في الأعماق، أعماق نفسي السحيقة، وفي أخفض بقعة منها، وأشدّها عتمة وغوراً، يقبع هناك تحت هذا العمق بعمق ثلاثين قدماً رجلٌ يتمنى موتي صباح كل يوم، أمقته يوماً، وفي معظم الأيام هو عندي أعزّ صديق، لأنه ربما يقودني إلى نهاية بها قد أرتاح. وفي الجهة المقابلة، وتحت القدم بقدم، هناك أنثى تقبع داخلي، تنثر عطراً برائحة الحبر، يغريني بالبقاء، يعدني بلقاء حلمي، برواية واحدة فقط، أقتص بها منهم جميعاً، من خيانتهم وغدرهم. ولسبب ما وعلى غير توقع مني أخذ الرجل القابع في دهاليز نفسي يتقرب من تلك الأنثى القابعة تحته بزمن لا يقاس بموازيننا، وكأنها بدأت تلتفت إليه. كنت أعرف هذا من رائحة عطرها الذي كان يخف يوماً بعد يوم، حتى أصبحت لا أغادر فراشي إلا قليلاً، وأكره فتح النوافذ. وفي يوم مضى اشتد خفقان قلبي وتسارع نبضه كثيراً واضطربت الرؤية عندي فأصبحت أرى في الظلام ما لا أراه في وضح النهار، عندها وعند ذلك فقط أدركت أنهما الآن، يفترشان روايتي... حلمي المقبل، ويمارسان فوقها إحدى تلك الخيانات.