قصفت طائرات التحالف العربي مواقع للمتمردين في صنعاء خلال الليل، قبيل بدء محادثات بين الفصائل المتحاربة في جنيف، حيث أعرب أكثر من مسؤول عن عدم تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق، فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة المتحاربين إلى هدنة رمضانية. وقال شاهد إن الغارات تسببت في انفجارات ضخمة قبل الفجر، وأصابت مواقع إلى الجنوب والغرب من العاصمة. واندلعت اشتباكات في مختلف أنحاء جنوب اليمن ووسطه أمس بين رجال القبائل ومقاتلين مؤيدين للرئيس عبدربه منصور هادي والحوثيين وحلفائهم في الجيش. وأصابت الضربات الجوية مواقع للمتمردين في صنعاء وفي محافظة الضالع القريبة منها، دعماً للمقاتلين المحليين الذين تبادلوا القصف بالمدفعية الثقيلة مع المتمردين. وقال سكان في عدن إن مسلحاً حوثياً فتح النار على عشرة مدنيين كانوا يشترون الثلج في سوق سط المدينة فقتلهم جميعاً، قبل أن يعتقله بعض المارة. وتم تسليمه إلى الحوثيين واعتذر ممثلو الحركة إلى أسر الضحايا فيما بعد وصرفوا لكل أسرة 20 ألف ريال يمني (93 دولاراً). ولم يتسن التحقق من مصادر مستقلة من صحة هذه التقارير. وتدهورت حدة أزمة إنسانية بسبب حصار جوي وبحري مفروض لمنع إمدادات الأسلحة من الوصول إلى المتمردين، لكن هذا الحصار عطل أيضاً وصول الأغذية والدواء والوقود للكثيرين. وسجلت منظمة الصحة العالمية أكثر من 300 حالة حمى في خمس محافظات منذ بدأ الصراع وتأكدت ثلاث وفيات. وقالت مصادر طبية في عدن إن العشرات لقوا حتفهم بسبب هذا المرض الذي انتشر من جراء تراكم تلال القمامة التي توقف جمعها ومن حرارة الصيف الشديدة. في جنيف، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس، إلى هدنة إنسانية فورية لمدة أسبوعين في اليمن، مع اقتراب بدء شهر رمضان، فيما يتوقع أن تنطلق محادثات صعبة في محاولة لحل النزاع. وقال بان بعد لقائه وفداً من الحكومة: «شددت على أهمية هدنة إنسانية ثانية لمدة أسبوعين»، مضيفاً أن «رمضان يبدأ بعد يومين ويجب أن يكون فترة وئام وسلام ومصالحة، وآمل في أن يشكل هذا الأسبوع بداية لانتهاء المعارك». ودعا أطراف النزاع إلى التوصل لاتفاق «لوقف لإطلاق النار»، مشيراً إلى أن «الوقت الذي يمر ليس دقات الساعة إنما دقات قنبلة موقوتة». وكان مقرراً أن يبدأ وفدا الحكومة والمتمردين صباح أمس محادثات صعبة كلٌ على حدة، برعاية الأممالمتحدة، لكن ذلك تم تأجيله بسبب تأخر وصول وفد صنعاء. ووجّه بان، الذي يشارك في افتتاح المحادثات «نداء ملحاً» إلى الطرفين من أجل المشاركة «بنوايا حسنة ومن دون شروط مسبقة، لما فيه مصلحة الشعب اليمني». وكان الناطق باسم الأممالمتحدة أحمد فوزي، أصدر بياناً يؤكد أن الإثنين (أمس) سيشهد «مشاورات أولية» بين طرفي النزاع في قاعتين منفصلتين، على أن يقوم الموفد الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد شيخ أحمد بالتنقل بينهما «آملا في جمعهما معاً». والمحادثات هي اللقاء الأول بين الطرفين منذ إطاحة الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي فر من صنعاء في شباط (فبراير) الماضي بعد خضوعها لسيطرة المتمردين الحوثيين وأنصارهم من قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح. واستبعد لوران بونفوا، وهو خبير في شؤون اليمن «أن تفضي المحادثات الى نتيجة. فكل معسكر متمسك بموقفه ولا يبدو مستعداً لأي تسوية». وأضاف: «على رغم كل شيء فإن المحادثات في جنيف يمكن أن تشكل فرصة قبل بضعة أيام على حلول شهر رمضان لتعلن السعودية هدنة يمكن أن تتيح إطلاق محادثات أكثر جدية». وتأخر وصول وفد المتمردين «لأسباب لوجستية»، على ما أفادت الأممالمتحدة التي أكدت أن الوفد سيصل إلى بعد الظهر أو في المساء (أمس). وأعلنت مصادر الأممالمتحدة أن الطائرة، وعلى متنها خمسة ممثلين عن المتمردين بينهم حوثيان وعضوان في حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح وزعيم حزب الحق المعارض حسن زيد، غادرت صنعاء مساء الأحد واضطرت إلى التوقف مطولاً في جيبوتي. من جهة أخرى، قال وزير الخارجية اليمني رياض ياسين إنه «غير متفائل» حيال فرص التوصل إلى سلام مع الحوثيين الذين اتهمهم بأنهم يصلون بأعداد كبيرة إلى جنيف بهدف «خلق الفوضى»، مشيراً إلى أنهم «لا يحترمون أي هدنة». وأضاف أن «الحوثيين مشابهون لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية وبوكو حرام في نيجيريا والفارق الوحيد هو وجود دولة تدعمهم هي إيران وهذا سبب كل المشاكل». وفي أعقاب تخلي الرئيس السابق علي عبدالله صالح عن السلطة في مطلع 2012 في إطار مبادرة خليجية ومفاوضات وطنية، بدأت مرحلة انتقالية تضمنت إجراء حوار وطني شارك فيه الحوثيون وحزب صالح وقرر تحويل اليمن إلى بلد اتحادي من ستة أقاليم. وكان يفترض أن يتم الاستفتاء على دستور جديد وإجراء انتخابات عامة جديدة بموجب الجدول الزمني لاتفاق الانتقال السياسي. وفي أيلول (سبتمبر) 2014، سيطر الحوثيون على صنعاء وتابعوا حملتهم التوسعية مدعومين من صالح الذي يسيطر على قسم كبير من القوات المسلحة ما أرغم هادي على الانتقال إلى عدن في الجنوب ثم إلى السعودية.