يحظى الدبس بمكانة خاصة على موائد القطيفيين، وبخاصة الرمضانية. ويدخل في مكونات عدد من الأطباق، أبرزها «العصيدة»، كما يضاف إلى «اللقيمات». فيما يتداول الأهالي فوائد صحية عدة للدبس المستخلص من تمور النخيل، لافتين إلى إمكان استخلاص عددٍ من الأدوية والمضادات الحيوية والفيتامينات منه، لاستخدامها كعقاقير في الوصفات الطبية وعلاج بعض الأمراض. وأشار المزارع إبراهيم الجارودي إلى أن من أفضل أنواع التمور لصناعة الدبس «الخلاص» و«البكيرة»، منوهاً إلى أنهما يتميزان بلونهما المصفر، مشيراً إلى أن دبس تمر الخنيزي يميل لونه للسواد، ويسمى «الدبس الأسود». وذكر أنه تعلم صناعته من والده وإخوانه، مشيراً إلى أن أهالي القطيف يفضلون الدبس الأبيض. وتحدث عن مراحل صناعة الدبس، قائلاً: «نقطعه من النخلة التي لا يوجد فيها بسر، وتغسل عذوق النخلة، وبعدها تنشر في الشمس على مكان نظيف، ويترك لمدة يومين». وتابع الجارودي الذي يعمل في صناعة الدبس لأكثر من 35 عاماً: «يقلب بعدها، ثم يترك لمدة يومين أو ثلاثة، حتى يجف، ثم يوضع في المسحة، وهي جهاز صنع الدبس، ثم يوضع التمر على الجريد أو وعاء كبير، وأسفله شرائح، ويضغط التمر ويستخرج منه عصير الدبس، ويصب في وعاء، وإذا امتلأ نحضر وعائيين نظيفين، ويصفى الدبس». وشدد على أهمية دبس التمر في علاج الروماتيزم، وسرطان المخ، قائلاً: «إن الدبس يعد مضاداً للسرطان، لاحتوائه على «السلينيوم»، وعلاجاً للحموضة في المعدة لاحتوائه على الكلور والصوديوم والبوتاسيوم»، مبيناً أن «الدبس يساعد على تقليل تشكل الحصيات في المرارة، ويساعد في تسهيل مراحل الحمل والولادة والنفاس، لاحتواء دبس التمر على الألياف الجيدة، والسكريات السريعة الهضم». واعتبر الجارودي دبس التمر «وجبة متكاملة للأطفال، لاحتوائه على نسبة عالية من جميع العناصر التي تحتاجها أجسامهم، من الكالسيوم والصوديوم والفيتامينات والحديد واليود، وغيرها، لذلك كانت الأمهات قديماً يستخدمنه كعنصر أساسي لا غنى عنه لغذاء الأطفال». وقال: «يوصى بأكل دبس التمر على الريق للأشخاص الذين يعانون من الديدان بجميع أنواعها، والتي يعاني منها الأطفال بشكل خاص». بدوره، نوه المزارع علي عبدالجبار إلى أن هناك طرقاً عدة لتحضير الدبس وصناعته، منها طرق شعبية قديمة، وهناك أخرى حديثة، موضحاً أن «الطرق القديمة تكون عن طريق «الجندود»، إذ يوضع التمر في «قلات» (جمع «قلة»، أوعية خوصية)، ثم توضع على بعضها، وترص، ومن ثم يسيل الدبس، ثم يتم جمعه في الأواني الخاصة، تمهيداً لاستهلاكه». وأضاف عبدالجبار، الذي يمارس صناعة الدبس منذ خمسة أعوام: «هناك «المسحة»، وهي غرف خاصة يجمع فيها التمر، فيسيل الدبس في أخاديد، تعمل من أجل تجميعه، ثم يأخذ ويوضع في أواني خاصة». وأوضح أن «الخزانات محلية الصنع يوضع التمر فيها بأكياس مثقوبة، ثم ترص فيسيل الدبس عبر فتحات ومواسير يتم التحكم فيها من طريق محابس، ويوضع في الأواني، تمهيداً لاستهلاكه». وعدّد أفضل أنواع التمور لصناعة الدبس، مؤكداً أن أشهرها تمر الخلاص والخنيزي والشيشي والبكيرات، وهناك المخلوط، وكلٌّ له مواصفاته وشهرته وفوائده. واستعرض بعضاً من هذه الفوائد، إذ إنه «يعمل على خفض نسبة الكولسترول في الدم، والوقاية من تصلب الشرايين، لاحتوائه على «البكتين»، وأنه يمنع الإصابة بسرطان الأمعاء الغليظة والوقاية من مرض البواسير. وذكر أنه يساعد على منع تسوس الأسنان لاحتوائه على «الفلور»، ويقي من السموم لاحتوائه على «الصوديوم» و«البوتاسيوم» وفيتامين «ج». كما يعمل على علاج فقر الدم الأنيميا، لاحتوائه على الحديد والنحاس وفيتامين «ب»، ويعالج الكساح ولين العظام، لاحتوائه على «الكالسيوم» و«الفسفور» وفيتامين «ب». وأفاد أن دبس التمر يشكل أفضل علاج لفقدان الشهية، وضعف التركيز لاحتوائه على «البوتاسيوم»، مشيراً إلى فائدته في علاج الضعف العام وخفقان القلب لاحتوائه على «المغنيسيوم» و«النحاس». وتابع العبدالجبار بقوله: «إن الدبس يعتبر علاجاً لجفاف الجلد وجفاف قرنية العين، ومرض العشى الليلي، لاحتوائه على فيتامين «أ»، وعلاجاً لأمراض الجهاز الهضمي العصبي، لاحتوائه على فيتامين «ب». وأشار إلى أن الدبس يسهم في علاج سقوط الشعر وإجهاد العينين والتهاب الأغشية المخاطية لتجويف الفم والتهاب الشفتين لاحتوائه على فيتامين «ب2»، إضافة إلى علاج الالتهابات الجلدية.