يترقّب المهتمّون بقضايا الفكر والرأي في سلطنة عمان الحكم في قضية علي الزويدي الذي تلاحقه تهمة «تشهير» كونه مشرفاً على منتدى إلكتروني نشر تقريراً عن الفساد في شركة الاتصالات «عمانتل»، وتهمة نشر وثيقة رسمية مصنفة على أنها «سرية جدا» موجهة من مجلس الوزراء بخصوص محددات برنامج جماهيري عنوانه «هذا الصباح» يعرض مشاكل المواطنين وردود المسؤولين عليها. ووجدت القضية صدى «إلكترونيا» في منتديات الحوار العمانية، ومتابعة من منظمات معنية بالحريات حول العالم، وناشدت مجموعة منها الحكومة العمانية وقف محاكمة الزويدي، فيما اعتبرها مثقفون في السلطنة إساءة لمشروع عُمان الانفتاحي. إلا أن مصادر رسمية رأت في المحاكمة جانباً جزائياً يتعلق بالتشهير الشخصي بحق الرئيس السابق لشركة «عمانتل» الذي يعمل وكيلاً لوزارة النقل والاتصالات بعد يوم من تقديمه استقالته من مجلس إدارة الشركة. وأضافت المصادر أن الأمر بوجوده بين ايدي العدالة يمثل جانبا من مطالبة المثقفين باستقلالية القضاء وعدم تدخل الحكومة فيه، مشيرة إلى أن أمر المحاكمة لا علاقة له بالفكر وحرية الرأي إنما بمخالفات جزائية تتعلق بكونه مشرفا على منتدى «سبلة عمان». وفي السياق ذاته، وقبل وقت قصير من موعد النطق بالحكم في قضية الزويدي، أكملت ندوة «الكلمة بين فضاءات الحرية وحدود المساءلة» يومين من أوراق العمل والمداخلات وسط حضور غير معهود ملأ قاعة النادي الثقافي في مسقط، فيما تابع عدد أكبر الندوة عبر شاشات عرض في قاعتين أخريين ضمن مبنى النادي الذي كان يشتكي من ضعف حضور الفعاليات الثقافية. والندوة التي نظمتها «الجمعية العمانية للكتاب والأدباء» وشارك فيها مثقفون ومحامون ومدونون ومشرفون على منتديات إلكترونية، حظيت بتغطية إعلامية وبث مباشر من فضائيات عربية، وكانت النبرة فيها عالية، اذ لم يكن معهودا الحديث بجرأة عن ضعف القوانين الحامية لحقوق الرأي والفكر وربطها بعبارات مطاطة من السهل استخدامها كذريعة ضد الفكر كمفردات «الآداب العامة والتقاليد المرعية». ولم يسلم النظام الأساسي للدولة (الدستور) من انتقادات لمواده المتعلقة بالنشر والفكر، فيما اعتبر بعض المتحدثين قانون المطبوعات والنشر قديما تجاوزه الزمن، إلا أن أحد المحامين رأى أن المشكلة ليست في القوانين وإنما في تفسيرات القضاء لها، مشددا على أنه في حال تعارض أي قانون مع الدستور يفترض المطالبة القضائية بتعديله، ضارباً المثال بالمادة 61 من قانون الاتصالات التي تتناول مخالفات النشر الالكتروني ومعتبرا أن أركان القضية افتراضيون، ومتسائلا عمّن اختار مدير الموقع الالكتروني والمشرفين على المنتديات لتتم مساءلتهم ولماذا يعلنون عن اسمائهم أصلا ومن طلب منهم الإشراف على ما يكتبه الأعضاء. وتحدث رئيس منتدى «سبلة العرب» سعيد الراشدي عن واقعة إغلاقه للمنتدى بعد سبع سنوات من النشاط معتبراً انه حدث مهم في «ساحة حرية الرأي»، مشيراً الى بلوغ عدد الزوار 360 ألفاً يومياً بعدما لم يتجاوزوا 35 زائراً خلال الأيام الأولى من اطلاقه على الشبكة الالكترونية. ونفى الراشدي ما أشيع عن أن الإدعاء العام طلب منه إغلاق المنتدى، وقال إنها رغبة شخصية بعد تجربته مع المحاكمة التي تعرض لها خلال تلك الفترة، مشيرا إلى أن الأحكام الصادرة أعطته البراءة مما نسب إليه من تشهير بشخصيات معينة وحتى الأحكام بالسجن في حق المشرفين والأعضاء تم وقف تنفيذها، مؤكدا على أن النقد ليس مرفوضا من قبل الجهات الرسمية، وان المواجهة كانت أشد مع الأشخاص والمجتمع. وأشاد مدير المنتدى بتعاون الإدعاء العام مع الموقع وقال إن هناك قضايا مرفوعة على المنتدى «إلا أن طريق الحرية قطع مسافات معقولة والمجتمع بدأ في اعتياد النقد وكسر الحواجز النفسية في المواضيع المطروحة وأصبح أكثر نضجا في التعامل مع مسائل الرأي والاختلاف».