استجاب «اتحاد مجالس طلبة بريطانيا» الذي يمثل حوالي سبعة ملايين طالب، لدعوة حملة «بي دي إس» إلى مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي. و«بي دي إس» اختصار لعبارة «مقاطعة، سحب الاستثمارات، وتسليط العقوبات»، وهي حملة أطلقها العام 2005 المجتمع المدني الفلسطيني، احتجاجاً على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ولا تزال هذه الحملة مستمرة حتى الآن. ويصف المشاركون في هذه الحملة إسرائيل بأنها دولة «فاشية» و«نازية»، ويعتبرون أن مقاطعتها هي امتداد تاريخي لحملة مقاطعة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وأن تعنت إسرائيل ومواصلة احتلال أراض فلسطينية يزيد يومياً مشاعر الغضب ووتيرة الاحتجاجات. وتهدف حملة «بي دي إس» التي أسستها 171 منظمة ومؤسسة غير حكومية فلسطينية، إلى إضعاف مكانة إسرائيل حول العالم، وممارسة ضغط لإنهاء الاحتلال ومنح الاستقلال للفلسطينيين. وكانت «المبادرة النسوية الأورومتوسطية» انضمت بدورها إلى «بي دي إس» أواخر أيار (مايو) الماضي. وتضم «المبادرة» منظمات حقوق المرأة في 17 دولة متوسطية. وفي شباط (فبراير) الماضي، انضم مئة فنان بريطاني من المجالات المختلفة، إلى أكثر من 600 فنان آخر سبقوهم بالإعلان عن مقاطعتهم لإسرائيل. ولم تكن حركة المقاطعة، حتى وقت قريب، تستحوذ على اهتمام الجانب الإسرائيلي، إلا أن التصريحات الأخيرة لرئيس شركة «أورانج» الفرنسية للاتصالات في القاهرة ستيفان ريتشارد في خصوص سحب علامة شركة «أورانج» التجارية من إسرائيل، أثارت جدلاً كبيراً في فرنسا على أعلى مستوى. إذ توجه مدير الشركة إلى تل أبيب وقدم اعتذاره لرئيس الوزراء الإسرائيلي، وقال إن شركته لن تقاطع إسرائيل أبداً، ما سلط الضوء على حركة «مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها». وأظهر تقرير نشره مركز الأبحاث التابع للكنيست الإسرائيلي مطلع حزيران (يوينو) الماضي، أن المحاولات الدولية لمقاطعة إسرائيل لم تفلح حتى الآن بإلحاق الضرر باقتصادها. ويتضح من خلال التقرير أن الجزء الأكبر من اقتصاد إسرائيل يعتمد على التصدير. أما «مركز الدراسات الإسرائيلية»، فاستبعد أن يكون لحركة المقاطعة أي اثار سلبية تعود على الاقتصاد الإسرائيلي، إلا أنه أكد في المقابل أن الأثر الأخلاقي والقيمي عائد أساسي مفروغ منه للمقاطعة، وهو ما يتماشى مع أهداف المقاطعة الأصلية، وهي بالدرجة الأولى «نزع الشرعية عن إسرائيل وإخراجها من دائرة القيم العالمية». وأشار المركز، ضمن ورقة أصدرها أخيراً، إلى أن النخب السياسية الإسرائيلية تميل في اتجاهاتها للرد على حركة المقاطعة بإحدى طريقتين، إما طريقة «اليمين» المتشدد، والتي تقضي بأن تقوم إسرائيل بالرد على حملة المقاطعة بحملة مشابهة.أما الطريقة الثانية، فهي طريقة «اليسار» الإسرائيلي الذي يرى أن استمرار الاحتلال وتوسيع المستوطنات هي التي تعطي زخماً لحركة المقاطعة، وأن على إسرائيل أن تعيد تجديد العملية السياسية مع الفلسطينيين لتفادي هذه الموجه العاتية من الغضب الدولي تجاه إسرائيل. يُشار إلى أن تاريخ الحركات التي تدعو إلى مقاطعة إسرائيل يعود إلى فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر في ثلاثينات القرن الماضي، إذ تم تنظيم حملات عدة من قبل العرب وبعض الأوروبيين ضد اليهود، وساهمت أيضاً الحركات المعادية ل«الصهيونية» في تطور الجمعيات العربية والإسلامية.