أعلنت تسعة بنوك سعودية من أصل 11 بنكاً مدرجة في السوق السعودية نتائج أرباحها السنوية، وسط خسائر كبيرة منيت بها غالبيتها، فبنوك البلاد والسعودي الهولندي والجزيرة تصدرت قائمة الخاسرين. فيما نجحت بنوك الرياض والاستثمار وسامبا في تحقيق نتائج إيجابية في ظل أزمة مالية عالمية عصفت بالبنوك في العالم وتسببت في أزمة ائتمان وإفلاس لعدد منها في بعض دول العالم. جاء بعدها تعثر مجموعتي سعد والقصيبي السعوديتين، وفي شهر كانون الأول (ديسمبر) ظهر تعثر إمارة دبي ممثلة في شركة دبي العالمية بأكثر من 25 بليون دولار. ولم يعلن - حتى كتابة التقرير- بنكا الراجحي والانماء أرباحهما السنوية بعد، إضافة إلى البنك الأهلي التجاري الذي لم يطرح جزءاً من أسهمه للاكتتاب حتى الآن. وأرجعت المصارف الخاسرة أسباب تلك الخسائر والانخفاض في النتائج إلى حجم المخصصات التي تم تجنيبها هذا العام، وذلك للاستمرار في دعم المركز المالي، إضافة إلى سياسات البنوك المتحفظة وتجنيب مخصصات في مقابل المحفظة الائتمانية لاستمرار دعم المركز المالي للبنوك. وعزت البنوك أرباحها إلى عوامل عدة من بينها نمو الأنشطة المصرفية الرئيسية في محفظة الإقراض، والنمو في دخل البنوك من العمليات الأساسية وخفض المصاريف. وقال الاقتصادي فضل بوالعينين في تعليقه على النتائج: «الفارق الواضح في النتائج يعود بالدرجة الأولى إلى الادارة الائتمانية وادارة المخاطر التي لم تكن جيدة في بعض البنوك، ولم تستطع حينها تجاوز مشكلات الائتمان». وأضاف ل «الحياة»: «نجد من خلال ذلك أن بنوكاً صغيرة سجلت خسائر كبيرة، والقطاع المصرفي تأثر كثيراً في العالم والمنطقة نتيجة أزمات عدة جاءت متتالية على القطاع، فكلما حاول النهوض من أزمة باغتته أخرى، ويمكن القول ان النتائج الإجمالية للبنوك على رغم بعض الإخفاقات التي واجهتها، جيدة مقارنة بالوضع الاستثنائي الذي تعيشه، خصوصاً أن الأزمات المتتالية تثقل كاهل البنوك». وكان محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي محمد الجاسر قال في وقت سابق من الشهر الجاري ان نسبة القروض المشكوك في تحصيلها إلى اجمالي الإقراض البنكي مع نهاية أيلول (سبتمبر) من العام الماضي لم تتجاوز 3 في المئة، كما أن إجمالي نمو الأصول البنكية تجاوز نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 6 في المئة مع نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي. وعن أزمة دبي قال ان انكشاف البنوك السعودية على مجموعة دبي العالمية والشركات التابعة لها محدود جداً، ولا يتخطى نسبة اثنين في الألف من الموازنة المجمعة للقطاع المصرفي. ويوضح البوعينين: «لم يتضح انخفاض في الإقراض ولا توجد لدى البنوك مشكلات في الإقراض، ولكن هناك انتقائية في تقديم القروض، وهذا أثر في تقديم البنوك لقروض لبعض طالبي الائتمان، وحصر تقديم الخدمات المصرفية إلى بعض الجهات، مع عدم توزيع قاعدة المقترضين الذي سيتسبب في تقليل المخاطرة، وهذا ما يجب أن تركز عليها البنوك للخروج من مأزق تعثر مقترض يكون لديه حجم كبير من محفظة الإقراض». وأكد أن القطاع المصرفي السعودي سيكون قوياً في العام الحالي من خلال أخذ المخصصات الكافية، والتي يفترض أن تتحول في حال تم سداد القروض المشكوك بتعثر سدادها إلى أرباح، وهو ما سيساعد البنوك في التعزيز من مركزها المالي. وأشار البوعينين إلى قيام المصارف بخفض مصروفاتها، والتي قال عنها: «هناك بنوك تنفق مبالغ غير مبررة خصوصاً في موضوع بناء الفروع وتأثيثها، إضافة إلى الرواتب والمكافآت التي تتركز عند إدارة الائتمان في الغالب. من جهته، قال المحلل المالي رئيس لجنة الأوراق المالية السابق في غرفة جدة تركي فدعق أن هناك بنوكاً لم تحقق نتائج جيدة وأخرى جاءت نتائجها مفاجئة، كبنوك الهولندي مثلاً والبلاد والفرنسي وساب، وهناك بنوك لم يكن يتوقع لها أن تحقق نتائج جيدة ولكنها حققت نتائج ممتازة جداً مثل «الرياض» و «سامبا» و «الاستثمار». وأضاف في حديث إلى «الحياة»: «هنا بانت الفروقات بين البنوك، في ما يتعلق بانكشافها على ديون دبي، وجزء كبير من الخسائر وانخفاض أرباح البنوك». وأوضح «أننا كنا نتوقع من بعض البنوك ان تحقق خسائر لكنها تجاوزت الازمة بكل اقتدار، وحققت أرباحاً مثل بنك سامبا، في وقت تفاجأنا ببنك ساب على سبيل المثال في موضوع الخسائر». وأشار فدعق إلى أن القوائم المالية التفصيلية التي ستصدر بعد فترة ستوضح الكثير من الأمور، ولكن من الواضح أن بنك الجزيرة مثلاً أرباحه كانت منخفضة نتيجة الايرادات التشغيلية العالية أكثر من المرة السابقة، ولكن صافي الارباح كان أقل بنسبة كبيرة، وهذا يعطينا اشارات الى تعثر البنك في تسديد بعض الديون، وهي إشارات غير مؤكدة حتى الآن بانتظار القوائم النهائية.