عندما أعلن الحكم نهاية مباراة تشلسي وكريستال بالاس بتتويج النادي اللندني بلقبه الخامس في تاريخه، معلناً عودته إلى زعامة الدوري الإنكليزي، بعدما فشل في الحلول في المركزين الأولين في المواسم الثلاثة الماضية، فإن كثيرين أشادوا بروعة نجوم «البلوز»، لكن قلة أدركت أن هذه الكتيبة الموهوبة ما كانت ستعود إلى منصة التتويج لولا وجود «الداهية» البرتغالي جوزيه مورينيو. المتابع عن كثب لمسيرة تشلسي في الدوري هذا الموسم، يستنتج أن الفريق خاض الموسم بشقين مختلفين وأسلوبين مغايرين. ففي النصف الأول ومنذ المباراة الأولى تفنّن اللاعبون وقدّموا عروضاً مُلهبة للمشاعر وممتعة للجماهير والناقدين، خصوصاً بعدما عالج مورينيو أزمات الموسم الماضي، خصوصاً في الخط الهجومي، إذ تخلى عن الثلاثي فيرناندو توريس وديمبا با وصامويل إيتو، وجلب مكانهم دييغو كوستا، الذي سجل سبعة أهداف في مبارياته الأربع الأولى، والفرنسي لويك ريمي، وأعاد الأسطورة الإيفوارية ديدييه دروغبا، لكن أهم التعديلات التي أجراها «السبيشال ون» في الفريق ضم النجم الإسباني سيسك فابريغاس ليصبح مايسترو خط الوسط وضابط الإيقاع، ليبني مورينيو من حوله أسلوب لعب الفريق، مثلما كان وجود عنصر مهم آخر لم ينل الإشادات بما يكفي، وهو لاعب الارتكاز الصربي نيمانيا ماتيتش، الذي قام بأدوار حساسة وحيوية مهمة في حماية الخط الدفاعي وكسر هجمات الخصوم، مثلما برز القائد قلب الدفاع جون تيري، على رغم تقدمه في العمر (34 عاماً)، الذي كان بين ثلاثة لاعبين فقط في تشلسي لعبوا في كل المباريات في الدوري هذا الموسم حتى الآن، إلى جانب الظهير الأيمن إيفانوفيتش وصانع ألعاب الفريق وأفضل نجومه إيدين هازارد. هذا كان في النصف الأول الممتع من الموسم، الذي شهد فوز «البلوز» على إيفرتون (6-3) خارج أرضه، والفوز على سوانزي (5-صفر) ذهاباً و(3-صفر) إياباً، و(3-صفر) على توتنهام، لكن في النصف الثاني من الموسم وتحديداً في مطلع العام الحالي، امتهن مورينيو أسلوباً مغايراً اعتمد على الحذر وتأمين الدفاع والعقلية السلبية في قتل المباريات لضمان عدم الخسارة، حتى أنه في مبارياته ال15 الأخيرة فاز في 11 مباراة بفارق هدف واحد فقط، عدا مباراة منتصف الأسبوع الماضي أمام ليستر عندما فاز (3-1)، وتعادل في أربع مباريات، حتى أن فوزه على المكافح كوينز بارك رينجرز قبل ثلاثة أسابيع بهدف وحيد جاء من التسديدة الوحيدة للفريق على مرمى الخصم. ومن المعلوم أن تشلسي حقق منذ تأسيسه في 1905 حتى 2003 (قبل فترة تملك الروسي رومان أبراموفيتش) 11 لقباً في كل المسابقات، بينها بطولة دوري واحدة، لكن منذ تملك أبراموفيتش في 2013، وفي غضون 12 عاماً حقق تشلسي 15 لقباً مختلفاً، بينها الفوز ببطولة الدوري أربع مرات، ثلاث منها بقيادة مورينيو، الذي هو نفسه يخوض منافسات شخصية مع أبرز المدربين في العالم، على غرار صراعه المرير مع الإسباني بيب غوارديولا عندما كان مدرباً لريال مدريد، إذ رفع المدرب البرتغالي ألقابه الشخصية إلى 22 طوال مسيرته، بينها ثمانية ألقاب دوري في 12 موسماً مع فرق بورتو وإنتر ميلان والريال وتشلسي. وعقليته هي التي لعبت دوراً رئيساً في تغيير مسار الفريق هذا الموسم من الشيق والممتع إلى الكئيب والممل فقط لأجل رفع كأس البطولة قبل النهاية بثلاث جولات، وهذا لم يمنعه أن يكون صاحب أقوى خط دفاع بدخول مرماه 27 هدفاً فقط في 35 مباراة، ولم يتعرّض سوى لهزيمتين، وكان الوحيد الذي لم يُهزم على أرضه، وهو أيضاً صاحب ثاني أقوى خط هجوم بعد مانشستر سيتي، لكن الأهم العقلية الصلبة التي زرعها مورينيو في قلوب لاعبيه، فهو منذ فترته الأولى مع «البلوز» (بين 2004 و2007)، ومنذ الموسم الماضي حتى الآن لم يخسر أمام كبار الكرة الإنكليزية مانشستر يونايتد وأرسنال وليفربول ومانشستر سيتي سوى ثلاث مباريات في 40 مباراة خاضها ضدهم. ولماذا اعتبر مورينيو هذا اللقب هو «سبيشال»؟ ببساطة أعرب «السبيشال ون» عن أهمية اللقب كونه الأول الذي يحرزه من طريق الاعتماد الذاتي، وليس على أموال المالك أبراموفيتش، كي يتفادى الاصطدام مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم والتعرض لعقوبات بسبب قانون «العدل المالي»، فاضطر إلى بيع نجوم أمثال دافيد لويز ورومالو لوكاكو وندريه شورله كي ينجح في جمع ما يكفي لضم كوستا وفابريغاس وفيليبي لويس، وتحقيق أرباح أيضاً في موسم مميز.