واشنطن، كابول، باريس، لندن - أ ف ب، رويترز - أعلن قائد القوات الأجنبية في أفغانستان الجنرال الأميركي ستانلي ماكريستال أمس، ان الدفعة الأولى من تعزيزات القوات الأميركية التي أرسلها الرئيس باراك أوباما الى أفغانستان، حققت «تقدماً» في محاربة متمردي حركة «طالبان» خلال الأشهر السبعة الأخيرة، وأن الوضع يتحسن في هذا البلد. وقال لمحطة «اي بي سي» الأميركية: «حين أتجه الى مناطق في ولاية هلمند الجنوبية سيطرت عليها طالبان قبل سبعة أشهر، وألتقي زعماء قبليين يظهرون تفاؤلاً بشأن المستقبل، فإننا نشعر بأن الأمور تتحسن». وأضاف: «المهمة لم تنجز بالكامل حتى الآن»، مع العلم ان واشنطن سترسل قريباً، بتوصية من الجنرال ماكريستال، 30 الف جندي إضافي الى افغانستان، ما سيرفع عدد الجنود الأجانب الى 150 الفاً. وأشار الجنرال الأميركي الى ان الأفغان يعتبرون ان الوقت ضيق، «لذا، أعتقد أنه يجب ان نقنعهم بسرعة بأننا نستطيع مساعدتهم في إعادة إعمار بلادهم». تزامن ذلك مع كشف استطلاع للرأي أجراه المركز الأفغاني للبحوث الاجتماعية - الاقتصادية لحساب «اي بي سي» وشبكتي «بي بي سي» البريطانية و«اي ار دي» الألمانية، ان نسبة 70 في المئة من الأفغان يرون ان بلادهم تذهب في الاتجاه الصحيح، في مقابل 40 في المئة فقط في كانون الثاني (يناير) 2009. وفيما حددت واشنطن تموز (يوليو) 2011 موعداً لانسحاب القوات الأميركية من افغانستان، بدأ القادة العسكريون الأميركيون في البلاد توجيه رسالة مختلفة الى زعماء مجالس الشورى تفيد بأن التعزيزات الجديدة توفر فرصة متاحة للأفغان خلال فترة زمنية محدودة. وأبلغ الكولونيل جورج أملاند، الرجل الثاني في التسلسل القيادي لمجموعة من قوات مشاة البحرية الأميركية (المارينز) تضم أكثر من عشرة آلاف جندي، مجلس شورى في قاعدة بولاية نمروز (جنوب) ان القوات الدولية والأميركية والأفغانية ستأتي بأعداد كبيرة قريباً، و «سيقدمون لكم فرصة جديدة لاختيار المسار الذي سيتبعه مجتمعكم. لكنها فرصة محدودة زمنياً، لذا يجب ان تختاروا ونحن هنا لمساعدتكم». وأضاف: «لقد ولى عهد عبارات مثل نحن هنا لنبقى، ولن نذهب إلى مكان آخر» التي كانت تتردد خلال الاجتماعات السابقة لمجالس الشورى. وتؤكد واشنطن ان أي انسحاب للقوات سيخضع لشروط، ويتضمن تسليماً تدريجياً لمهمات الأمن إلى القوات الأفغانية، مع العلم ان الحديث عن إطار زمني يمكن أن يثير قلق افغان كثيرين يرحبون بالأمن الجديد لكنهم لا يزالون يشككون في شأن المستقبل. وأعلن رجل شارك في اجتماع مجلس الشورى ان الأمن جيد في المدينة، «لكن طالبان تتواجد على مسافة تبعد كيلومترين فقط، ما يمثل تهديداً كبيراً دائماً إضافة الى نقص البنى التحتية، باعتبار أننا لا نملك كهرباء ولا مياه نظيفة، كما لم تفِ الحكومة بتعهداتها لمساعدتنا في توفير محاصيل بديلة، ما يمكن ان يدفعنا الى استئناف زراعة الأفيون الموسم المقبل»، مع العلم ان قادة عسكريين في مشاة البحرية الأميركية اكدوا ان أموالاً ستنفق في المنطقة كما ستنفذ مشاريع للتنمية. وأعلن محمد خواص الذي يعمل في مجال استبدال العملة ان الأوضاع تحسنت في دلارام، «لكن القوات الأميركية لن تجلب السلام وحدها مهما بلغ عددها من دون إشراك طالبان». وفي ختام زيارة استمرت ثلاثة ايام لأفغانستان، استمع وزير الزراعة الأميركي توم فيلساك الى شكاوى مزارعين من المساعدات الدولية الشحيحة لمعالجة مشاكل نقص الائتمان الزراعي وكميات البذور ووسائل حفظ بالمبردات وتوصيل البضائع للسوق خلال وقت الحرب. وقال حاجي جولام دستاجين، وهو مزارع للتفاح والمشمش في ولاية بكتيا: «نسمع عن وعود بتمويل مشاريع، لكننا لم نرَ شيئاً. نتطلع الى الحصول على مساعدات من المجتمع الدولي ووزارة الزراعة». وتبحث الولاياتالمتحدة وحلفاء آخرون في مجموعة من خيارات الائتمان للمزارعين، بأمل تعزيز فرص تخلي المزارعين عن زراعة الخشخاش الذي يدعم تمرد «طالبان». وهم يتطلعون الى تقديم تمويل مسبق لزراعة القمح ومزروعات ذات قيمة كبيرة مثل العنب والمكسرات والتفاح توفر عائداً أفضل لهم مما يحصلون عليه من الأفيون الذي يلبي غالبية إنتاج العالم المستخدم في صناعة الهيرويين. وتعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى اعلان استراتيجيته الجديدة زيادة عدد الخبراء المدنيين، وبينهم مستشارون زراعيون إضافيون لإصلاح قطاع الزراعة الذي دمرته حروب استمرت عشرات السنين. وأعلن فيلساك عزم واشنطن منح 20 مليون دولار إضافية للمساعدة في زيادة إمكانات القطاع الزراعي، مع العلم انها أنفقت نحو 300 مليون دولار على مشاريع زراعية في أفغانستان العام الماضي، ويتوقع ان يتجاوز هذا المبلغ 425 مليون دولار هذه السنة. وفي باريس، أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية وفاة عسكري فرنسي بتأثير جروح أصيب بها في هجوم شنه متشددو «طالبان» على دورية في وادي ألاساي شمال شرقي افغانستان اول من أمس، وأسفر ايضاً عن مقتل جندي فرنسي آخر. وأوضحت الوزارة أن الضابط يحمل رتبة كابتن، مع العلم ان عدد الجنود الفرنسيين القتلى في افغانستان ارتفع إلى 38 منذ الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة للبلاد عام 2001. وقتل خمسة جنود اجانب في جنوب البلاد اول من امس، وبينهم ثلاثة أميركيين وبريطاني يعمل خبيراً في مجال نزع العبوات الناسفة قرب مدينة موسى قلعة بولاية هلمند (جنوب)، ما جعله ثالث جندي بريطاني يُقتل في افغانستان خلال السنة الحالية.