تقع بئر الخاتم أو بئر «أريس» كما ذكر عبدالقدوس الأنصاري في كتابه «آثار المدينةالمنورة» غربيّ مسجد قباء بنحو 38 مترًا، وتعود إلى ما قبل عهد النُّبوة، أما «أريس» فهو اسم صاحبها وهو فلاح يهوديّ. وسُمِّيت هذه البئر ببئر «الخاتم» لأنّ خاتم النبي صلى الله عليه وسلم سقط فيها من يد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد ست سنوات من خلافته، فقد روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في يده، وفي يد أبي بكر بعده، وفي يد عمر بعد أبي بكر، فلما كان عثمان، جالسا على بئر أريس، قال: فأخرج الخاتم فجعل يعبث به فسقط، قال: فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان، فننزح البئر فلم نجده. وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بئر أريس فجلس على قُفّها، وكشف عن ساقيه الشريفتين ودلاهما في البئر، وجاءه أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فبشرهم بالجنة، كما روى البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه توضأ في بيته ثم خرج، فقلت: لألزمنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأكوننّ معه يومي هذا، قال: فجاء المسجد، فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: خرج ووجه ها هنا، فخرجت على إثره، أسأل عنه، حتى دخل بئر أريس، فجلست عند الباب، وبابها من جريد، حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته فتوضأ، فقمت إليه، فإذا هو جالس على بئر أريس وتوسط قفها، وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، فسلمت عليه، ثم انصرفت فجلست عند الباب، فقلت: لأكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم.. إلى آخر الحديث. وذكر الفيروز آبادي في «المغانم المطابة في معالم طابة» أن بئر الخاتم تقع تحت أُطُم من أطام المدينة كانت قد خربت وتهدّمت، وبُني باعلاها سكن لمن يقوم على الحديقة ويخدم مسجد قباء، وحولها دور الأنصار وآثارهم، كما أن لها درجًا للنزول إليها يستخدمها الزوار وقاصدو الوضوء والشُّرب، وهو الدرج الذي جدّده السّلامي سنة 714ه. ووصف عبد القدوس الأنصاري البئر في كتابه الصادر في طبعته الأولى سنة 1353ه بأن عمقها 12 مترًا، تعلوها قبة مجصَّصة من الداخل والخارج، وماؤها عذب خفيف نابع من الصخور وكان يُستخرج بالسواني، غير أنه استدرك في طبعة من الكتاب نفسه سنة 1392ه بأن البئر جافة وليس بها ماء. أما إبراهيم العياشي في كتابه «المدينة بين الماضي والحاضر» فقال إن تحديد بئر أريس موضع إشكال لدى السابقين، لكنّه جزم بأن بئر أريس هي بئر الخاتم فيما عليه الناس بالمدينة ويكاد يكون ذلك إجماعًا، وأنها هي التي كانت في غربي مسجد قباء، وكان عليها قبّة شامخة في الهواء، وقد أزيلت البئر بما عليها من قبة، لصالح التوسعة السعودية، مرجحًا أن بئر أريس أطلقت مؤخرًا على منطقة تضمّ جملةً من الآبار.