في إعلان تاريخي يعتبر الإنجاز الأكبر في السياسة الخارجية حتى اليوم للرئيس الأميركي باراك أوباما، استأنفت واشنطن بعد ستة عقود العلاقات الديبلوماسية بالكامل مع كوبا، في انتظار تبادل السفارات رسمياً بين البلدين وتوجه وزير الخارجية جون كيري إلى هافانا لهذه الغاية نهاية الصيف. ودشن أوباما من الحديقة الوردية في البيت الأبيض أمس، «صفحة جديدة» بين هافانا وواشنطن بعد قطيعة ديبلوماسية عمرها 54 سنة بين البلدين تلت الثورة الشيوعية في كوبا ووصول فيدل كاسترو إلى الحكم. وقال في حضور نائبه جوزف بايدن: «وافقت الولاياتالمتحدة اليوم رسمياً على إعادة العلاقات الديبلوماسية مع كوبا لإعادة فتح السفارتين في بلدينا. وهذه مرحلة تاريخية في العلاقات الأميركية– الكوبية». وسيكرس المرحلة التاريخية توجه كيري إلى هافانا لرفع العلم الأميركي على السفارة، كما أعلن أوباما. ويشكل ذلك انتقالاً سياسياً وديبلوماسياً واقتصادياً في الروابط الكوبية- الأميركية بعيداً من إرث الحرب الباردة، ويمهد لفك الحصار في حال موافقة الكونغرس. وكان هذا الإعلان متوقعاً منذ أن سحبت واشنطن نهاية أيار (مايو) الماضي هافانا من اللائحة السوداء للدول الداعمة للإرهاب، وبدء الحديث عن احتمال زيارة أوباما كوبا في 2016. لكن هذا التقدم في ترسيخ العلاقات بين البلدين، لا يحظى بإجماع في الولاياتالمتحدة، فالمرشح الجمهوري إلى البيت الأبيض والحاكم السابق لفلوريدا جيب بوش، اعتبر في تغريدة على «تويتر» أن فتح سفارة أميركية في هافانا «سيضفي شرعية على القمع في كوبا، ولن يسمح بخدمة قضية الحرية والديموقراطية». وعلى رغم إعادة العلاقات الديبلوماسية، تبقى المسألة الشائكة الحصار الذي فرضه على كوبا الرئيس جون أف. كينيدي في 1962، وشدده كثيراً قانون هلمز- بورتون في 1996. وتنتقد هافانا دائماً هذا الحظر الأميركي الشامل على المبادلات الاقتصادية والمالية مع كوبا، معتبرة أن استمرار تطبيقه يشكل عقبة أمام تطور الجزيرة. وكان الرئيس الكوبي راوول كاسترو نبّه إلى أن تعيين سفراء سيسمح بتحسين العلاقات بين البلدين، لكن «التطبيع موضوع آخر». وطلب أوباما من الكونغرس الذي يهيمن خصومه الجمهوريون على مجلسيه، العمل رفع هذا الحظر. لكن الغموض يخيّم على نتيجة المناقشات، ويبدو أن الآلية التشريعية ستكون طويلة. ومنذ 50 سنة، هاجر مئات آلاف الكوبيين إلى الولاياتالمتحدة. وإذا كان بعض مندوبي الموجة الأولى من المنفيين، وهم المهاجرون «السياسيون» في بدايات الثورة، ما زالوا يعارضون بشدة أي تقارب مع نظام هافانا، احتفظ المهاجرون الجدد الذين دفعتهم أسباب اقتصادية إلى المجيء إلى الولاياتالمتحدة، بصلات وثيقة في الجزيرة، وهم رحبوا كثيراً بإعلان التقارب.