طموحات لا تقف دون منصة التتويج، وجماهير لا تقبل الخسارة، وإدارة تبذل الغالي والنفيس، هذا هو النصر الجديد، الذي يدخل مساء اليوم النهائي الثالث في غضون موسمين، إذ كسب نهائي كأس ولي العهد الموسم الماضي أمام خصمه اليوم وغريمه الأزلي الهلال، قبل أن يخسر نهائي كأس السوبر مطلع الموسم الحالي أمام الشباب، إلا أنه لم يخسر الرهان في منافسات الدوري في الموسمين الأخيرين، إذ علا كعبه في الأعوام الأخيرة على حساب جاره ومنافسه التقليدي الهلال. الإدارة الصفراء شكّلت العلامة الفارقة في إنجازات الفريق، فالرئيس الحالي الأمير فيصل بن تركي استحق لقب «الرئيس الذهبي» بكل ما يعنيه، عبر الصفقات المدوّية، والحضور الدائم مادياً ومعنوياً، وقبل هذا وذاك الحكمة والعقلانية في إدارة مشكلات النادي واللاعبين، ما دفع الفريق إلى تقديم مستويات استثنائية، صفّق لها الخصوم قبل العُشّاق، ولم يعد يعاني الفريق من تواضع في أي مركز، إلا وتجد رئيسه يعلن التعاقد مع خيرة اللاعبين لسد الاحتياج، حتى باتت البيئة الصفراء جاذبة لكبار اللاعبين. «الكتيبة الصفراء» تجيد الأداء الجماعي، وتمتاز بمشاركة عدد كبير من اللاعبين في الشق الدفاعي، لذا يصعب على أي خصم التحصّل على فرص عدة أمام مرمى عبدالله العنزي، والمدرب الأوروغوياني داسيلفا يلجأ دائماً وأبداً إلى تكثيف مناطق المناورة، وشن الهجمات الخاطفة على مرمى الخصم مستفيداً من المهارة التهديفية للمهاجم محمد السهلاوي، الذي يبدو أن اسمه مدوّن في شاشة مدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في جدة قبل صافرة البداية، بعد أن أثبت تخصصه في الشباك الهلالية واقترب من تسجيل رقم قياسي في عدد زيارة شباك حُراس مرمى الغريم «الأزرق»، ومن المنتظر أن يكرّر داسيلفا نهجه الفني أمام نظيره اليوناني دونيس من خلال الزج بالسهلاوي وحسن الراهب في خط الهجوم، وسط مساندة فاعلة من شراحيلي على اليمين والبولندي أدريان على اليسار، مع تحرّر ظهيري الجنب من القيود الدفاعية، للاستفادة من المساحات المتاحة في الملعب الهلالي، في ظل إصرار دونيس على إشراك ثلاثة مدافعين، على رغم تواضع مستوى محمد جحفلي، الذي بات نقطة ضعف واضحة ومكشوفة في الدفاع «الأزرق»، وذلك بارتكاب الأخطاء البدائية والحصول على البطاقات الملونة من دون أي مبرر، وتُعوّل الجماهير الصفراء آمالها على الهداف محمد السهلاوي واللافت البولندي أدريان وكذلك المخضرم حسين عبدالغني صاحب العرضيات المثالية. دكة الاحتياط «الصفراء» عامرة بالأوراق الرابحة، إذ تُمثّل أحد أسرار تفوق مخططات الأوروغوياني داسيلفا في عدد من المواجهات الحاسمة، إذ يشكل الأوروغوياني فابيان ويحيى الشهري والكولومبي ويلا قوة ضاربة في حال الاستعانة بخدماتهم في الحصة الثانية، خصوصاً فابيان صاحب القدم القوية التي تعرف مقاسات المرمى جيداً، وقلّما تخطئ أهدافها. كانيدا.. 