دارت معارك عنيفة بين قوات النظام السوري وعناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في الأحياء الشمالية لمدينة تدمر الأثرية وسط البلاد، وسط غارات عنيفة شنها الطيران السوري، في وقت أفيد بمقتل 32 عنصراً من «داعش» بينهم أربعة قياديين، في عملية الإنزال الجوي التي نفذها الجيش الأميركي في ريف دير الزور في شمال شرقي البلاد. وذكر محافظ حمص طلال البرازي أمس: «تم إفشال هجوم التنظيم وإقصاؤهم (عناصر التنظيم) من الأطراف التي كانوا يتواجدون فيها في شمال مدينة تدمر وشرقها» إثر سيطرتهم عليها السبت. وأضاف أن القوات النظامية «تمكنت كذلك من استعادة التلة المطلة على المدينة وبرج الإذاعة والتلفزيون شمال غربي المدينة بالإضافة إلى حاجز الست عند مدخل المدينة»، مشيراً إلى أن «الأمور بخير الآن في المدينة ومحيطها». من جهته، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن قوات النظام «تمكنت مدعمة بقوات الدفاع الوطني الموالية من التقدم في الحي الشمالي في تدمر وإجبار التنظيم على التراجع إلى أطراف الحي الشمالي بمدينة تدمر، خلال ال24 ساعة الفائتة، كما تمكنت قوات النظام من التقدم في محيط القلعة». وجاء تقدم قوات النظام جراء «انسحاب التنظيم إثر القصف العنيف والمكثف والقصف من قبل الطيران الحربي والمروحي على تمركزاتهم في الحي الشمالي بمدينة تدمر ومحيط القلعة ومحيط مدينة تدمر»، وفق «المرصد»، الذي أشار إلى أن «داعش» لا يزال يحكم سيطرته على قرية العامرية شمال المدينة ورحبة المركبات ومدينة السخنة وحقل الهيل ومنطقتي الحفتة والأرك، الواقعة بين مدينتي السخنة وتدمر، فيما استمرت الاشتباكات بين الطرفين في محاولة من التنظيم لتوسيع رقعة سيطرته بريف حمص الشرقي، حيث لقي ما لا يقل عن 20 عنصراً من التنظيم مصرعهم أمس في قصف ب «برميل متفجر» في محيط سجن تدمر وسط اشتباكات في محيط السجن. وكان «داعش» تمكن السبت من التقدم والسيطرة على معظم الأحياء الواقعة في الجزء الشمالي من تدمر حيث دارت اشتباكات ضارية ضد قوات النظام أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 29 عنصراً من التنظيم الإرهابي ومقتل وجرح ما لا يقل عن 47 عنصراً من قوات النظام وقوات الدفاع الموالية لها، وفق «المرصد». وأشار المحافظ إلى أن «العملية التي استمرت منذ (أول من) أمس ولغاية اليوم أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 130 متطرفاً» من التنظيم. ولفت المحافظ إلى أن «الجيش «لا يزال يعمل على تطهير المنطقة مستخدماً الطيران، كما يقوم بتمشيط الطرق من العبوات من أجل إعادة الحركة» إليها، مشيراً إلى أن «الطريق الواصل بين حمص وتدمر يعمل بشكل طبيعي». وخاض عناصر التنظيم اشتباكات عنيفة في المنطقة، بعد تمكنهم الأربعاء من السيطرة على بلدة السخنة التي تبعد ثمانين كيلومتراً من تدمر وعلى جميع النقاط العسكرية الواقعة على الطريق بين المنطقتين. وتشغل تدمر موقعاً استراتيجياً نظراً لوقوعها في وسط البادية السورية الحدودية مع محافظة الأنبار العراقية التي يسيطر التنظيم على جزء منها. وقال المدير العام للمتاحف والآثار السورية مأمون عبد الكريم السبت لوكالة «فرانس برس» بعدما كان أعرب عن قلقه في وقت سابق اليوم من الاشتباكات العنيفة الدائرة في المدينة: «لدينا أنباء جيدة اليوم (أمس)، أننا نشعر بتحسن كبير». وأضاف: «إن الآثار لم تتضرر، لكن ذلك لا يمنعنا من الشعور بالقلق». ولفت البرازي إلى «أن المحافظة تتخذ الإجراءات اللازمة من أجل تامين القضايا الإغاثية