بعقوبة، الرمادي - أ ف ب، رويترز - قتل نحو 30 شخصاً وأصيب أكثر من مئة بهجمات، بينها تفجيران انتحاريان في الأنبار استهدفا مجمعاً حكومياً أسفرا عن مقتل 23 بينهم مدير الأمن وإصابة المحافظ، إضافة الى استهداف موكب حسيني في محافظة ديالى أسفر عن مقتل 7 وإصابة العشرات. وفرضت السلطات الأمنية حظراً على التجول في الرمادي بعد التفجيرين وشددت إجراءاتها الأمنية، فيما اتهمت أوساط سياسية وعشائرية في الأنبار الأجهزة الأمنية في المحافظة بأنها مخترقة من «القاعدة». وكانت مصادر أمنية وطبية في الأنبار أعلنت مقتل 23 شخصاً وإصابة عشرات آخرين بجروح، بينهم محافظ الأنبار قاسم محمد عبد، في هجومين انتحاريين استهدفا تجمعاً يضم مؤسسات حكومية مثل مبنى المحافظة ومقر قيادة الشرطة في وسط الرمادي (110 كلم غرب بغداد). وانفجرت سيارة مفخخة يقودها انتحاري صباح أمس قرب مبنى المحافظة في حين فجر انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً نفسه بعد ذلك بقليل. وأوضح النقيب في الشرطة أحمد محمد الدليمي «فور انفجار السيارة وصل المحافظ برفقة معاون قائد شرطة الانبار العقيد عباس محمد الدليمي، ومدير أمن المحافظة العقيد محمود الفهداوي، عندها قام انتحاري يرتدي ملابس الجيش العراقي، بتفجير نفسه». وأضاف ان «العقيد الفهداوي قتل بالتفجير في حين أصيب المحافظ في يده وساقه»، مشيراً الى أن «عناصر الحماية حاولوا منع الانتحاري لكنهم فشلوا». وأصيب كل من العقيد الدليمي وعضو مجلس المحافظة سعدون الخربيط إضافة الى المحافظ قاسم محمد الذي نقلته قوات أميركية الى إحدى مستشفيات بغداد للعلاج. كما دمر التفجيران أكثر من عشرين سيارة فضلاً عن إلحاق أضرار جسيمة بالمباني والمحلات التجارية والسيارات، فيما انتشرت برك الدماء في مكان التفجيرين قرب مبنى المحافظة المحصن جيداً. واتهم رئيس «مجلس انقاذ الانبار» الشيخ حميد الهايس فوج حماية المحافظ بتنفيذ محاولة اغتيال الأخير. وقال الهايس ل «الحياة» ان «انتحارياً يرتدي حزاما ناسفاً استهدف المحافظ أثناء تفقده تفجيراً قرب مبنى المحافظة». وأضاف ان «المعلومات تؤكد ان الانتحاري هو أحد أفراد حماية المحافظة الذين لا زالوا يرتبطون بتنظيم القاعدة»، مشيرا الى انه «حذر المحافظ والحكومة المحلية في الأنبار قبل أسابيع من اختراق القاعدة للمنظومة الأمنية لكن لم تلق تحذيراتنا آذاناً صاغية». وحمل الهايس «التخندقات العشائرية والقبلية في المحافظة» المسؤولية عن العنف. وأوضح ان «تلك التخندقات أسوأ من التخندق الطائفي أو العرقي»، لافتاً الى أن «البعض يحاول ان يستقوي بتنظيم القاعدة على حساب البعض الآخر، وهذا ما منح القاعدة جرعة منشطة مكنها من استئناف استهداف المسؤولين والصحوات وشيوخ العشائر». واتهم الهايس بعض ضباط ومحققي الأجهزة الأمنية ب «التساهل مع المجرمين والارهابيين وعناصر القاعدة، بل ان بعض المحققين متواطئ معهم ويطلق سراحهم كلما اعتقلوا أو دينوا بجريمة معينة». لكن نائب محافظ الانبار حكمت زيدان نفى ل «الحياة» أن يكون