9 انتصارات وضعفها لداسيلفا على رغم أنه حقق الانتصار ثم أتبعه بالآخر حتى كبرت كرة الفوز وهي تتدحرج نحو فخ خسارة نصبها الأهلي، ذهب الإسباني راؤول كانيدا أدراج الرياح وغادر من تدريب النصر محققاً 9 انتصارات وخسارتين إحداها «ذهب» توشّحه الشباب، والأخرى ثلاث نقاط من الأهلي كان ثمنها فسخ عقده وبديله كان «العائد» الأوروغوياني خورخي داسيلفا، الذي حقق الانتصارات ضعفاً ليبلغ 18 فوزاً كانت كفيلة في أن تضع النصر على منصة تتويج دوري عبداللطيف جميل. 28 مباراة قاد خلالها الأوروغوياني فريقه ولم ينجح في المحافظة على لقب ولي العهد، وخسر الرهان القاري، ومنحه لقب الدوري رضا النصراويين، قبل أن يصل إلى نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين. عوض خميس هو أكثر اللاعبين حضوراً داخل الملعب، في الهجوم والدفاع وكذلك في الربط بينهما، عوض خميس لاعب وسط نادي النصر أثبت خلال الموسم الحالي قدراته الفائقة على التحكم بمستوى زملائه من خلال قدراته الفنية والتكتيكية العالية. اختصار المسافات أبرز مميزاته، إذ يبدو واضحاً دائماً وقوفه خلف كل الكرات التي تنقل فريقه إلى الجهة الثانية من الملعب، عبر التمرير أو الركض بالكرة ينقل خميس النصر من حال دفاعية إلى هجومية، لكنه دائماً يقدّم ذلك في أقصر مدة ممكنة وهو الدور الذي تبحث عنه غالب الأندية. القدرات البدنية العالية تساعد اللاعب الشاب على الحضور في جُل أجزاء المباراة في الصورة البدنية والذهنية المطلوبة، كما يلعب وعيه التكتيكي دوراً أهم في بناء الهجمة المطلوب لفريقه والتعاطي مع الكرات المرتدة بطريقة أكثر هدوءاً. في حين يبحث غالب المدربين عن لاعبين بدلاء قادرين على الاحتفاظ بالكرة أطول فترة ممكنة وتعطيل اللعب في حال الفوز أو حتى تأخير الكرة لحين تحسّن مواقف اللاعبين، يضيف خميس ذلك الدور إلى أدواره الكثيرة داخل الملعب. وبشكل عام تأتي مجموعة الأدوار التي يقدّمها اللاعب الشاب لتضعه دائماً على رأس قائمة الأكثر حضوراً وفاعلية بين زملائه. محمد السهلاوي على الأقل في العامين الماضيين شكّل محمد السهلاوي العلامة الفارقة في مباريات ال«دربي»، لكنه كان كذلك العلامة الفارقة في جُل مباريات النصر، يحتكم المهاجم الشاب وحده على ثلث أهداف فريقه الدورية وكذلك الحال في أهداف الفريق في بقية المنافسات، يصنع كل ذلك الحضور من خلال ذكاء احترافي وقدرة فائقة على قراءة الخصوم. في الغالب تبدو معظم أهداف السهلاوي بالغة السهولة، وفيما ينسبها البعض إلى حظ المهاجم في الحصول على تلك الكرات، يتناسى الأغلبية أن حضوره في موقع معيّن يأتي بناء على قراءة لافتة للخصوم ولزملائه، وقدرته على التنبؤ بحركة الكرة طوال الدقائق ال90. لكن الأدوار الهجومية لا تشكّل وحدها عامل القوة في حضور السهلاوي، فالتحضير الجيد لكل المباريات التي يشارك فيها يساعده على فهم الطريقة الفنية للخصوم لذلك يلعب دوراً دفاعياً بارزاً، إذ يبحث مع بداية كل هجمة للخصم إلى حرمان المدافع صاحب القدرة على بداية هجمة فريقه من الحصول على الكرة بالضغط عليه، وبالتالي تنتقل الكرة إلى مدافع أقل قدرة على بناء الهجمة. وفي حين يسعى السهلاوي إلى الحصول على كل الكرات من بين أقدام المنافسين لا يتوقف دوره هنا، إذ يبدأ أولاً بقطع الكرة قبل أن يحضر في خانة أخرى موفراً لزميله الذي تسلّم الكرة فرصة للتمرير في حال ضاق عليه الخناق.