تكاد رسائل القراء الورقية بطوابعها تختفي، لكن الأخ عادل عبدالرحمن سالم من مصر ارسل إليّ واحدة من هذا النوع، ولست أعلم لماذا اختارني من دون الناس «خيرة ان شاء الله». عادل روى في رسالته بخطه الجميل كيف تبخرت تحويشة العمر. عمل عادل في السعودية فترة من الزمن، ثم قرر المغادرة. وعند حصوله على مكافأة نهاية الخدمة من الشركة التي يعمل بها، ذهب في 22 رمضان إلى محل في شارع البطحاء بالرياض وحول المبلغ إلى ستة آلاف دولار، وغادر على عجل لأنه مسافر فجراً، لم يتفحص الدولارات وقتها، وبعد فترة حاول صرف الدولارات في أحد بنوك مصر فقيل له انها مزورة، واستغربوا انه حصل عليها من السوق السعودية. يذكر عادل انه سبق له التعامل مع المحل في البطحاء مرات عدة ولم يحدث له ما حدث آخر مرة. أرفق عادل ورقة مزورة من فئة مئة دولار مع الخطاب، بان تزويرها، كأنها قد غسلت حتى لمعت صلعة «بنيامين فرانكلين» - وأنا هنا مشبه عليه - وغرض الأخ عادل من الرسالة جميل، وفيه وفاء وحرص على الآخرين، إذ يتجاوز المطالبة بحقه الشخصي، فهو أرفق ورقة من العملة لأنه «لا يرضى بوجود مروجي عملات مزيفة في السعودية التي عمل بها ولها الفضل والخير منها عليه ومخافة ان ينتشر هذا الأمر»، الفضل لله تعالى أولاً وأخيراً يا عادل، ومعدنك الأصيل قدم المصلحة العامة على الخاصة، وعن هذه الأخيرة يقول: «أما أنا فأترك أمري إلى الله، على رغم ما أنا فيه من حاجة». المئة دولار المزيفة لدي والرسالة كذلك، سأحتفط بها لمدة اسبوع وإذا لم تطلب مني جهة رسمية فسأتلفها. ورسالة عادل توافقت مع حادثة أخرى، اشتكى فيها عامل محطة البنزين في الحي من العملات المزيفة، قال لي انه حضرت سيارة في ساعة متأخرة من الليل وقدم له سائقها ورقة نقدية من فئة 200 ريال، لتكتشف الشركة صاحبة محطة الوقود لاحقاً أنها مزيفة فتخصمها من راتبه الضئيل. يتساءل عامل المحطة الآسيوي المسكين عن فائدة فتح المحطة في ساعة متأخرة من الليل من دون حراسة، مع ندرة عدد السيارات، وتكاثر «الصيع» الذين يزودون سياراتهم بالوقود ويهربون او يهددون عمال المحطة اذا طالبوهم بالثمن، يتحول عمال محطات الوقود إلى حراس وفاحصي عملات. في شأن آخر من العملات والفئات، أصبح من المعتاد في الرياض ان يطلب منك المحاسب «ريالاً» في أي محل تتسوق منه تقريباً... من بيع الملابس إلى المطاعم، «معك ريال» هو السؤال الشائع حتى في محطات الوقود، وهي في العادة مواقع للحصول على «الفكَّة»، طبعاً لا تسألني عن السبب؟ لكن حتى تتخلص من الحرج جهز ريالاً في كل «مخباة». ميزة «الريال» انه حتى المتسول لم يعد يلفت انتباهه. www.asuwayed.com