المركزي الروسي يرفع سعر الروبل أمام العملات الرئيسية    أمطار رعدية غزيرة وجريان للسيول في عدة مناطق بالمملكة    جمعية الأسر الاقتصادية تطلق هويتها الجديدة    قوات الأمن العراقية تقضي على قيادي في تنظيم "داعش" الإرهابي    "ستاندرد آند بورز" ترفع تصنيف المملكة الائتماني عند "A+"    زلزال بقوة 5.4 درجات يضرب شبه جزيرة ميناهاسا في إندونيسيا    واشنطن تطرد سفير جنوب إفريقيا    إنجاز سعودي في الأولمبياد الشتوي الخاص    إندريك يحل مكان نيمار المصاب في تشكيلة البرازيل    ولي العهد يهنئ السيد مارك كارني    قصر ضيافة ومباني فندقية وسكنية في مزاد "جود مكة"    الدفاع المدني يكثف جولاته التفتيشية بالمدينة خلال رمضان    تفعيل مبادرة صم بصحة في فعالية إفطار حي خضيراء الجماعي    ضمك يحقق الفوز على القادسية في دوري روشن    النصر يتفوق على الخلود بثلاثية    القبض على باكستانيين في الشرقية لترويجهما الشبو والحشيش    إفطار رمضاني يجمع صحافيي مكة على إطلالة البيت العتيق    فيديو.. غضب رونالدو بسبب استبداله أمام الخلود    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    20 جولة تبخير وتطييب للمسجد الحرام يوميًا خلال رمضان    محاريب المسجد النبوي لمسات معمارية إسلامية ميزتها النقوش والزخارف البديعة    السفير المناور يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه سفيرًا لدى المكسيك    الكشافة يقدمون خدماتهم لزوار المسجد النبوي    جمعية حفظ النعمة تحفظ فائض وجبات الإفطار في المسجد النبوي الشريف    منتدى منافع الثالث يعزز الاستدامة والاستثمار في خدمة ضيوف الرحمن    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    إطلاق 16 كائنًا فطريًا في محميات العلا    أمير منطقة المدينة المنورة يطلق حملة "جسر الأمل"    الفتح يتغلب على الرائد بثلاثية    ولي العهد‬⁩ والرئيس الروسي يستعرضان هاتفيا جهود حل الأزمة الأوكرانية    تحقيق أممي: الاحتلال يرتكب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين    المملكة ترحب باتفاق ترسيم الحدود بين جمهوريتي طاجيكستان وقرغيزستان    أمانة القصيم تُعلن جاهزيتها لانطلاق مبادرة "بسطة خير السعودية"    جمعية العناية بالمساجد " إعمار " تنفذ برنامج " سقيا المصلين "    اكثر من 100 معاملة يتم إنجازها يومياً بالمنطقة عبر مبادرة الفرع الافتراضي    قطاع ومستشفى بلّحمر يُنفّذ حملة "صُم بصحة"    قطاع وادي بن هشبل الصحي يُفعّل حملة "صُم بصحة"    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    محافظ الطائف يناقش تقرير لجنة الأسواق الشعبية    "بسطة خير السعودية" تنطلق لدعم 80 بائعًا متجولًا بالشرقية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    جامعة الملك عبدالعزيز تحتفل بيوم العلم السعودي بسباق "راية العز"    جامعة أمِّ القُرى تحتفي بيوم العَلَم    مكة في عهد يزيد بن عبدالملك بن مروان.. استقرار إداري رغم التحديات السياسية    طيبة الطيبة.. مأرز الإيمان    عَلَم التوحيد    العلا.. تضاريس ساحرة ونخل باسق    في معنى التأمل    المشي في رمضان.. رياضة وصحة    نصائح لمرضى الكلى في رمضان.. يجب الالتزام بأساليب التغذية السليمة    تزامنًا مع يوم العلم السعودي.. "بِر جازان" تطلق مبادرة "حراس الأمن في عيوننا"    الصين تتفوق عسكريا على أمريكا    خناقة بمسجد!    مباحثات جدة الإيجابية "اختراق كبير" في الأزمة الروسية الأوكرانية    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    تعهد بملاحقة مرتكبي انتهاكات بحق وافدين.. العراق يعيد مواطنيه من «الهول» ويرمم «علاقات الجوار»    مشروع الأمير محمد بن سلمان يحافظ على هوية مسجد الجامع في ضباء    سعوديات يدرن مركز الترميم بمكتبة المؤسس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفران تدوير النفايات في جبل المقطم تهدّد حياة العمال والسكان
نشر في الحياة يوم 09 - 07 - 2015

يشكّل «حي الزبالين»، أحد الأحياء العشوائية في منشأة ناصر شرق القاهرة، والذي يقطن فيه حوالى 35 ألف نسمة، واحداً من أكبر معامل جمع القمامة وإعادة تدويرها في مصر، حيث يتم تدوير نحو 3200 طن من المخلفات يومياً، بحسب أحد العاملين في مصانع تدوير النفايات.
