كشفت مصادر فلسطينية موثوقة ل «الحياة» أن وزير الصحة في حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية في رام الله الدكتور فتحي أبو مغلي عطّل اتفاقاً توصلت إليه جهات وشخصيات طبية محلية ودولية لإنهاء أزمة دائرة العلاج في الخارج في قطاع غزة. وقالت إن أبو مغلي لا يزال يماطل ويرفض تطبيق الاتفاق الذي حصلت «الحياة» على نسخة منه، محملة الوزير المسؤولية عن استمرار وفاة مزيد من المرضى، وعدم تلقي مئات آخرين العلاج اللازم خارج القطاع. وشارك في المساعي الدؤوبة من أجل ايجاد حل للأزمة عدد من الأطباء البارزين في القطاع، من بينهم داعية حقوق الانسان الدكتور اياد السراج، والنائب عن حركة «فتح» الدكتور فيصل أبو شهلا، ومدير مكتب منظمة الصحة العالمية محمود ضاهر، وشبكة المنظمات الأهلية، ثم انضم الى هذه الجهود القيادي «الفتحاوي» مروان عبدالحميد الذي زار القطاع اخيراً. وبرزت الأزمة عندما سيطرت وزارة الصحة في الحكومة المقالة في 22 من الشهر الماضي على دائرة العلاج في الخارج المعينة من حكومة رام الله والتي تأخذ تعليماتها من أبو مغلي، بعد تفاقم معاناة آلاف المرضى المحتاجين للعلاج في الخارج. وينص الاتفاق الذي وقع عليه السراج وضاهر ووكيل وزارة الصحة في الحكومة المقالة الدكتور حسن خلف في 12 من الشهر الجاري، على «عودة دائرة العلاج في الخارج ودائرة تنسيق عبور المرضى الى العمل فوراً، كما كان عليه الوضع قبل 22 اذار (مارس) الماضي». كما ينص على أن «يشكل وزير الصحة (أبو مغلي) اللجنة الطبية العليا (المكلفة منح المرضى تحويلات للعلاج في الخارج) بحيث تكون مكونة من أطباء معروفين بمهنيتهم العالية. وتم حصر قائمة أسماء عدد من الأطباء يمكن الاختيار منها، ويكلف (أبو مغلي) طبيباً مشهوداً له بالنزاهة» برئاسة الدائرة. كما يتضمن الاتفاق أن «يقوم أحد الموظفين بتجميع تحويلات كل مستشفى تسهيلاً على المرضى، ومن ثم عرضها للتوقيع على الطبيب المعين» السالف الذكر، اضافة الى «التزام قرار اللجنة في تحديد جهة العلاج وعدم السماح بتجاوزها، ورفع سقف عدد التحويلات». لكن أبو مغلي رفض التزام قائمة الأطباء المتوافق عليها، واختار أطباء غير مقبولين ليس من جانب وزارة الصحة المقالة فحسب، بل من جانب جهات وشخصيات مستقلة من بينها السراج، ما عرقل الحل. وحينها اضطر السراج الى توجيه رسالة الى رئيس حكومة تسيير الأعمال في رام الله الدكتور سلام فياض في 16 من الجاري حصلت «الحياة» على نسخة منها. وقال السراج في رسالته إن الأمر وصل الى أن «يموت في غزة يومياً مرضى لا يتمكنون من السفر (لتلقي) العلاج بعد منع وزير الصحة (أبو مغلي) التحويلات الطبية وتعطيل وزارة الصحة في غزة لادارة العلاج في الخارج». وأضاف: «تدخلت الشخصيات الوطنية والمجتمع الطبي في غزة من أجل الوصول الى حل ينهي الأزمة، وتم الاتفاق... وأبدت وزارة الصحة (المقالة) في غزة تعاوناً كبيراً، ووافقت على كل التعديلات التي كانت تُطرح على الاتفاق». وتابع: «وجاءت اللحظة الحاسمة صباح أمس (15 من الجاري)، وأرسلنا الاتفاق موقعاً ومعه قرار (وزير الصحة في الحكومة المقالة) الدكتور باسم نعيم بعودة الأوضاع الى ما قبل 22 من الشهر الماضي، واعتبار القرار أمانة لدى مروان عبدالحميد لحين اصدار قرار (تشكيل) اللجنة الجديدة، والاتفاق الكامل، وانتظرنا أن نُبلغ بأسماء اللجنة، الا أن وزير الصحة (أبو مغلي) أصر على عدم التزام الأسماء التي تم ترشيحها، واصدر اليوم تعليمات لمكتب العلاج في الخارج (في غزة)، مستغلاً قرار نعيم الذي وضعناه أمانة مع عبدالحميد». وختم السراج بالتحذير من تداعيات ذلك على حياة المرضى في القطاع، وقال: «إن هذا الموضوع خطير يهدد حياة المرضى وأدى الى قتل عدد منهم»، مشدداً على أن «لا بد من حل فوري». وطالب فياض «بالتدخل العاجل لتطبيق الاتفاق»، وقال ل «الحياة» إنه لم يتلق حتى الآن أي رد من رئيس الحكومة، ما يعني تهديد حياة أعداد اضافية من مرضى القلب والسرطان وفشل وظائف الكلى وغيرها.