التحكيم لدينا لن يتطوّر مهما قُدمت له من برامج ودورات ومعسكرات وخبراء، والسبب أن هذا الحكم المراد تطويره يعاني الأمرين في هذه المهنة التطوعية، ونصف الحكام الموجودين تراودهم فكرة الاعتزال، وهجر هذا المجال إلى الأبد، وربما يلحقهم الكثيرون بعد أن يخوضوا تجربة أن تكون حكماً لكرة القدم في الدوري السعودي ليس هذا تشاؤماً بقدر ما هو إلا قراءة هادئة جداً في الوضع القائم، والمشكلة أن كل الأندية تعلق فشلها على هذا الحكم المسكين، بل قد تصل الأمور أحياناً إلى التشكيك في النوايا، وكل ناد يقول إنه المستهدف الوحيد، وليس من اليوم، بل منذ سنوات، والتحكيم حرم هذا النادي من المنافسة أو الحصول على البطولات من دون أن ينظروا حولهم ويبحثوا عن أسباب أخرى، هل سبق أن سمعتم أن نادياً اعترف بأن فريقه الكروي عجز عن مجاراة الفريق الفائز، نظراً لوجود فوارق فنية رجّحت الفائز على الخاسر؟ هل سمعتم من قبل أن نادياً حمّل لاعبيه ومدربه للخسارة، وبارك للفريق الفائز؟ قلنا وسنقول إن الحكم يخطئ، ويمكن بقرار تقديري أن يحوّل الفوز من فريق إلى آخر، وستستمر هذه المعاناة إلى ما لا نهاية، سواء كان الحكم محلياً أم خارجياً، لم يوجد بعد الحكم الذي يستطيع أن يطبق قانون الكرة بحذافيره، ويخرج من المباراة من دون أخطاء، وهذه الأمور يدركها الجميع، لكن أن يوضع الحكم في موقف التعمد، فهذا أمر يحتاج الى دليل، وقد سبق ان سمعنا ان هناك حكاماً في دول خارجية تلاعبوا بنتائج مباريات معينة لمصلحة فرق ضد اخرى، كما حدث في الدوري الايطالي عام 2006 على ما اعتقد، لكن الحكم المحلي سيظل نزيهاً ما لم يثبت العكس، لكن مشكلة الحكم المحلي انه يقود مباريات تحت ضغوط إعلامية وإدارية وشرفية، تصل تلك الضغوط الى الحد الذي يفقد فيه الحكم التركيز ويتردد في قراراته، خصوصاً لمصلحة اندية معينة ضد أخرى، وقد نجحت بعض الحملات الإعلامية في اخرج الحكم من هدوئه وتميزه، وفقد معها السيطرة، فكثرت الاخطاء منه، واستغلها من يستفيد من هذا الوضع، لتأكيد ان الحكام يحابون اندية ضد اخرى، فأصبحنا في دوامة قد لا تنتهي، وهي لن تنتهي ما دام ان الوضع كما هو الآن، نعم للحكام أخطاؤهم المشاهدة، سواء لدينا هنا او حتى في الدوريات الخارجية، وشاهدنا أخطاء فادحة من حكام اجانب دوليين قد تصل الى درجة الاضحاك، بل اننا شاهدنا وتابعنا منتخبات عالمية تخرج خاسرة في مناسبات عالمية مثل نهائيات كأس العالم، أضف الى ذلك ان الكثير من اللجان التابعة لاتحاد الكرة تتعرض الى الكثير من التهجم والتشكيك في عملها وقراراتها، ما افقدها السيطرة على تلك القرارات، كما ان الاستوديوهات التحليلية لأداء الحكام زادت من التوتر في الوسط الرياضي، فهي على رغم وجود المختصين فيها، تنتقي حالات يكثر الجدل عليها، وتصدر قرارات احياناً تخالف الواقع، أي ان المحلل او الخبير التحكيمي لا يثقف كما هو يعتقد، انما يسكب الزيت على النار. هذا الوضع القائم اذا ما لم يتم إيجاد آلية لحماية الحكام، وفي الوقت نفسه وضع كنترول على الحكم من المعنيين عنه، فستظل الأمور عشوائية، الكل يدلي بدلوه في أمور قد لا يفقه فيها. [email protected]