وجه الأعضاء الديموقراطيون في مجلس الشيوخ الأميركي، صفعة إلى الرئيس باراك أوباما، عبر عرقلة قانون يطلق يده لتسريع التوصّل إلى اتفاق الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ. وفيما دعم الجمهوريون مسعى أوباما للحصول على هذا التفويض للتوصل إلى اتفاقات تجارية، تصدّى له الديموقراطيون الذين يأخذون على القانون المطروح للنقاش عدم معاقبته عمليات التلاعب بالعملات، وعدم تضمّنه تدابير حماية للعمال الأميركيين المتضرّرين من العولمة. وكان القانون سيسمح لأوباما بطرح اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ، واتفاق تبادل حر آخر يجري التفاوض عليه بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة، على الكونغرس للتصويت بقبوله أو رفضه من دون أن يتمكّن أعضاء الكونغرس من إدخال تعديلات عليه. ويشير البيت الأبيض إلى أنه في حاجة إلى هذا التفويض الذي يتيح تسريع آليات إقرار الاتفاقات، لإنجاز المفاوضات مع الدول ال11 المعنية باتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ، من دون أن يتمكن الكونغرس من إضافة تعديلات إلى النص بعد إتمام المحادثات معها. وسحب الديموقراطيون دعمهم بعدما رفض زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، ضم ثلاثة قوانين أخرى تتعلّق بالتجارة إلى القانون المطروح، وبينها قانون يتصدّى لعمليات التلاعب بسعر العملة، ما يعتبره كثر عقبة أساسية في وجه التجارة العادلة. وقال السيناتور الديموقراطي تشاك شومر: «إننا على يقين بأن الاقتصاد العالمي بحر خطير، والجمهوريون يطلبون منا تمرير قانون حول التجارة يلزم العامل الأميركي الإبحار في هذه المياه في قارب هشّ». وصوّت جميع الديموقراطيين باستثناء واحد هو السيناتور توم كاربر، ضد فتح نقاش حول القانون، وفشل الإجراء إذ صوت 52 ضده في مقابل 45 صوتوا معه، فيما كان يتطلب موافقة 60 من أعضاء مجلس الشيوخ المئة. وقال كاربر المؤيد للتجارة الحرة والذي عقد مؤتمراً صحافياً لشرح فوائد منح الرئيس السلطة لتسريع إقرار الاتفاقات التجارية: «هذا يجب أن يكون في طليعة أولويات الديموقراطيين والجمهوريين على السواء». ووصف ماكونيل التصويت بأنه «يثير الصدمة»، فيما اعتبرته النقابات العمالية انتصاراً للعمال الأميركيين. وأعرب رئيس لجنة المال في مجلس الشيوخ، أورين هاتش، الذي ساهم في صوغ مجموعة القوانين حول التجارة، عن دهشته لرفض ما وصفه بأنه توافق على دعم الصلاحيات التنفيذية في مجال التجارة وتعديلات في الاتفاقات التجارية لتمويل برامج لمساعدة العمال. وقال مبدياً استياءه: «من المذهل بنظري أن يفعلوا هذا بالرئيس، بالنسبة الى قانون على هذا النطاق». وعملية التصويت لم تسقط القانون حول الصلاحيات الرئاسية في مجال التجارة، بل أرجأت إقراره. وقال ماكونيل إنه يعتزم طرحه مجدداً، ربما بعدما يتوصّل أعضاء الكونغرس إلى توافق حول كيفية المضي قدماً بالقوانين الأربعة المطروحة، ما قد يرغم أوباما على الموافقة على بنود لا يؤيدها، وترى إدارته أنها قد تجعل من الصعب على شركاء الولاياتالمتحدة في اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ توقيعه. وأعرب الناطق باسم البيت الأبيض، جوش إرنست، عن أمله في أن يتمكن أعضاء مجلس الشيوخ من «تسوية» العرقلة الإجرائية. والتقى أوباما عشرة ديموقراطيين من مجلس الشيوخ بعد التصويت، ليناقش معهم كيفية المضي قدماً، وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس والأعضاء العشرة ما زالوا «ملتزمين بالعمل على هذه الأولوية المهمة». غير أن هاتش الذي أصرّ على أن تضمين القانون حول اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ بنداً حول التلاعب بالعملة، سيفشله، أعرب عن استيائه قائلاً: «لا أدري إلى أين نتّجه». ويقول مؤيدو السلطات التنفيذية في مجال التجارة، إن القانون يفرض على الاتفاق التجاري تلبية 150 من أولويات الكونغرس، بما في ذلك بنود تتعلق بحقوق الإنسان والبيئة. ولكن منتقديه يرون أن الاتفاق الذي يتم التفاوض في شأنه سراً، سيقضي على الوظائف بإعطائه أولوية لمصالح الشركات على مصالح العمال الأميركيين. وقال السيناتور الديموقراطي شيرود براون، الذي يتزعم المعارضين لاتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ: «نريد مزيداً من التجارة، غير أننا نريد ذلك وفق تعريف مختلف جداً وقوانين مختلفة جداً». ويقول منتقدو القانون إن ضمّ 12 دولة في منطقة تبادل حر، سيؤدي إلى هبوط الأجور، حيث أن العمال الأميركيين غير قادرين على منافسة اليد العاملة المتدنية الأجر لدى شركاء تجاريين مثل تشيلي وبيرو وفيتنام. وقال ريتشارد ترومكا، رئيس أكبر اتحاد عمالي أميركي يمثل 12 مليون عامل: «نحن أدرى بما هو لمصلحة العمال، وهذا ليس لمصلحتهم».