غداة المواجهات التي وقعت في شمال سيناء بين قوات الجيش ومئات من مسلحي الفرع المصري لتنظيم «داعش»، بدا أن القاهرة ستمضي في تحركات ديبلوماسية خارجية لمحاصرة الإرهاب وداعميه، بالتوازي مع التوسع في المسار الداخلي لتقويض جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفائها، إذ دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال اتصالات هاتفية مع مسؤولين عرب إلى «حلف عربي لمواجهة الإرهاب والتطرف... وإعادة الأمن والاستقرار في المنطقة العربية». (للمزيد) وبعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز برقية عزاء إلى الرئيس السيسي، أكد فيها «وقوف المملكة العربية السعودية إلى جانب مصر في مواجهة كل ما يستهدف أمنها واستقرارها». كما بعث ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف برقية عزاء إلى السيسي، وأجرى ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان اتصالاً هاتفياً بوزير الدفاع المصري الفريق أول صدقي صبحي لتعزيته. وعُقد في جامعة الدول العربية اجتماع طارئ على مستوى المندوبين أمس، بطلب من مصر، برئاسة مندوب الأردن بشر الخصاونة، وخُصّص للبحث في تداعيات أحداث سيناء، وخلص إلى «ضرورة تفعيل قرارات صيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب، وإنشاء القوة العربية المشتركة». وقال مجلس الجامعة عقب اجتماعه إن «كل الدول الأعضاء ملتزمة التعاون المشترك في ما بينها للقضاء على ظاهرة الإرهاب ومسبباتها»، داعياً الدول العربية إلى «التعاون المشترك لقطع التمويل عن التنظيمات الإرهابية وتقديم كل أشكال الدعم لمصر والدول العربية التي تتعرض للإرهاب والتضامن معها في هذه الحرب التي تخوضها ضد الإرهاب». وطالب المجتمع الدولي بدعم الجهود العربية لمكافحة الإرهاب الذي استفحل في أنحاء عدة من الوطن العربي، ما يهدد الأمن القومي العربي بكل أبعاده السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية». وأشار إلى «أهمية التعاون بين الدول العربية لاتخاذ ما يلزم من تدابير لصون الأمن القومي العربي على جميع المستويات السياسية والأمنية والدفاعية والقضائية والإعلامية، والعمل على تجفيف منابع الإرهاب الفكرية ومصادر تمويله ومعالجة الأسباب التي أدت إلى انتشاره». وكان السيسي تلقى سلسلة من الاتصالات الهاتفية مساء أول من أمس من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذين ق دموا تعازيهم في ضحايا الهجمات. وشدد السيسي خلال الاتصالات الثلاثة على أن «مثل هذه الهجمات الغاشمة لن تثني الدولة عن عزمها على مكافحة الإرهاب وتطهير سيناء من تلك البؤر الإرهابية»، مؤكداً «أهمية التكاتف وتعزيز العمل العربي المشترك من أجل مواجهة التطرف والإرهاب والقضاء عليهما واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة العربية، وكذلك من أجل الدفاع عن الدين الإسلامي وتحقيق السلام والاستقرار للإنسانية». وكانت الحكومة المصرية أعلنت عقب اجتماعها الأسبوعي مساء أول من أمس «اتخاذ الإجراءات القانونية والديبلوماسية لردع وفضح القائمين على الأعمال الإرهابية»، بعدما أقرت حزمة من القوانين «لمكافحة الإرهاب» من شأنها تقليص مدد التقاضي وحصار الجماعات المسلحة. ميدانياً، قتل الجيش 22 مسلحاً في قصف جوي بمروحيات من طراز «أباتشي» في مدينة رفح. وقالت مصادر عسكرية إن القتلى «بعضهم شارك في الهجوم على الشيخ زويد، وبينهم قيادي في الجماعات الإرهابية». وكان الناطق باسم الجيش نشر صوراً لجثث عشرات من قتلى المواجهات التي اندلعت أول من أمس بين الجيش ومئات من مسلحي جماعة «ولاية سيناء» الفرع المصري لتنظيم «داعش» في مدينة الشيخ زويد، وانتهت بمقتل أكثر من 100 مسلح و17 من الجيش، بينهم أربعة ضباط، بحسب حصيلة رسمية. وأعلن وزير الداخلية مجدي عبدالغفار وجود «حال استنفار قصوى في جميع القطاعات للتصدي لأي أعمال إرهابية أو إجرامية تستهدف إشاعة الفوضى والإخلال بالأمن». من جهة أخرى، أصدر القائم بأعمال النائب العام علي عمران قراراً بحظر النشر في التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في شأن واقعة اغتيال النائب العام هشام بركات.