توقع تقرير اقتصادي متخصص ارتفاع الدين العام للمملكة العربية السعودية إلى 9,6 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي نهاية هذا العام 2015، مقارنةً ب1,6 في المئة من الناتج المحلي في نهاية عام 2014، نتيجة الهبوط الحاد في أسعار النفط، الذي سيؤدي إلى تراجع الإيرادات مع بقاء الإنفاق الحكومي عند مستويات مرتفعة. جاء ذلك في سياق دراسة التقرير للعلاقة بين أسعار النفط وسوق الأسهم في المملكة. ورجح التقرير الصادر عن شركة «جدوى للاستثمار»، تغيير حكومة المملكة استراتيجيتها التمويلية، وذلك بالمزاوجة بين السحب من الموجودات الأجنبية والاستدانة لتمويل عجز الموازنة عام 2015، مشيراً إلى وجود فرصة «واسعة» للحكومة للاستدانة من النظام المصرفي في ظل تصنيفها الائتماني القوي وانخفاض مستويات مديونيتها. إلا أن التقرير عاد وأكد أن ضخامة الاحتياطات الأجنبية الموجودة لدى مؤسسة النقد بلغت في نهاية نيسان (أبريل) 2015 نحو 2,6 تريليون ريال (683 بليون دولار)، ستوفر «وسادة مالية للحكومة لدعم مستويات الإنفاق المرتفعة خلال عام 2015 وبعده». ويشير التقرير إلى أن التأثير الفعلي لتذبذب أسعار النفط في سوق الأسهم يتحقق من خلال مسارين؛ هما القطاع الحكومي، والقطاع الخاص. ويأتي تأثير القطاع الحكومي من خلال تأثر إيرادات الدولة بالتغيرات في أسعار النفط، الذي يشكل موردها الأساسي. ففي حال بقيت أسعار النفط مرتفعة فترة طويلة تتعزز الموازنة العامة للدولة، ما يؤدي إلى زيادة الإنفاق الحكومي، الذي يدفع بدوره معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي وربحية الشركات، ويترجم ذلك في النهاية إلى تأثير إيجابي في سوق الأسهم. أما عندما تبقى أسعار النفط منخفضة فترة طويلة، فتكون النتيجة عكسية. وفي ما يتعلق بالتأثير عبر القطاع الخاص، يرى التقرير أن ارتفاع أو انخفاض أسعار النفط يؤثر بصورة فورية في مستوى الثقة بالشركات، الذي يؤثر بدوره في نمو أو انخفاض أرباحها وينعكس بالتالي في شكل تحسن أو تراجع في مؤشر سوق الأسهم. ونوه إلى وجود تباعد بين أسعار النفط ومؤشر «تاسي» معظم فترات الماضي القريب، مشيراً إلى أن ذلك يعود إلى الجهود الحكومية المتواصلة لتنويع الاقتصاد، وقلة تذبذب أسعار النفط في السنوات الأخيرة، فضلاً على تراكم احتياطيات ضخمة من الموجودات الأجنبية، مع مستويات دين منخفضة خلال العقد الماضي. وأشار إلى بعض القطاعات التي يتأثر أداؤها بأسعار النفط، وأهمها قطاع البتروكيماويات، إذ يؤدي الاتجاه النازل لأسعار النفط إلى انخفاض تكاليف الطاقة لشركات البتروكيماويات الآسيوية والأوربية، ما يجعل المنتجات السعودية أقل تنافسية نسبياً. وفيما يتعلق بإعادة هيكلة «أرامكو»، التي تحتكر صناعة النفط في المملكة والتي يؤثر إنفاقها في عدد كبير من الشركات تقوم بتزويدها بحاجاتها التي تتوزع على أربعة من قطاعات سوق الأسهم، هي البتروكيماويات والاستثمار الصناعي والأسمنت والبناء والتشييد، اعتبر التقرير أنها «خطوة لجعلها منظمة تقودها التوجهات التجارية، مع زيادة الاستقلالية في المسائل المالية. نتيجةً لذلك ستصبح «أرامكو» السعودية أكثر حساسية تجاه حركة أسعار النفط العالمية، إذ يتوقع أن يؤثر تراجع أسعار النفط فترات طويلة في الإنفاق بصورة أكثر حدة، كما هي الحال بالنسبة لشركات النفط العالمية الأخرى». ووفقاً للتقرير، تميل أسعار النفط والتطورات الجيوسياسية في المنطقة إلى التأثير في مستوى الثقة لدى المستثمرين الأجانب، لذلك سيبقى السؤال الأهم عن كيفية تجاوب المستثمرين الأجانب مع حركة الأسعار في سوق النفط، التي تمليها التطورات الجيوسياسية في المنطقة، وتأثير حركة تلك الأسعار في سوق الأسهم؟ يجيب التقرير: «على رغم التفاعل النفسي مع أسعار النفط، والتوترات الإقليمية في المدى القصير، فإن المستثمرين الأجانب سيواصلون الاستثمار في السعودية على المدى الطويل». ويعود ذلك إلى الأهمية الكبرى التي تتمتع بها المملكة في أسواق الطاقة العالمية والاقتصاد العالمي، إلى جانب الاستقرار الواضح والنمو القوي للاقتصاد في المملكة، الذي يتيح للمستثمرين العالميين التمييز بين الإمكانات المستقبلية الجيدة للاقتصاد السعودي والاقتصادات الأخرى الهشة في المنطقة.