يوم الخميس الماضي نشر الشيخ أحمد بن باز مقالاً في جريدة «الوطن» السعودية بعنوان «قيادة المرأة السيارة قضية حقوق لا قضية أولوية»، اعتبره بعضهم أهم ما كُتب عن إشكالية منع المرأة السعودية من قيادة السيارة، فهو قال إن «قضية القيادة هي قضية حقوقية بالدرجة الأولى تُشبه الكثير من قضايا المرأة لدينا، والحديث فيها ينطلق من حقوق الإنسان التي أعطاه إياها الإسلام كحق التملك وحرية التنقل وهي مبدأ من مبادئ الحرية الأصلية - غير المكتسبة، والحقوق ليست ترفاً ولا تمنح ولا يمكن التصويت عليها». وأضاف: «أما من منع قيادة المرأة السيارة من مشائخنا الفضلاء في السابق فهو لاعتبارات لا أظنها موجودة الآن أو يمكن مناقشتها وإعادة النظر فيها». وقبل الشيخ أحمد بن باز كان الدكتور أحمد الغامدي المدير العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكةالمكرمة، قد أجاز الاختلاط بين الجنسين، وقال إن «الحجاب خاص بأمهات المسلمين وحدهن بنص آيته»، وأحدث رأيه ردود فعل واسعة في الأوساط الإسلامية في السعودية وخارجها، وعلى رغم ذلك ظل الغامدي متمسكاً برأيه، ودخل في حوار شجاع مع مخالفيه. قيادة السيارة، والاختلاط سبق وكتبت عنهما مقالات كثيرة خلال السنوات الخمس الماضية، لكنها المرة الأولى التي يجرى تناولهما من أشخاص محسوبين على المؤسسة الدينية، فالشيح أحمد بن باز هو نجل مفتي السعودية السابق الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله الذي كان له رأي معروف في تحريم قيادة المرأة السيارة، أما الدكتور احمد الغامدي فهو يعمل في اكثر المؤسسات الدينية تشدداً في البلد، بل إن أساس عملها اليومي هو منع الاختلاط ومحاربة مظاهره بشتى الطرق. هذا يعني أن النقاش في القضايا الاجتماعية التي تتقاطع مع الدين دخل مرحلة مهمة في السعودية، وأن الحرية التي أُتيحت للصحف خلال السنوات الخمس الماضية في تناول هذه القضايا أثمرت، وأدخلت النقاش الى ساحة المؤسسة الدينية ذاتها، وهو أمر جوهري، وسيكون له تأثير إيجابي على تطور المجتمع، فالقضية اليوم لم تعد سجالاً بين ليبراليين وإسلاميين، بل أصبحت نقاشاً داخل المؤسسة الدينية ذاتها، وهو أمر لم يحدث على هذا النحو من قبل.