شهدت معظم جبهات القتال في اليمن أمس، مزيداً من المواجهات العنيفة بين مسلحي جماعة الحوثيين وقوات الجيش الموالية لها من جهة ومسلحي القبائل وأنصار الرئيس عبدربه منصور هادي وعناصر «الحراك الجنوبي» من جهة أخرى، في حين واصل طيران التحالف العربي قصف مواقع للحوثيين ومخازن أسلحة ومعسكرات موالية للرئيس السابق علي صالح، في صنعاء والبيضاء ولحج وعدن وتعز وحجة وصعدة، بالتزامن مع تقدم مسلحي المقاومة في تعز. وأعلنت المقاومة أنها سيطرت على مواقع للحوثيين في الجوف شرق معقلهم في صعدة. وجاءت هذه التطورات غداة خطاب تلفزيوني لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، دعا فيه أنصاره إلى مواصلة القتال وفتح باب التجنيد، كما رفض ما اتفقت عليه القوى السياسية في مؤتمر الرياض («إعلان الرياض»)، مشيراً إلى موافقته على حوار ترعاه الأممالمتحدة في دولة «محايدة» ويستند إلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاق «السلم والشراكة». وأمس أكدت إيران تأييدها حواراً بين الأطراف اليمنيين، لكنها كررت رفضها «تدخُّلاً خارجياً» في هذا الحوار. في غضون ذلك شن مسلحو المقاومة المؤيدون لشرعية هادي هجوماً وسط مدينة تعز للسيطرة على مواقع للحوثيين ومبنى المحافظة، وخاضوا اشتباكات عنيفة مع الحوثيين رافقها قصف عنيف بالدبابات وقذائف «هاون» والمدفعية في أحياء حوض الأشراف والجمهوري والخط الدائري، في حين قصف الطيران مواقع الحوثيين في قلعة القاهرة ومتنزه زائد في جبل صبر. وصد أنصار هادي في مدينة الضالع محاولة حوثية للتقدم نحو مدخل المدينة الشمالي، تحت ستار قصف كثيف بالمدفعية والدبابات، وأجبروا مسلحي الجماعة على التراجع، كما شنّوا هجمات غرب عدن وشرقها على مواقع الحوثيين الذين قصف طيران التحالف مواقع لهم في خور مكسر والعريش ومطار عدن ومعسكر قوات الأمن الخاصة (الصولبان). وامتدت الغارات إلى قاعدة العند الجوية في لحج (شمال عدن) ومعسكر اللواء 15 في زنجبار عاصمة محافظة أبين المجاورة، بالتزامن مع اشتباكات في مدينة شقرة الساحلية في المحافظة ذاتها. وتواصلت المواجهات في منطقة اليتمة بين محافظتي الجوف وصعدة (شمال) بكل أنواع الأسلحة، إذ حاول مسلحو القبائل الموالون لحزب «الإصلاح» التقدُّم نحو مديرية البقع شرق صعدة، حيث معقل الحوثيين، وأفادت مصادر محلية بسقوط عشرات الإصابات بين قتيل وجريح خلال المعارك العنيفة بين الطرفين في اليومين الأخيرين. في صنعاء جدّدت طائرات التحالف قصف قاعدة الديلمي الجوية ومعسكر ألوية الصواريخ في فج عطان، وضربت معسكر خشم البكرة في مديرية بني حشيش شمال شرقي العاصمة. وسُمِع دوي انفجارات ضخمة وتحليق للطيران رافقته أصوات المضادات الأرضية، كما طاول القصف معسكر اللواء 26 في الحرس الجمهوري بمديرية السوادية في محافظة البيضاء، وروى شهود أن عشرة صواريخ استهدفت المعسكر. إلى ذلك، تواصل القصف المدفعي والصاروخي للجيش السعودي على امتداد الحدود الشمالية الغربية لليمن في محافظتي صعدة وحجة، مستهدفاً تجمعات للحوثيين ومواقع يطلقون منها قذائف باتجاه الأراضي السعودية. وذكرت مصادر محلية أن قذيفة أصابت في مديرية ميدي مركزاً لمنظمة إغاثة ما أدى إلى إصابات. ويرفض الحوثيون الانصياع لشرعية الرئيس هادي ويخوضون منذ نحو شهرين معارك في كل الاتجاهات مع أنصار هادي، من العسكريين الموالين له أو من مسلحي القبائل الموالين لحزب «الإصلاح» أو من عناصر «الحراك الجنوبي». وأكدت إيران مجدداً امس خلال زيارة مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن تأييدها الحوار بين أطراف النزاع اليمني «بلا تدخُّل خارجي». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قوله في استقباله المبعوث إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أن بلاده «تؤيد المبادرات من أجل إعادة المجموعات اليمنية إلى طاولة المفاوضات، وترى أنه يجب ألاّ يشارك في الحوار أي بلد آخر، غير الأطراف اليمنيين». وأضاف أن بإمكان الدول الأخرى أن «تلعب دوراً مساعداً في هذه العملية»، مكرّراً الدعوة إلى وقف النار في اليمن. وشدّد الموفد الدولي على ضرورة عدم استبعاد أي مجموعة من الحوار الذي يقدّم «فرصاً أكبر للتوصُّل إلى حل سياسي» للنزاع. وكشف وزير حقوق الإنسان اليمني عزالدين الأصبحي عن سقوط 1820 شخصاً، وجرح 7300، ونزوح أكثر من نصف مليون يمني منذ 26 آذار (مارس) 2015، معتمداً في إحصاءاته التقريبية على تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة. وأكد الأصبحي خلال مؤتمر صحافي في مقر السفارة اليمنية في الرياض أمس، شارك فيه وزيرا النقل والإدارة المحلية اليمنيين، أن ميليشيات الحوثي وصالح لم تتوقف عن ارتكاب الانتهاكات والجرائم بحق المواطنين العزل خلال هدنة الأيام الخمسة، مشيراً إلى أن محافظة تعز نالت النصيب الأكبر من جرائم القصف العشوائي والقتل قنصاً ودهساً، فضلاً على عمليات الاختطاف في محافظتي الضالع وشبوة. وذكر أن الميليشيات اقتحمت مؤسسة للمجتمع المدني ونهبت جميع محتوياتها في صنعاء، وقتلت امرأتين في قصف منزلهما في الحوطة، كما قتلت في المدينة نفسها رجلاً قنصاً خلال ذهابه إلى البحث عن المواد الغذائية. إلى ذلك، أعلن المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي، في دورته ال22، تأييده للتحالف العربي بقيادة السعودية، ووصف في بيان صدر عنه أمس الحوثيين وحلفاءهم ب«المفسدين»، بل إنهم «قاموا بأشد أنواع البغي والإفساد في الأرض». وأكد المجمع أن ما فعلته ميليشيات الحوثي يعد «انتهاكاً للضروريات التي دلت نصوص الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة القطعية ومبادئها على وجوب الحفاظ عليها»، معتبراً أن «الإسلام أمر بالذود عنها، وشرع الجهاد في سبيلها». ودعا العالم الإسلامي إلى الوقوف بجانب المقاومة الشعبية في اليمن، وتأييدها ومؤازرتها، كما رأى جواز الصرف من الزكاة لدعمها، مناشداً الميليشيات الحوثية ومن ساندها أن «يفيئوا إلى الحق، ويكفوا عن عدوانهم، ويعودوا إلى الرشد حقناً للدماء».