ويبلغ عدد ورش جمع المخلفات وفرزها وإعادة تدويرها نحو 700 ورشة، تقع جميعها تحت بيوت الحي. وعلى امتداد ساعات النهار، تجوب سيارات النقل الكبيرة والمتوسطة، شوارع الحي، لتفرغ حمولاتها أمام هذه البيوت، حيث يشرع العاملون، ومعظمهم نساء وشباب وأطفال لا تتجاوز أعمارهم ال8 أعوام، بفرز النفايات بأيديهم العارية، لتتبعها عملية التصنيف.
ويروي الشاب العامل في مصنع التدوير ل«مدرسة الحياة» المراحل التي يمرّ بها التعامل مع القمامة داخل المصنع، ويقول إنه يتم فصلها لتتلائم كل مجموعة مع الصناعة المطلوب إعادة تدويرها، مثل القماش والزجاج والألومنيوم، فضلاً عن المنتجات الغذائية التي تخصص لإطعام الحيوانات الموجودة فوق أسطح المنازل وفي الشوارع.
في حارة ناصيف عطية، في «حي الزبالين»، يعيش نحو 10 آلاف شخص، وفيها يمكن مشاهدة سحب الدخان الأسود تتصاعد جراء أعمال الصهر في مسابك الألومنيوم الموجودة فوق أسطح المنازل، وتسبّب لغير المعتادين عليها، تهيّجاً في الأنف والعينين للوهلة الأولى، كما تترك أثراً داكناً على جدران المنازل.
يقول شاب ل«مدرسة الحياة»، إنه بدأ العمل في مسابك صهر الألومنيوم منذ كان عمره 6 سنوات، مثل معظم أبناء الحي، بعدما ترك التعليم مبكراً. وبدأ العمل في مصانع جمع القمامة، لكنه يذكر أن العمل في المسابك يجني أرباحاً أكثر. ويضيف: «من بين النفايات نقوم باستخراج علب المياه الغازية المصنوعة من الألومنيوم والتي توضع لمدة ساعة في أفران تصل درجة حرارتها إلى 300 درجة مئوية للحصول على ألومنيوم منصهر خال من الشوائب، وتحويلها إلى كتل تزن الواحدة منها نحو خمسة كيلوغرامات».
يقف الشاب (18 عاماً) أمام الفرن لأكثر من 12 ساعة يومياً، من دون أن يضع كمامة صحية على وجهه الملطّخ بالسخام، أو يرتدي سترة تقيه عوادم هذه المخلفات. ولدى سؤاله عما إذا كان خائفاً على صحته من الأمراض التي يسببها العمل في هذا المكان، يجيب أن «العائد المادي هو الذي ينتظره، بغضّ النظر عن الموت أو المرض».
