«سيواجه من يدخن في سيارته الخاصة في الإمارات، وبجانبه طفل، عقوبة مشددة قد تصل إلى الغرامة المالية بمبلغ مليون درهم إماراتي، وبالسجن لفترة تصل إلى سنتين بحسب قانون اتحادي أصدره الرئيس الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، كما يُمنع وفقاً للقانون كل أشكال الإعلان والترويج والدعاية لأي من منتجات التبغ، ويحظر التدخين في وسائل النقل العام والأماكن العامة المغلقة، وكذلك دور العبادة والمؤسسات التعليمية والمنشآت الصحية والرياضية، مع حظر الترخيص للمقاهي وما يماثلها التي تقدم التبغ أو منتجاته داخل البنايات السكنية والأحياء السكنية أو بجوارها، ويقضي القانون أيضاً بمنع زراعة التبغ أو حتى بيعه أو منتجاته لمن لا يتجاوز ال18 سنة»، إنه مجمل ما تداولته الصحف عن القانون الإماراتي الذي يستحق الإشادة به، فكل جملة فيه تنادي بنشره أكثر من مرة، ولأن الإمارات واحدة من الدول التي لا تتساهل في تطبيق قوانينها فلا يسع من يقرأ الخبر سوى أن يتأكد من أنه ليس مجرد كلام، وللأمانة -وإلى اليوم- كلما فتحت موضوع الإجراءات التنظيمية التي تتخذها دولة الإمارات بحق مواطنيها والمقيمين فيها أجد متحدثي وله أكثر من قصة عاشها بنفسه وتصب في موضوع الحسم التطبيقي عينه، ومنها ما جاءني عن صديقة، أنها اجتمعت يوماً مع نساء عدة ضمن وفد سعودي كان مدعواً لحضور فعاليات إحدى المؤتمرات في مدينة دبي، وبانتهاء الحدث استأجرت الزميلات مركبة من النوع «الجيب» للتنقل بها، ليفاجأن وهن بصدد الوقوف بالمركبة أمام أحد المطاعم بشرطي المرور الإماراتي يطلب التحدث إلى من كانت خلف المقود كي يكمل معها المعلومات المطلوبة للمخالفة التي حررت لها، والسبب ببساطة كان في تجاوز عدد الراكبين المسموح به للمقعد الواقع خلف السائق، وهو ثلاثة أشخاص إلى أربعة نساء في حالتهن، ما استوجب دفع غرامة قدرها 300 درهم إماراتي... تضيف صديقتي وكعادة النساء في الاعتذار حاولن شرح جهلهن بالقانون الإماراتي والتعريف بأنفسهن كضيوف حكومة دبي، فما كان من الشرطي إلا أن استمع إلى جميع أعذارهن وهو يكمل البيانات، ثم وبكل هدوء مد يده بورقة المخالفة فناولها للمرأة بقوله: لو تغاضيت هذه المرة وسامحت، فمن العدل أن أتغاضى في المرات المقبلة وأسامح، وهذا مخالف للقانون، ثم، وبكلمة شكر مقتضبة مضى في حال سبيله. القوانين الجيدة المرتبطة بالحاجات المعيشية للفرد تفضي إلى قوانين أخرى جيدة ومكملة لها، والقوانين الرديئة وغير المدروسة التي يسنّها صاحب الكرسي ذي الجلد الفاخر والسيجار الممنوع تدخينه في القانون أعلاه لا تفضي إلا إلى قوانين أردأ منها، ولا شيء يحافظ على القانون ويفرض سيادة النظام قدر العقاب عند المخالفة، بلا استثناءات مخزية تنتهي بقوانين تتخلص من القوانين، فلا أظن أن بلدي فقيرة بقوانينها المنصوص عليها في اللوائح والكتيبات، ولكن ترسيخ تطبيقها هو الأهم حتى نتنفس ثقافة الالتزام بالقانون، لا مغامرات اختراقه والتباهي بتجاوزه، إن باسم «الفزعة»، أو بمنطق «الشرهة» والواسطة، يقول تشرتشل: «من الجندي الذي يقف بالشارع تبدأ هيبة الدولة». وقالوا: «تبتهجون حين تسنون القوانين، وتبتهجون أكثر حين تخرجون عليها، كالصبية يلعبون على شاطئ البحر». جبران خليل جبران [email protected]