عين الزرقاء، قناة مائية تعتبر المصدر الأساسي للماء في المدينةالمنورة منذ عهد الصحابي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وحتى عهد قريب. وتعود قصتها إلى عهد الخلفاء الأمويين، عندما وجّه الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان عامله على المدينة بإتمام سقيا المدينة وتنظيمه على نحو أكثر حداثة وسلاسة. وأوضح الباحث في تاريخ المدينة الدكتور تنيضب الفائدي أن العين الزرقاء تعتبر المصدر الأساس للماء داخل المدينةالمنورة من عهد معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - وحتى عهد قريب، إذ أجرى مروان بن الحكم أمير المدينةالمنورة في عهد معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - وبأمره الماء من مجموعة آبار في قباء التي تبعد عن المدينة آنذاك ما يقارب ثلاثة كيلومترات، وذلك ضمن قنوات داخل الأرض من آبار غربي مسجد قباء، ومن هذه الآبار بئر أريس وبئر عذق، وجعل لها مناهل عدة داخل المدينة ينزل عليها بدرج، منها منهل بالمصلى (مسجد الغمامة)، ومنهل بالقرب من باب السلام، ومنهلان بالساحة، ومنهلان بالزكي، اشتهر أحدهما ب«عين الزكي» إلى وقت قريب، ووصلت العين الزرقاء إلى سيد الشهداء، إذ عمل منهلاً هناك. وماء العين الأزرق ينساب بانخفاض متدرج من قباء حتى آخر عين من العيون، وهذا يتطلب جهداً ومهارة. وأطلق على العين «عين الأزرق» نسبة إلى مروان بن الحكم أمير المدينة لوجود زرقة في عينيه. فغلب عليها اسم «العين الزرقاء». ويوضح الفايدي أن كثيراً من المؤرخين والرحالة دونوا مشاهداتهم حول «العين»، فذكرها ابن بطوطة في رحلته الشهيرة المسماة «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»، فوصف أحد مناهلها قائلاً: «بمقربة من باب السلام سقاية ينزل إليها على درج، ماؤها معين وتعرف بالعين الزرقاء». وذكرت العين كذلك في المغانم المطابة في معالم طابة للمجد في بداية القرن الثامن الهجري إذ قال: «وأصلها من بئر معروفة بقباء، غربي المسجد، في حديقة نخل، وهي بئر واسعة الأرجاء، محكمة البناء، متقنة الأطواء، متوسطة الرشاء، عذبة الماء، يظهر منها هذا الماء الكثير، ويجري في أقتاءٍ تحت الأرض إلى المصلى». وأشار إليها الرحالة البتانوني في كتابه (الرحلة الحجازية) وقال: «وأهل المدينة يشربون من آبار كثيرة ولكن ماؤها الذي عليه مدار سقياها يأتي إليها من مواسير من عين غربي مسجد قباء، وهذه العين تسمى العين الزرقاء نسبة إلى مروان بن الحكم الذي أجراها بأمر معاوية رضي الله عنه، وقت أن كان عاملاً له على المدينة وكان يسمى الأزرق لزرقة عينيه، وماؤها عذب لذيذ». وورد ذكر العين الزرقاء أيضاً في كتاب دائرة المعارف في القرن ال20 أو ال14، وجاء فيها: «في قباء بئر يسمونها بئر الخاتم، وهي (بئر أريس) التي وقع فيها خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من عثمان بن عفان رضي ا لله عنه وهو خليفة، وكانوا لذلك الوقت يختمون به على مكاتباتهم وكان نقشه «محمد رسول الله» وماء المدينة الذي عليه مدار سقياها من العين الزرقاء التي توجد غربي مسجد قباء، وماؤها عذب لذيذ». وتتعدد مواقع المناهل التي يستقي منها الناس داخل المدينةالمنورة، وبقي تاريخ هذه العين مقترناً بتاريخ المدينة حتى قارب 1400 عام. وكلما ذكر تاريخ سقيا المدينة تذكر العين الزرقاء.