نصح الرئيس السابق للمحكمة العليا في إسرائيل القاضي المتقاعد أهارون باراك امس المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز بتعيين «لجنة تحقيق رسمية» برئاسة قاض أو «لجنة فحص حكومية» يعينها أحد الوزراء، لمتابعة معالجة «تقرير غولدستون» الذي دان إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة خلال حربها قبل عام. ورأى باراك أن تشكيل لجنة كهذه من شأنه أن يسهّل مهمة الولاياتالمتحدة فرض (فيتو) على مشروع قرار يتوقع أن يقدم في آذار (مارس) المقبل لمجلس الأمن لنقل «تقرير غولدستون» إلى المدعي العام في المحكمة الجنائية في لاهاي. ويرى القاضي المتقاعد أنه فقط «لجنة مع اسنان» مخولة استدعاء جنود إسرائيليين لتقديم إفادات أمامها، يمكن أن تقنع المجتمع الدولي بجدية التحقيقات الإسرائيلية. وكان باراك الذي يحظى بثقل كبير في الأوساط القضائية الدولية، رفض فكرة أن يترأس لجنة من رجال القانون تكون مهمتها دحض الادعاءات التي وردت في «تقرير غولدستون» ودعم التحقيقات الداخلية التي أجراها الجيش الإسرائيلي، علماً أن وزارتي الخارجية والقضاء ما زالتا تسعيان إلى تعيين لجنة كهذه من رجال قانون إسرائيليين ودوليين من الأخصائيين في قوانين الحرب والقانون الدولي تناط بها مهمة فحص التحقيقات الداخلية التي أجراها الجيش، لكن من دون أن تكون لها صلاحيات تحقيق. من جهته، لم يحسم مزوز موقفه بعد من شكل اللجنة المستوجب إقامتها، أو عدم تشكيل أي لجنة على الإطلاق والاكتفاء بالتقارير التي أصدرها الجيش الإسرائيلي في شأن التحقيقات التي أجراها الأخير بنفسه. ولم يعرف بعد ما إذا كان سيحسم أمره قبل انتهاء ولايته أواخر الشهر الجاري. يذكر أن وزير الدفاع ايهود باراك يتبنى موقف رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غابي أشكنازي الرافض تماماً إجراء أي «تحقيق خارجي» مع جنوده بداعي أن من شأن ذلك أن يمس بصدقية الجيش، فضلاً عن تعريض ضباط وجنود شاركوا في الحرب إلى المساءلة القانونية. وكانت أنباء صحافية سابقة أفادت بأن الحكومة الإسرائيلية تبحث في تشكيل لجنة فحص للتجاوب مع «تقرير غولدستون» الذي دعاها الى التحقيق في غضون ستة أشهر في الممارسات الإشكالية للجيش الإسرائيلي خلال الحرب. وأضافت أن تشكيل لجنة كهذه هو «تحقيق لأغراض خارجية»، أي أن تشكيلها قد يفيد إسرائيل في الحلبة الدولية. وأشارت إلى أنه حتى وزير الدفاع الذي عارض في السابق بشدة تعيين لجنة فحص من خارج الجيش، عدّل موقفه بعد أن فهم أن مشكلة إسرائيل ليست مع جيشها إنما مع العالم. وتصف مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى «تقرير غولدستون» بأنه «اوجد تسونامي سياسياً واقتصادياً كبيراً، بدءاً بمشاكل سفر سياسيين وضباط كبار إلى الخارج، وحتى فرض المقاطعة على البضائع الإسرائيلية في الأسواق الأوروبية». وقبل أسبوعين، زار وفد أميركي برئاسة نائب وزيرة الخارجية لحقوق الإنسان إسرائيل في محاولة لإقناع أركانها بالتحقيق في خمسة حوادث قتل فلسطينيين خلال الحرب على غزة، مبيناً أن من شأن تحقيق جدي أن يقطع الطريق على جهات دولية تسعى الى تحويل التقرير على المدعي العام في لاهاي.