أثار إعلان حالة الطوارىء اليوم (الأحد) في تونس، بعد أكثر من أسبوع من هجوم سوسة الذي أسفر عن مقتل 38 سائحاً، تساؤلات مع خشية البعض إزاء فرض قيود على الحريات العامة. وكشفت السلطات أن الشاب الذي ارتكب الإعتداء في 26 حزيران (يونيو) الجاري، كان يعمل في قطاع السياحة. وأكدت والدته راضية المناعي (49 عاماً) أن أبنها الذي كان يهوى «الرقص» ورياضة كرة القدم وانه كان «ضحية غسل دماغ». وبعد ثمانية أيام من الإعتداء المتطرف الأكثر دموية في تاريخ تونس، أعلن الرئيس الباجي قائد السبسي أمس في شكل مفاجىء عن «حالة الطوارىء على كامل تراب الجمهورية لمدة 30 يوماً مع إمكان تمديدها». واعتبر السبسي أن «تونس تواجه خطراً داهماً وقواتنا في حالة إستنفار»، مشدداً على «أننا في حالة حرب من نوع خاص ويتطلب تعبئة شعبية»، مضيفاً أنه «في حال تكرار إعتداء سوسة، فإن الدولة ستنهار». وعاش التونسيون ثلاثة أعوام في ظل حالة الطوارىء التي أعلنت في كانون الثاني (يناير) من العام 2011، قبيل فرار الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في غمرة الثورة التي أطاحت به. وتم تمديد هذا التدبير من دون توقف قبل أن يرفع في آذار (مارس) من العام 2014. ويمنح إعلان حالة الطوارىء قوات الشرطة والجيش سلطات استثنائية، ويتيح للسلطات خصوصاً حظر الاضرابات والتجمعات التي من شانها التسبب في الفوضى. وعلقت صحيفة «لا برس» الناطقة بالفرنسية في افتتاحيتها اليوم أنه «إجراء مرحب به، ينبغي أن يعزز بتعبئة شعبية وإلتزام واضح من جانب كل مكونات المجتمع المدني، دعماً لمختلف وحداتنا الأمنية». لكن صحيفة «المغرب» الناطقة بالعربية تساءلت عن التداعيات المحتملة على الحريات، وكتبت على صفحتها الأولى «الحرب على الإرهاب: أين هي القيادة ؟». وصدرت تعليقات عدة على إشارة الرئيس التونسي في كلمته أمس إلى الاضرابات المتكررة واعتباره إياها «نوعاً من العصيان المدني». وقال الباحث في مركز «كارنيغي للشرق الاوسط» حمزة المؤدب إنه «ثمة مخاوف فعلية ترافق إعلان حالة الطوارىء مع تجريم للحراك الإجتماعي. هناك استياء اجتماعي في البلاد ويتم إعلان حالة الطوارىء في مواجهة ذلك. ثمة خطر يحلق في الافق إذا اسُتخدم هذا الامر لقمع المطالب الإجتماعية». وتتواصل الإضرابات والإعتصامات منذ ثورة العام 2011، مع استمرار البطالة والبؤس اللذين كانا وراء الثورة الشعبية ضد بن علي. وتجاوزت نسبة البطالة في صفوف حملة الشهادات 30 في المئة. وشكك المؤدب في فاعلية حال الطوارىء في الوضع الراهن لأن «المشكلة في تونس تكمن في عدم وجود استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب تشتمل على عمل استخباراتي فعلي ومراقبة للمواقع الحساسة». وأعلن رئيس الوزراء الحبيب الصيد في مقابلة مع صحيفة «لا برس» نشرت اليوم، أن «منفذ الهجوم الدامي في سوسة واسمه سيف الدين الرزقي (23 عاماً)، كان يعمل في قطاع السياحة». والتغيير في هذا النمط الطبيعي، وفقاً للسلطات، تسبب بذهول في تونس. ودعا الصيد إلى «العمل في شكل معمق على الثقافة والتعليم، واجراء اصلاحات في الاقتصاد والتعليم». وأضاف «نحن ندرس أيضاً أساليب نزع التطرف عن الشباب العائدين من سورية. فرنسا تواجه حالياً المشكلة نفسها ونعمل معاً لإيجاد وسيلة لاعادة تأهيل المتطرفين الشباب». من جهتها، أكدت والدة الرزقي في مقابلة مع صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية أن «ابنها كان ضحية الأشخاص الذين خدروه واخضعوه إلى عملية غسل دماغ».