تحسباً لحالات نزوح جماعية» من المدينة ومحيطها الذي يبلغ عدد سكانها نحو 70 ألف نسمة. وقال «المرصد» إن «مناطق في مدينة السخنة التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة الإسلامية» منذ ال13 من الشهر الجاري، تعرضت لقصف جوي، ما أدى الى استشهاد 5 أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من 15 آخرين بجروح، وعدد الشهداء مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى في حالات خطرة». وبالنسبة إلى عملية الإنزال التي نفذتها القوات الأميركية أول من أمس، قال «المرصد» إنه «ارتفع إلى 32 على الأقل عدد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية الذين لقوا مصرعهم جراء العملية» في حقل العمر النفطي في محافظة دير الزور، أحد أكبر حقول النفط في البلاد. وأوضح مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن أن «أربعة قياديين من تنظيم داعش قتلوا في العملية، منهم أبو سياف الذي يشرف على عمليات تهريب النفط لحساب المتطرفين»، وقد أكدت واشنطن مقتله السبت. ولم يحدد أسماء المسؤولين الثلاثة الآخرين، إنما ذكر أن أحدهم مساعد المسؤول العسكري في التنظيم المعروف ب «عمر الشيشاني» (ويقدم على أنه «وزير دفاع الدولة الإسلامية»)، والآخر مسؤول عن قطاع الاتصالات. ولم تعرف مسؤولية القيادي الرابع. كما أشار عبد الرحمن إلى أن مسؤول الاتصالات سوري الجنسية، بينما المسؤولون الثلاثة الآخرون من دول المغرب. ونفذت فرق كومندوس من «قوة دلتا»، إحدى وحدات قوات النخبة الأميركية المتمركزة في العراق، عملية في حقل العمر النفطي القريب من بلدة البصيرة في ريف دير الزور الشرقي نزلت فيه من مروحيات عسكرية أميركية، في أول عملية إنزال برية ضد الجهاديين في سوريا تؤكدها واشنطن علناً. وهدفت العملية التي أمر بها الرئيس باراك أوباما إلى القبض على «أبو سياف». إلا أن الناطقة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض برناديت ميهان، قالت إن هذا الأخير قتل «خلال الهجوم... لدى اشتباكه مع القوات الأميركية». وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) إن القوات الأميركية قتلت «حوالى 12» مسلحاً خلال تبادل إطلاق النار. وقال «المرصد» إن «داعش» يبحث عن عناصر في صفوفه من جنسيات عربية وشمال أفريقية يتهمهم ب «تزويد التحالف بقيادة أميركية بالمعلومات» التي سهلت عملية الإنزال. من جهتها، أوضحت «لجان التنسيق المحلية» السورية المعارضة أن عملية الإنزال بدأت عند الساعة الواحدة بعد منتصف ليل السبت بالتوقيت المحلي بتحليق لطائرات التحالف، مشيرة إلى أن طائرات التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة، لم تشن غارات على حقل العمر الواقع في ريف دير الزور المحاذية للحدود العراقية، بل اكتفت بطلعات الرصد. وقال شهود: «بعد ساعتين تقريبا، أنزلت مروحية أميركية مجموعة من الجنود الذين خاضوا مواجهات مع عناصر داعش، أسفرت عن مقتل أبو سياف»، مشيراً إلى أن «مترجماً عراقياً كان يرافق جنود القوات الخاصة سأل عن زوجة أبو سياف التي اعتقلت لاحقاً». واستمرت المواجهات، وفق «اللجان المحلية»، حوالى 20 دقيقة «وسط تغطية جوية وفرتها مروحيتان أميركيتان للقوة المنتشرة التي استعانت أيضاً بكلاب بوليسية». وأطلق عناصر في التنظيم النيران على الطائرة، قبل أن تقوم مقاتلات التحالف بشن غارات على مناطق في شمال الحقل النفطي. من جهته، قال التلفزيون الرسمي السوري إن الجيش النظامي قتل خمسة من قيادات «داعش» في هجوم بشرق البلاد.