في مؤشر جديد إلى تصاعد الاهتمام الإقليمي والدولي الهادف إلى حل أزمة دارفور والدعم الإقليمي والدولي لدور الدوحة في شأن احتضان مفاوضات السلام السودانية بين الحكومة السودانية والحركات المسلّحة حول دارفور، شهدت العاصمة القطرية أمس اجتماعاً دولياً تحت عنوان «ورشة العمل للخبراء الدوليين حول عملية السلام في دارفور». وشارك في الاجتماع الدولي ممثلون للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والبعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة (يوناميد) والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ودول أخرى بينها سريسرا والسويد واليابان والنمسا وكندا وهولندا. وأعلنت قطر على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية أحمد بن عبدالله آل محمود الذي ترأس بلاده اللجنة العربية الأفريقية المعنية بسلام دارفور، عقب افتتاح الاجتماع الدولي الذي بحث في عملية سلام دارفور والخطوات التي تمت حتى الآن والتحديات والعقبات في هذا الشأن، أن موعد الاجتماع بين حركات دارفور المسلحة والحكومة السودانية المقرر في 24 الشهر الجاري «ما زال قائماً». لكن الوزير القطري لفت إلى استمرار المشاورات في هذا الإطار، موضحاً أن وفوداً من حركات دارفور ستصل إلى الدوحة قبل موعد الاجتماع مع الحكومة السودانية. وبرزت تطورات مهمة في الاجتماع المغلق الذي عُقدت جلسته الافتتاحية ومداولاته بعيداً من أنظار الصحافيين، إذ أفيد بأن المجتمعين عرضوا لتطور العلاقة السودانية - التشادية والاجتماع بين مستشار الرئيس السوداني غازي صلاح الدين ورئيس «حركة العدل والمساواة» خليل إبراهيم، كما ناقشوا العقبات التي تقف أمام العملية السلمية في دارفور ونتائج المشاورات التي أجريت مع حركات متمردة في دارفور وبينها «حركة تحرير السودان» بقيادة عبدالواحد محمد نور. وأفادت معلومات في الخرطوم أمس أن صلاح الدين الذي عاد الى العاصمة السودانية من نجامينا يرافقه مدير جهاز الأمن الفريق محمد عطا اتفق في لقاء سري مع خليل إبراهيم على التهدئة في دارفور ووقف المواجهات العسكرية من أجل تهيئة الأجواء لإجراء محادثات سلام مقررة في الدوحة في 24 كانون الثاني (يناير) الجاري. وعلم أن خليل تمسك بتنفيذ اتفاق حسن النيات الذي وقعه الطرفان قبل نحو 11 شهراً في الدوحة واطلاق الأسرى والمعتقلين من عناصر حركته الذين شاركوا في الهجوم على أم درمان، كما طرح مقترحات وعد غازي صلاح الدين بالرد عليها لاحقاً. وجاء ذلك في وقت توحدت فصائل متمردة في دارفور خلال اجتماع عقد امس في لبيا وقرر الانضمام الى مفاوضات الدوحة المقبلة. وأطلق على التجمع السياسي الجديد اسم «جيش تحرير السودان - القوى الثورية»، ويضم «حركة/جيش تحرير السودان - القيادة الميدانية»، و «حركة تحرير السودان - قيادة الوحدة»، و «الجبهة الوطنية للديموقراطية والعدالة والتنمية»، و «الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية»، و «جبهة القوى الثورية المتحدة»، و «حركة تحرير السودان» برئاسة خميس عبدالله بكر. وشددت الحركة الجديدة على «وحدة السودان أرضاً وشعباً، وفق معايير موضوعية جديدة تعبر عن النسيج الاجتماعي لشعب السودان»، كما أكدت «ان خيار التفاوض السلمي خيار استراتيجي للوصول إلى سلام عادل ودائم في دارفور»، لكنها لم تستبعد العودة إلى الحرب إذا أرغمت على ذلك. وأعلنت الحركة الوليدة أن الباب ما زال مفتوحاً لكل الحركات الأخرى السياسية والعسكرية للانضمام إليها لتحقيق الوحدة الشاملة والكاملة. وشكلت الحركات الموحدة هيئة قيادية تتألف من نائب رئيس هيئة المجلس الأعلى عبدالعزيز يوسف أبو لموشة ومحجوب حسين سكرتيراً عاماً ومحمد إبراهيم مستشاراً وعلي مختار علي قائداً عاماً وعبدالمجيد دوسة رئيس مجلس التحرير. ولم تشارك أكبر الفصائل المسلحة في دارفور في التجمع الجديد المعلن في ليبيا، وهي «حركة العدل والمساواة» و «حركة/جيش تحرير السودان» الذي يتزعمه عبد الواحد محمد نور. في غضون ذلك، أكد الوسيط الدولي الأفريقي جبريل باسولي ل «الحياة» في الدوحة أنه