يصل المبعوث الأميركي لعملية السلام جورج ميتشيل غداً الى رام الله للقاء الرئيس محمود عباس. وقال مسؤولون فلسطينيون ان عباس سيقدم الى ميتشيل خيارين من أجل العودة الى المفاوضات، الأول وقف الاستيطان، على الأقل خلال فترة المفاوضات، والثاني قيام الولاياتالمتحدة بالتفاوض مع اسرائيل بالإنابة على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967، مع تبادل أراضي بنسبة تصل الى ثلاثة في المئة لحل مشكلة الكتل الاستيطانية. في غضون ذلك، أفادت صحيفة «هآرتس» ان رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو رفض «اقتراح حل وسط» طرحه عباس بهدف استئناف المفاوضات يقضي بأن تجمد إسرائيل سراً أعمال البناء في مستوطنات القدسالمحتلة لمدة ستة أشهر. وقال مسؤول فلسطيني رفيع ل «الحياة» ان عباس سبق ان نقل اقتراح تفاوض أميركا بالإنابة عن السلطة، الى الجانب الأميركي عبر المبعوثين المصريين الذين زاروا واشنطن أخيراً والتقوا وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون والسيناتور ميتشيل. وأضاف ان عباس أبلغ زعماء الدول التي زارها أخيراً انه مستعد للعودة فوراً الى المفاوضات في حال أوقفت اسرائيل الاستيطان، وانه مستعد لقبول حل يقوم على إنشاء دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران (يونيو)، وانه مستعد لرفع نسبة تبادل الأراضي من 1.9 في المئة كما عرضها في المفاوضات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود اولمرت، الى 3 في المئة، من أجل إبطال مبررات نتانياهو في شأن مشكلة المستوطنات. وقال المسؤول ان نسبة ال 3 في المئة من الضفة تضم غالبية المستوطنات، وان عباس يقبل بالحصول على نسبة مماثلة من الارض من داخل «الخط الاخضر»، على ان تكون مساوية لها في النوعية والمساحة. وأضاف ان عباس أبلغ المبعوثين انه مستعد لمطالبة الجامعة العربية بعقد قمة عربية عاجلة، والمصادقة على هذا الحل في حال وافقت عليه اسرائيل. لكن المسؤول الفلسطيني قال ان عباس متشائم من إمكان قبول اسرائيل مثل هذا الحل، الأمر الذي يجعله يرفض العودة الى المفاوضات من دون وقف الاستيطان. وأضاف ان عباس يرى ان اسرائيل تريد المفاوضات من اجل مواصلة التغطية على مشاريع التوسع الاستيطاني، خصوصاً في مدينة القدس. وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جيمس جونز أبلغ عباس في لقائه معه مطلع الأسبوع الجاري ان الرئيس باراك اوباما يريد منه العودة الى المفاوضات، وانه جاد في التوصل الى حل سلمي للقضية الفلسطينية خلال فترة ولايته، كما حذره من ان اوباما هو افضل رئيس في البيت الأبيض يمكن الفلسطينيين ان يعملوا معه، وان اي تلكؤ في ذلك سيؤدي الى إضاعة فرصة ثمينة. لكن عباس رد بأن التفاوض في ظل الاستيطان يؤدي الى إضعاف السلطة الفلسطينية لأن الشعب الفلسطيني يرى في ذلك غطاء للاستيطان، مضيفاً ان الجانب الأميركي يريد شريكاً فلسطينياً ضعيفاً، وانه ان أراد شريكاً قوياً فعليه العمل على إلزام إسرائيل وقف الاستيطان ليصار الى إطلاق عملية سياسية ذات مغزى. وهذه الجولة هي التاسعة للمبعوث الأميركي منذ تعيينه مبعوثاً خاصاً لعملية السلام. ورجح مسؤولون فلسطينيون ان ميتشيل لا يحمل معه اي اقتراحات تؤدي الى حدوث اختراق في جولته الراهنة. وسيصل ميتشيل الى رام الله قادماً من اسرائيل التي يزورها اليوم. نتانياهو يرفض وقف الاستيطان سراً وكانت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أفادت أمس ان نتانياهو رفض «اقتراح حل وسط» طرحه عباس بهدف استئناف المفاوضات يقضي بأن تقوم إسرائيل بتجميد سري لأعمال البناء في مستوطنات القدسالمحتلة لمدة ستة أشهر. وبرّر نتانياهو رفضه، الذي نقله إلى عباس عبر الأميركيين، بأنه يعتزم العمل بمنتهى الشفافية مع الجمهور الاسرائيلي. وكان عباس قال لصحيفة «هآرتس» قبل نحو شهر أنه قدم مثل هذا الاقتراح في اتصال هاتفي بينه وبين وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك، لكن الأخير لم يرد عليه. وأضافت أوساط سياسية رفيعة المستوى ان نتانياهو يعتقد ان «اقتراح ابو مازن ليس بريئاً» إذ إن أمر التجميد في القدس سينكشف عاجلاً أم آجلاً «ولا يمكن في دولة ديموقراطية أن يمر مثل هذا الأمر بهدوء، وعندها سينفرط عقد الائتلاف الحكومي». واستبعدت هذه الأوساط أن تسفر جولة ميتشيل التي بدأت أمس عن نتائج ملموسة، ووصفت الزيارة بأنها لغرض «صون» العملية السياسية ولإظهار أن الولاياتالمتحدة ما زالت مهتمة في حل الصراع في مقابل الشكوك الأميركية في جدواها. وأضافت أن واشنطن تريد في الوقت ذاته منع موطئ قدم لكل من فرنساوروسيا والحيلولة دون تدخل كل منها وسعيها لعقد مؤتمر دولي للسلام «وعليه فإن الزيارة هي لملء الفراغ الحاصل منذ فترة ومنع روسياوفرنسا من دخوله». وأضافت الأوساط ان ميتشيل سيحاول في موازاة مطالبة الدول العربية التي يزورها بممارسة الضغط على السلطة الفلسطينية للعودة إلى طاولة المفاوضات، إقناع إسرائيل بتسليم السلطة الفلسطينية أراضي فلسطينية تقع في المنطقة المعروفة ب «A» لإقناع عباس بالعودة إلى طاولة المفاوضات. كما سيطالبها بالقيام بالمزيد من «اللفتات الطيبة» تجاه السلطة الفلسطينية مثل إطلاق أسرى فلسطينيين من سجونها وإزالة المزيد من الحواجز العسكرية وتخفيف الحصار عن قطاع غزة. وزادت أن ميتشيل قد يعلن خلال جولته الحالية دعم الولاياتالمتحدة إقامة دولة فلسطينية على أساس حدود عام 1967 مع تعديلات فرضتها التطورات على الأرض (إقامة الكتل الاستيطانية الكبرى) غرب الضفة الغربية وفي محيط القدس.