندما أعلنها بطولة.. وأعلن الرقم (خمسين)، وقال الهلال.. صاحب الخمسين بطولة. - هنا.. تغيَّر المزاج العام.. - وهنا.. عمّت الفرحة.. - وهنا.. تبدَّلت الأجواء والنفسيات إلى ابتسامات.. - وهنا.. عاد الناس إلى وظائفهم ومدارسهم وكلياتهم.. بفرحة وسعادة غير مسبوقة. - هذا ما قاله لنا المعلمون والأكاديميون والموظفون.. - هذا ما نقله لنا مَنْ شاهد الابتسامة تعلو محيّا كل هؤلاء صباح السبت.. والناس في غاية الفرحة والسعادة.. على غير العادة في أول يوم دراسي.. - الهلال.. عدَّل المزاج.. - والهلال.. تدخل في مزاج هؤلاء، ورسم البسمة على نفوسهم.. - والهلال.. أسدى خدمة كبرى.. لهؤلاء الذين ينتظرون المدارس والجامعات.. - هذا.. ما فعله نادي القرن.. - وبطل كأس المؤسس.. - هذا.. ما فعله الموج الأزرق.. - هذه إنجازات نادي الأمجاد والبطولات.. - وهذه إنجازات بطل اللعب النظيف.. - وهذه إنجازات مَنْ حسم بطولة الدوري قبل نهايتها بثلاث جولات.. - وهذه إنجازات مَنْ أعلن الخمسين.. وغيره (مغرِّز) في العشرين. - والهلال بهذه الأمجاد وهذه البطولات.. وهذا السجل المشرف.. وهذا الإنجاز الكبير.. يجلب جماهير جديدة.. وإن كان ذلك لا يعوز ناديا يستحوذ على نحو ال(75 %) من الجماهير الكروية بالمملكة.. وربما أكثر. - نحن هنا.. لا نملك.. إلا أن نحيي نجوم الهلال الأبطال.. الذين ملؤوا الملعب روعة وإبداعاً وعطاءً.. ومنحوا النادي هذه البطولات. - الهلال بفضل الله.. يرتقي عاماً بعد آخر.. ويتقدم عاماً بعد آخر.. رغم تخرصات المتخرصين.. وتكهنات بعض الجهلة الذين توقعوا للهلال تراجعاً.. أو ربما انهياراً.. - قالوا.. إن الهلال انتهى.. وقالوا إن الهلال سيبدأ مرحلة العد التنازلي.. وقالوا.. وقالوا.. وشككوا في بطولات الهلال.. وشككوا حتى في جماهيريته. - لقد آن الأوان أن تسكت هذه الأقلام.. وهؤلاء (المبربرون) إلى الأبد.. لأنها أقلام كذبت وزوَّرت وغشَّت القارئ.. وكانت أقلاماً متحاملة كاذبة.. - والمشكلة.. أن هذه المقولات.. انطلت على البعض.. وهناك مَنْ صدقها.. ولكن.. كذَّبتها منجزات الهلال.. - الهلال.. يعلنها.. البطولة الخمسين.. بعد أن أعلن بطولة الدوري قبل نهايته بأسابيع.. تاركاً للآخرين التنافس على مراكز أخرى.. والتنافس على الهروب من الهبوط.. - وشكراً أيضاً لجماهير الهلال الوفية التي وقفت مع ناديها بالمؤازرة والتشجيع والدعم.. وكان لهذه الوقفات الصادقة بالغ الأثر في دعم مسيرة النادي.. وفي تحقيق هذه البطولات الكبرى. - وشكر خاص لسمو رئيس النادي الأمير عبدالرحمن بن مساعد الذي بذل وأعطى وضحى.. وقاد مسيرة النادي بكل مسؤولية وإخلاص.. قاد النادي بحكمة وحنكة وأوصله إلى هذه البطولات المستحقة. - نحن هنا لا نملك إلا أن نشكر سمو رئيس النادي على ما قدمه ويقدمه باستمرار؛ حيث استطاع إشاعة أجواء صحية داخل النادي.. واستطاع كسب ود الجميع.. واستطاع أن يقود ناديا بهذا الحجم.. نحو النجاح.. ويوصله إلى منصات التتويج بهذا المستوى المشرف. - خمسون بطولة ليست شيئاً سهلاً في عالم البطولات.. ولكنها بمقياس الهلال تبدو رقماً ليس صعباً. - وأخيراً.. شكراً للهلال.. الذي عدَّل مزاج الطلاب والطالبات.. والمدرسين والمدرسات.. والموظفين والموظفات. وأنسى الجميع هموم المدرسة.. وهموم الجامعة.. وهموم شوط دراسي جديد. - الهلال.. حوَّلها إلى عرس جميل.. وإلى مناسبة جميلة.. وإلى احتفال رائع.. وإلى كرنفال يستحق الشكر. - وشكراً لجمهور الهلال.. الذي احتفل بالبطولة الخمسين بعقلانية تعكس الروح الوطنية.. وتعكس من هو جمهور الهلال بالضبط. - وتحية من كل هلالي.. وكل منتسب للهلال.. لكل شخص يقف وراء هذه النجاحات.. ووراء كل تخطيط سليم ومدروس.. ووراء كل إنجاز هلالي. - كما يجب ألا نغفل هنا دور شخص نذر نفسه للهلال.. داعماً.. ومسانداً.. وعاملاً.. ومخلصاً.. وهو صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن مساعد بن عبدالعزيز.. الذي قاد الهلال لسنوات من النجاح والعطاء والبطولات، وأسَّس لمرحلة مهمة من تاريخ الهلال.. وبنى للهلال ركيزة قوية، ولم يترك الهلال يوم قرر ترك رئاسته.. بل بقي مخلصاً للهلال يُعطي للهلال ويبذل ويعمل ويخطط. - وبدون شك.. أن نجاحات الهلال وتفوق الهلال وحصوله على الخمسين بطولة.. واحتكاره للبطولات في السنوات الأخيرة.. ما كانت لتتم لولا وجود أمثال الأمير عبدالله بن مساعد.. داعمين ومساندين وقريبين من الهمّ الهلالي.. - وبصمات الأمير عبدالله بن مساعد في المسيرة الهلالية واضحة.. ومواقفه وإنجازاته ظاهرة.. حتى ولو حرص على أن يعمل في الخفاء.. وأن يبتعد عن الأضواء.. ولكن تظل هذه الجهود شاخصة أمام الجميع؛ لتصنع هذه النجاحات الهلالية وبلوغه (الخمسين) بطولة.. فهؤلاء الرجال يقفون بصمت وراء هذه النجاحات الهلالية.