توجّه رئيس الحكومة الجزائرية عبد المالك سلال على رأس وفد وزاري كبير أمس، إلى ولاية غرداية التي تشهد مناوشات منذ أيام أدت إلى مقتل أكثر من 24 شخصاً وفق حصيلة رسمية، فيما بدأ الجيش عملية انتشاره بعد تكليفه من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتسلم زمام الأمور في الولاية تحت قيادة الجنرال عبد الرزاق الشريف. وزار سلال غرداية أمس، إثر مواجهات عرقية نشبت منذ 3 أيام بين العرب والميزابيين (أمازيغ)، ونقل لسكانها رسالة تهدئة من الرئيس بوتفليقة الذي اتخذ حزمة إجراءات لمعالجة الأزمة مساء أول من أمس. وكلّف بوتفليقة الجيش بمتابعة الوضع الأمني في غرداية لوضع حد للمواجهات واستعادة الاستقرار، وذلك خلال اجتماع عقده لبحث أحداث العنف في ولاية غرداية حضره رئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح ورئيس ديوان الرئاسة أحمد أويحيى ورئيس الحكومة. وأمر بوتفليقة سلال ب «السهر مع وزير العدل حافظ الأختام على أن تتكفل النيابة العامة بسرعة وبحزم بكل خروق القانون عبر ولاية غرداية لاسيما المساس بأمن الأشخاص والممتلكات». وذكر سلال في طريقه إلى غرداية أن «الدولة ستكون بكل مؤسساتها بالمرصاد لكل من تسوّل له نفسه المساس بأمن وسلامة مواطنيها ولكل مَن يحاول المساس بوحدة البلاد واستقرارها ومَن يحاول عرقلة ما تم تحقيقه من مكتسبات على كل الصعد وستسهر الدولة على إرساء مقومات العدالة بكل صرامة وتحقيق كل ما من شأنه ضمان السلم والأمان». وكُلِّفت الحكومة وفق بيان الرئاسة ب «السهر تحت سلطة رئيس الوزراء على تسريع تنفيذ البرامج الخاصة ببعث التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعودة الأمور إلى مجاريها عبر ولاية غرداية». وفي وقت سابق، أكد شهود عيان مقتل شخصين على الأقل ليل الأربعاء - الخميس إثر مواجهات معزولة في القرارة وبعض مدن غرداية. وتقع غرداية على بُعد نحو 600 كيلومتر من مدينة الجزائر، ويعيش فيها العرب مع أبناء الأمازيغ من عرق بني ميزاب. وشهدت المنطقة اشتباكات كثيرة بدأت في بريان عام 2008، إذ يتنافس العرب والأمازيغ على الوظائف والمنازل والأراضي المخصصة للبناء. وأعلن آلاف التجار الميزابيين أمس، الإضراب العام وأغلقت محال غرداية، كما التزم الإضراب تجار ميزابيون في العاصمة ومدينة وهران غرب الجزائر. ووجهت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين نداء إلى سكان الولاية بتفادي «نداءات الفتنة» التي تحرض على الاقتتال. وقال مسؤول أمني ل «الحياة» إن فرقة أمنية مكلفة بمراقبة محتوى مواقع ومدونات على شبكة الإنترنت ترصد «كماً غير مسبوق من دعوات الاقتتال بين الأمازيغ والعرب». ولعل أكثر ما يثير القلق في غرداية هو انتشار الأسلحة الرشاشة على نطاق واسع، ما أثار دهشة السكان المحليين. ونُقل عن مصادر مأذون لها أن اللواء الشريف عبد الرزاق المكلَّف بإعادة الأمن إلى المنطقة، وضع مسألة تطهير غرداية من السلاح غير المرخص على رأس الأولويات.