ناقش خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في الرياض أمس جهود إحياء عملية السلام، فيما تواصلت التحركات والاتصالات العربية لتحديد آلية لاستئناف المفاوضات. وفي وقت نقل وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل رسالتين من خادم الحرمين إلى الرئيسين المصري حسني مبارك والسوري بشار الأسد تناولتا عملية السلام، نفى الرئيس الفلسطيني محمود عباس من الدوحة وجود تباين بين القراءتين المصرية والفلسطينية للموقف الإسرائيلي من المفاوضات، لكنه شدد على أن هذا الموقف «ضبابي»، وان لا عودة إلى المفاوضات ما لم تحدد لها مرجعية واضحة ويتوقف الاستيطان. وتصدر الملف الفلسطيني المحادثات بين خادم الحرمين والعاهل الأردني، وناقش الزعيمان «دعم جهود إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة تعالج مختلف جوانب الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وتحقق السلام الشامل والعادل استناداً إلى حل الدولتين والمرجعيات المعتمدة»، كما بحثا في ملف الحوار الفلسطيني الذي ترعاه القاهرة. وكان خادم الحرمين في مقدم مستقبلي الملك عبدالله الثاني لدى وصوله إلى مطار الملك خالد الدولي في الرياض، وصحبه في موكب رسمي إلى قصره، حيث كان كبار المسؤولين السعوديين، وعلى رأسهم ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز. وضم الوفد المرافق للعاهل الأردني، الأمير فيصل بن الحسين، ورئيس الوزراء وزير الدفاع سمير الرفاعي، ورئيس الديوان الملكي ناصر اللوزي، ومستشار الملك أيمن الصفدي، ومدير المخابرات الفريق محمد الرقاد. ونقل وزير الخارجية السعودي إلى الرئيسين المصري والسوري أمس رسالتين من خادم الحرمين ركزتا على جهود إحياء السلام. وشدد الأمير سعود الفيصل بعد لقائه الرئيس مبارك في شرم الشيخ، على «تطابق وجهات النظر بين مصر والسعودية حيال مختلف التطورات في المنطقة». وقال إن «الأوضاع في المنطقة تتعرض لتقلبات كثيرة ومن الضروري في مثل هذه الظروف وفي هذه الفترة بالذات أن تزداد الاتصالات العربية، وتأتي زيارتي دمشق لهذا الغرض وليست لسبب آخر». ورداً على سؤال عما إذا كانت السعودية حصلت على موافقة «حماس» على توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية خلال استقباله رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل في الرياض الأحد الماضي، قال الأمير سعود الفيصل إنه لم يتطرق إلى هذا الموضوع «لأن ورقة المصالحة بالكامل في يد الإخوة المصريين». لكنه أشار إلى أنه طلب من مشعل «أن يوضح لنا أين تقف حماس من القضية الفلسطينية، بمعنى هل هي قضية عربية أم هي قضية تتبع طرفاً آخر... ورد على ذلك مؤكداً عروبة حماس والقضية الفلسطينية، وهذا ما كان يبحث عنه الجانب السعودي من المقابلة». وقال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط إن المحادثات تناولت في شكل مستفيض «جهود السلام في المنطقة ومحاولات إحيائها والزيارة المرتقبة للوفد الوزاري المصري لواشنطن» الجمعة المقبل. وسُئل أبو الغيط عما إذا كانت هناك أفكار مصرية جديدة سيحملها ورئيس الاستخبارات الوزير عمر سليمان إلى واشنطن، فأجاب: «نطالب بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على مجمل أرض خطوط العام 1967 تعيش في سلام وأمن مع إسرائيل، وأن تكون دولة متماسكة الأطراف، وعاصمتها القدسالشرقية، ونطالب بتسوية عادلة لقضية اللاجئين على أسس المبادرة العربية... نركز على كيفية تتويج هذا الطرح في ضوء ما يأتي من الولاياتالمتحدة... ونأمل باقتناع الطرف الأميركي به وأن يتبناه ويدفع به مع إسرائيل». وفي دمشق، قال الأمير سعود الفيصل رداً على سؤال ل «الحياة» بعد لقائه الرئيس الأسد، إن «كل القضايا كانت في إطار البحث (بينهما)، سواء عملية السلام والعقبات التي تواجهها، وهي عقبات ليست من إجراءات عربية، لكن من مواقف إسرائيلية تعرضنا لها. واتفقنا على ضرورة لم الصف العربي والوقوف (معاً) لنيل مصالحنا. ولن يمكننا من (نيل) مصالحنا سوى عملنا». وأوضح ناطق رئاسي سوري أن اللقاء تضمن «عرض الوضع العربي الراهن والتحديات التي تواجه العرب، خصوصاً على الساحتين الفلسطينية واليمنية، إذ جرى التأكيد على حرص سورية والسعودية على سلامة ووحدة أراضي اليمن وسيادته واستقراره، والضرورة الملحة لتحقيق المصالحة الفلسطينية». ونقل عن الأسد تأكيده «دعم سورية أي جهد يسهم في إيجاد حل يضمن وحدة الصف الفلسطيني». ويتوجه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إلى السعودية اليوم لإجراء محادثات تتناول فرص إحياء عملية السلام وتطورات الأوضاع في اليمن. وقال موسى أمس إنه يتابع «هذا الحراك الديبلوماسي باهتمام بالغ، ولهذا سأتوجه إلى السعودية اليوم للقاء كبار المسؤولين وسألتقي خلال الأيام المقبلة عدداً من وزراء الخارجية العرب والأوروبيين في إطار التشاور». وكان مبارك ناقش الاثنين مع العاهل الأردني والرئيس الفلسطيني شروط استئناف المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية قبل زيارة أبو الغيط وسليمان لواشنطن. وقال وزير الخارجية الأردني ناصر جودة إنه قد يزور واشنطن بالتزامن مع زيارة الوفد المصري. ونفى الرئيس الفلسطيني أمس وجود تباين بين القراءتين المصرية والفلسطينية للموقف الأخير من استئناف المفاوضات الذي أبلغه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو للرئيس المصري حسني مبارك خلال لقائهما الأسبوع الماضي، ووصفه عباس بأنه «ضبابي» فيما اعتبرته القاهرة «أكثر تقدماً». ورداً على سؤال ل «الحياة» عما إذا كان هناك تباين بين القراءتين المصرية والفلسطينية للموقف الاسرائيلي، قال عباس خلال لقاء مع رؤساء تحرير الصحف القطرية في الدوحة أمس: «لا يوجد تباين... المصريون سمعوا كلاماً من إسرائيل وأنا قلت إنه ضبابي وأريد حقيقة الموقف حتى أبني عليه، أنا لا أبني على الوهم. قلت رأيي، وسنتفاهم حين يأتي النص واضحاً». وشدد على أن «هذا لا يختلف مع رأي مصر، بل على العكس، ستحمل مصر هذين البندين لتتحدث فيهما مع الأميركيين» خلال زيارة وفد وزاري مصري لواشنطن الجمعة المقبل. وأشار إلى أن «الأميركيين يريدون إعادتنا إلى المفاوضات مع إسرائيل... لكن إذا لم يوقف الاستيطان ولم نعرف مرجعية للمفاوضات، فلا عودة إليها». وكان وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي بنيامين بن اليعيزر أعرب أمس عن ثقته بأن تحريك العملية السياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بات وشيكاً بفضل التدخل المصري.