في الشارع الضيق، يبدو واضحاً وجود ثلاثة مسابك غير مرخصة، ولا يخضع إنتاجها لأي رقابة من أي جهة، بالإضافة إلى عشرين فرناً تم حفرها بعمق 5 أمتار في قلب جبل المقطم، المتاخم لبيوت منشأة ناصر، ليجري في أحشائها، صهر المادة المعدنية المفروزة من القمامة، على رغم ما يعانيه الجبل من تسرّب المياه الجوفية في باطنه، ويهدّد القاطنين في محيطه والبيوت الواقعة أسفله، من تصدّع كتله الصخرية.
في هذا السياق، يؤكد الرئيس السابق ل«هيئة الثروة المعدنية»، الجيولوجي فكري يوسف، أن هذه الأفران تتسبب بتسخين الصخر على درجة حرارة عالية، ثم يبرد مرة أخرى، ما يعرض الكتل الصخرية إلى تشققات وتصدعات، كما تؤثر، في الوقت ذاته، على سلامة المباني السكنية المتاخمة لها، خاصة إذا كانت هذه المسابك مبنية من الحجر الجيري وبقايا الرخام، وليس «الزلط»، ما يسبب الانهيارات.
أما روماني موسى (50 عاماً)، فيعرض أوراقاً تؤكد إصابة بعض قاطني الشارع الذي يسكنه 10 آلاف شخص بأمراض متشابهة، ويعاني الإطفال خصوصاً من الحساسية في الصدر والتهاب الأنف والعينين واحتقان مزمن في الجيوب الأنفية، كما يبرز أوراقاً أخرى من مستشفى علاج السرطان، حصلت «مدرسة الحياة» على نسخ منها، تكشف إصابة عدد من سكان الحي بأورام سرطانية.
ويعرض موسى الشكوى التي رفعها الدكتور جلال السعيد إلى محافظ القاهرة، لكن شيئاً لم يتغيّر، على رغم تردده على مكتب المحافظ للبت في شكواه.
ويوضح أمين عام «اتحاد خبراء البيئة العرب»، مجدي علام، أن أزمة التلوث البيئي في منشأة ناصر لا تقتصر على المحيط السكني في داخلها، إذ بسبب طبيعة المنطقة المرتفعة تنتقل إلى وسط القاهرة وغربها، وتختلط بملوثات منطقة صناعية مثل الوايلي، فضلاً عن عوادم السيارات في الأماكن المتكدسة.
ويضيف علام أنه يُحظر في كل دول العالم النشاط الصناعي في الأماكن السكنية، لكن هذه الأحياء العشوائية التي بُنيت من دون تخطيط، وبوضع اليد، سقطت من حسابات المسؤولين، ولا يضبط رئيس الحي المخالفات القانونية فيها.
ويحذّر من أن المخلفات قد تحتوى على معادن ثقيلة ك«الزئيق»، مشيراً إلى أن سحب الدخان تحتوي على غازات ضارة أو سامة، منها «أكاسيد الكربون أو الأمونيا، والنيتروجين، والديكوسين، وهي مواد جميعها سامة ومسرطنة». كما يؤكد أن «هذا المستوى من الصناعة لا يلتزم بقوانين البيئة باستخدام مواد أولية من المعادن، أو خام الألومنيوم، والتكنولوجيا النظيفة، لكنه يعتمد على الوقود المرتجع، وعناصر من «الخردة»، مثل إطار البطاريات المعدنية، وقطع غيار السيارات».
ويتابع أن «أكثر المتضررين منها هو العامل الذي يقف لساعات طويلة أمام هذه الأفران، وتصيب بشكل مباشر الرئة والعين والجلد بحساسية مزمنة وأورام سرطانية، بالإضافة إلى السكان المحيطين بهذه الأنشطة الصناعية الذين يكونون في أضعف حالاتهم الصحية. وأبرز الأمراض التي تنتشر في أوساطهم هي سرطان الرئة والجهازة التنفسي».
في المقابل، يؤكد رئيس حي منشأة ناصر، محمد نور، أنه على علم بالمشكلة، ويقول: «هي ليست قائمة في مسبك واحدة، إنما متعددة»، ويؤكد أنه يقوم بتحرير محاضر يومية، وتوقيع غرامات مالية، لكن المخالفين لا يرتدعون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.