الانتحاري من حماية المحافظة، مؤكداً ان «الانتحاري كان يرتدي زي الشرطة وحاول عناصر حماية المحافظ القبض عليه لكنه فجر حزامه الناسف قبل ذلك». وأكد أن «المحافظ قاسم الفهداوي أصيب بجروح غير خطرة في ساقه ويده اليمنى ونقل للعلاج بطائرة مروحية الى إحدى المستشفيات في بغداد». وأبدى زيدان استياءه «حيال الضعف المزمن بمفاصل الأجهزة الأمنية المخترقة في محافظة الانبار». وقال: «من المؤكد أن منفذي العملية هم من الدخلاء والمتطرفين (في إشارة الى القاعدة) والذين يريدون سوءاً بالبلد، وأعوانهم الذين يخترقون الأجهزة الأمنية». وأضاف زيدان ان المحافظ في «حالة مستقرة». واتهم رئيس «تجمع بيارق العراق» وأمير عشيرة الدليم الشيخ علي حاتم فوج شرطة حماية المسؤولين في الانبار بأنه «مخترق من القاعدة». وأشار في تصريح صحافي الى ان «فوج حماية المسؤولين بالمحافظة مخترق ولديه اتصالات غير مباشرة بتنظيم القاعدة»، مرجحاً تصاعد أعمال العنف في المحافظة خلال الفترة المقبلة. الى ذلك اعتبر «الحزب الاسلامي» في بيان التفجيرات بأنها «تشكل فشلاً جديداً في إدارة الملف الأمني والخطط الموضوعة لهذا الملف». يذكر أن هجمات عدة استهدفت الأجهزة الإدارية والأمنية في الرمادي ومحيطها منذ الصيف الماضي كان آخرها في 11 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عندما انفجرت سيارتان مفخختان وفجر انتحاري نفسه أمام المستشفى. وقضى في هذه التفجيرات 19 شخصاً وأصيب حوالى 80 بجروح. وبدأت موجة العنف بالانحسار في الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار، منذ منتصف أيلول (سبتمبر) 2006 عندما نجح تحالف ضم عشائر السنة في طرد عناصر تنظيم «القاعدة» والمجموعات المتشددة التي تدور في فلكه. واستطاع هذا التحالف فرض الأمن والاستقرار في شكل شبه كلي تقريباً بدءاً من منتصف 2007 في جميع أرجاء المحافظة. وشكلت العشائر «مجلس صحوة الأنبار» بقيادة الشيخ عبد الستار الذي أعلنت «القاعدة» مسؤوليتها عن قتله بانفجار بعد أسبوع من استقباله الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في مزرعته في الرمادي في أيلول 2007. وتأتي هذه الهجمات في وقت يتوقع فيه كبار المسؤولين استمرار أعمال العنف مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في 7 آذار (مارس) المقبل. وكان رئيس مجلس المحافظة اتهم في وقت سابق «القاعدة» ومجموعات مسلحة بمحاولة زعزعة الأمن في المحافظة قبل الانتخابات. وأضاف أنه ما لم تؤد الشرطة عملها على نحو جيد فان مثل هذه التحديات قد تصبح أكبر. الى ذلك، أعلن نائب محافظ ديالى صادق الموسوي ان «سبعة أشخاص قتلوا على الأقل وأصيب عشرون آخرون بانفجار عبوة ناسفة استهدفت موكباً حسينياً وسط قضاء الخالص (60 كلم شمال بغداد)». وأكد «إصابة مدير شرطة الخالص العقيد شاكر الزهيري بالانفجار الذي وقع في الشارع الرئيسي». يشار الى أن إحياء ذكرى عاشوراء بلغ ذروته الأحد الماضي في كربلاء، لكن الشيعة يواصلون تسيير مواكب حسينية حتى أربعين الإمام الحسين.