قاد المشاركون في المؤتمر الثالث للأوقاف الذي اختتم أمس في المدينةالمنورة حملة لإصلاح أوضاع الأوقاف الإسلامية شددوا فيها على أهمية إصلاحها واقتراح آليات واضحة لذلك. وأوصوا باعتبار الوقف قطاعاً ثالثاً موازياً للقطاعين العام والخاص، وطالبوا بإنشاء شرطة مختصة بحماية الأوقاف ومنع التعدي عليها، وإنشاء محاكم مختصة بنظر قضايا الأوقاف لسد الذرائع أمام عمليات تخريب الوقف أو تعطيل منافعه لأغراض الاندثار القسري له أو استبداله أو الاستيلاء عليه أو على أعيانه أو غلاته بقوة السلطان أو بتحايل النظّار ب «تقرير الجزاء المدني والجنائي الرادع لتزوير الوثائق المسهلة للاستيلاء على الوقف أو منافعه مع تتبع الأعيان المستولى عليها بوثائق مزورة واستردادها عند اكتشاف التزوير». وحثوا على الإسراع في تنفيذ عمليات إعادة التوثيق الإلكتروني لحجج الوقف التي تداهمها مخاطر التلف، نتيجة تقادم الزمن عليها، واعتماد أسلوب إداري حديث لعمل الناظر يقوم على أسس المرونة والشفافية والمحاسبة الدورية والمساءلة الجزائية والربط بين أجره وبين إنتاجية أعيان الوقف والأخذ بمبدأ الخدمة الموقتة للناظر بمعنى منع توريث النظارة لذرية الناظر. وفي حين أوصى المؤتمر بدعوة المنظمات الدولية الإسلامية إلى «صياغة» نظام أو قانون نموذجي أو استرشادي للوقف الإسلامي تصادق عليه جميع الأقطار الإسلامية كمعاهدة دولية متعددة الأطراف وتلتزم بأحكامه حال وضعها أو تعديلها لأنظمتها الوقفية الوطنية، وتقنين الضوابط المنظمة لولاية الدولة على الأوقاف. طالب «مشاركون» بضرورة الاعتراف للمشاريع والوقفية بصفة «المرفق العام الخدمي» بما يترتب على ذلك من حماية الدولة لأعيان الوقف وأصوله ومراقبة صرف غلاته، وطالبوا بإعفاء المشاريع الوقفية الاستثمارية من الالتزامات المالية، والسماح للشركات التجارية والمدنية والاستثمارية بإنشاء مشاريع وقفية خيرية من فائض احتياطياتها النظامية غير الموزعة مع تعديل ما يلزم من أنظمة وقوانين هذه الشركات، فضلاً عن ضرورة التعامل مع الأعيان الموقوفة على أساس من الخصوصية لا تسمح بتملكها بالتقادم المُكسِب، وإدارة المشاريع الوقفية على أسس تجارية، وأكدوا على الربط بين أجر الناظر وبين إنتاجية أعيان الوقف، وتجميع الأوقاف الصغيرة المتماثلة أو المتقاربة التي توشك على الاندثار، وإقامة مشاريع وقفية لخدمات إنسانية كبيرة، وأكدوا ضرورة إقامة صناديق وقفية وإتاحة فرص إقامة الوقف المشترك تسهم فيه كل طبقات المجتمع، وتشجيع الأوقاف النقدية. ولم تقتصر توصيات المؤتمر (حصلت «الحياة» على نسخة منها) على جوانب الإصلاح الاقتصادي فقط، إذ لامست شأن أوقاف الحرمين الشريفين المنتشرة في كافة أنحاء العالم الإسلامي بجملة من التوصيات طالبت بالتنسيق بينها لتبني استرداد ما يمكن استرداده منها والعمل على حصرها في سجلات نهائية والحصول على الوثائق والحجج المثبتة لها والمطالبة بغلاتها طبقاً لشروط الواقفين باعتبار هذا العمل عملاً شرعيًّا في ذاته. وطالبوا بإنشاء مركز إسلامي لتوثيق وشهر الأوقاف الجديدة على مستوى العالم الإسلامي. إضافة إلى ضرورة الإفادة من التجارب الناجحة في العالم وإنشاء وقفيات خاصة لدعم وتشجيع مؤسسات التعليم والبحث العلمي وتوفير متطلباته، وأخرى للمساهمة في حل المشكلات والقضايا الاجتماعية المعاصرة. وفي ختام المؤتمر الذي امتد على سبع جلسات وناقش سبعة وستين بحثاً قدمها علماء وباحثون من الرجال والنساء من كافة أنحاء العالم الإسلامي، أوصى المشاركون بإنشاء أمانة عامة دائمة للمؤتمرات والندوات والملتقيات العلمية وحلقات النقاش التي تتعلق بموضوع الوقف الإسلامي يكون من مهامها التنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية والجهات الأخرى ذات العلاقة والعمل على متابعة وتنفيذ توصيات مؤتمرات الأوقاف.