التقى أول من أمس في باريس عبدالواحد نور رئيس «حركة تحرير السودان»، وأعرب عن اعتقاده أن نور سيشارك في جولة مقبلة في إطار مفاوضات الدوحة وأنه «سيجد الطريقة الأفضل للمشاركة». وسألته «الحياة» عن اجتماع مستشار الرئيس السوداني ورئيس «العدل والمساواة» الدكتور خليل إبراهيم قبل أيام في تشاد، فرد بأن الاجتماع «مهم جداً، ومن الرائع أنهما يجلسان معاً ويتحدثان». أما في شأن الجهة التي بادرت بتنظيم الاجتماع، فأشار إلى «كل الأطراف»، معتبراً أنها مبادرة من «حركة العدل والمساواة وتشاد ومنّي (من باسولي)». وقال الوزير القطري أحمد بن عبدالله آل محمود رداً على سؤال ل «الحياة» عن أهداف اجتماع الخبراء الدوليين في قطر، فأجاب بأن الاجتماع بحث في موضوع الجولة المقبلة من مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة و «يهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف في صدارتها اطلاع المجتمع الدولي على التصورات وخطط العمل التي تقوم بها الوساطة (العربية الأفريقية برئاسة قطر) والعقبات التي تواجهها والإنجازات التي حققناها وتبادل الرؤى في هذا الشأن». وأفاد آل محمود أن الهدف الثاني للاجتماع يكمن في الحصول على استمرار دعم المجتمع الدولي لخطط الوساطة ومسيرة السلام، أما الهدف الثالث فهو «أن يكونوا معنا (يقصد ممثلي المجتمع الدولي) في دعم الوصول إلى عملية السلام الشامل». وقال «إننا سنستفيد من خبراتهم (الدولية)، كما استفدنا من ورشة دولية سابقة استضافتها قطر». وأشار الوزير القطري إلى أن اجتماع الدوحة أمس شارك فيه مفوض الاتحاد الأفريقي للسلم والأمن الأفريقي رمضان العمامرة ونائب الأمين العام للجامعة العربية أحمد بن حلي. وعن مدى التفاؤل بنجاح الدور القطري في حل أزمة دارفور، قال آل محمود إنه «عندما طلب منا الدخول في هذه القضية (الوساطة) بدأنا العمل في حل مشكلة دارفور ونحن نعلم أنها مشكلة معقّدة، وكما يقول البعض فهي أعقد مشكلات القرن. لكن لدينا الصبر والإرادة لنقوم بواجبنا ولدينا الأمل في أن نحقق النجاح». ولفت في هذا الإطار إلى أن «أشياء كثيرة (تطورات ايجابية) حدثت (في مسيرة سلام دارفور) وأموراً كثيرة تحركت وآخرها الاجتماع الذي عقده (قبل أيام) مستشار الرئيس السوداني غازي صلاح الدين والدكتور خليل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة، إضافة إلى اجتماعات عقدناها في الدوحة مع حركات (دارفورية)، وآخرها تلك التي تمت مع مجموعة أديس ابابا ومجموعة طرابلس وحركة العدل والمساواة». وأشار إلى أن تلك الحركات أكدت حرصها على السلام، وقال «إن هذا يجعلنا نتفاءل بتحقيق السلام على رغم أن لكل حركة (دارفورية) هدفها، لكننا نحاول تحقيق ما نستطيع بوساطة نزيهة». الانتخابات السودانية واقترب امس موعد قفل باب الترشيح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد أربعة أيام. وقالت المفوضية أمس إن 13 مرشحاً سحبوا وثائق الترشح لمنصب رئيس الجمهورية من بينهم 7 يمثلون أحزاباً و6 مستقلين. وذكرت أن عمر حسن البشير المرشح الوحيد الذي أكمل متطلبات ترشيحه، كما سحب 530 وثائق ترشيحهم للمناصب التنفيذية والتشريعية. وسحب أوراق الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية بجانب البشير («حزب المؤتمر الوطني») محمد ابراهيم نقد («الحزب الشيوعي») وعبدالله دينق نيال («حزب المؤتمر الشعبي») ومبارك الفاضل المهدي («حزب الأمة - الإصلاح والتجديد») ومحمد الحسن الصوفي («حزب الإصلاح الوطني») وفاطمة عبدالمحمود («تنظيم الاتحاد الاشتراكي السوداني الديموقراطي») ومختار عبيد مختار («حزب التقدم والعدالة الاجتماعية») ويوسف الكودة («حزب الوسط الإسلامي»). كما ترشح كل من قرنق طوج قرنق، ومحمود أحمد جحا، وعبدالرحيم أحمد محمد أبنعوف، والدكتور عبدالله علي إبراهيم، وخالد الشامي الفكي، ومحمد عبدالقادر الأرباب مستقلين. وأصدر الرئيس عمر البشير مساء الأحد مرسومين رئاسيين، قضى الأول بإعفاء سبعة من حكام الولايات الشمالية ال 15 من مناصبهم وكلّف الثاني آخرين القيام بمهمات الولاة المقالين.