لواندا (أنغولا) - أ ف ب - تلامس مدن الصفيح التي يغطيها الغبار أطراف مبان شاهقة جديدة فيما تمر سيارات ضخمة رباعية الدفع غير آبهة بدراجات نارية صغيرة قديمة: لوندا عاصمة انغولا الدولة الفقيرة هي في الواقع أغلى مدن العالم بحسب مجلة «فوربز»، الا ان التناقضات فيها لا تقف عند هذا الحد. يقول رونالدو احد سكان لواندا: «يسألنا الاجانب دائماً كيف تعيشون في هذه الظروف؟ نعيش بكل بساطة ونحاول ان نتدبر امرنا». ماذا يفعل المرء في مدينة تكلف فيها وجبة بسيطة حوالى اربعين دولاراً فيما قد يصل الايجار في وسط المدينة الى 15 الف دولار، علماً ان 70 في المئة من الانغوليين يعيشون بأقل من دولارين في اليوم. يعيش في هذه المدينة نحو خمسة ملايين شخص، فيما هي مصممة لاستيعاب 500 الف فقط. وتحمل لواندا لقب اغلى عواصم العالم بالنسبة الى الاجانب، على ما يظهر تصنيف مجلة «فوربز» الاميركية. والثروة النفطية بطبيعة الحال كان لها اثر كبير في ذلك. فعند انتهاء الحرب الاهلية في عام 2002 «أرسلت الشركات الأجنبية الكبرى اعداداً كبيرة من موظفيها من دون ان تهتم بالانفاق» على ما يقول ماركو الذي يعمل امين مستودع وهو كان عاد الى بلاده قبل خمس سنوات. ويوضح: «مذّاك لم تتوقف الاسعار عن الارتفاع» مشدداً على لعنة الذهب الاسود التي ضربت بعض الدول وبينها نيجيريا، لكن تضخم الاسعار لم ترافقه زيادة في الاجور حيث لا يزال الحد الادنى للاجور حوالى مئتي دولار فقط». ولم يبق من حل امام المواطنين في وجه هذا الارتفاع الهائل في الاسعار سوى مدن الصفيح التي ظهرت في كل انحاء البلاد من الساحل وصولاً الى المرتفعات مروراً بوسط المدينة حيث ينتصب البرج الذي شيد تكريماً لذكرى الرئيس الانغولي الاول انطونيو اغسطينو نيتو. ويشير ماركو الى ان مدن الصفيح محرومة من الماء والكهرباء لكن «يستطيع المرء فيها على الاقل شراء الطعام بأسعار مقبولة». والطبقات الوسطى ليست في منأى عن هذا التضخم. ويؤكد المستشار الاقتصادي المستقل اوليفييه كيلين انه عند مخارج مدن الصفيح «تمكن رؤية اشخاص يرتدون البزات ويتوجهون الى عملهم، لكن رواتبهم غير كافية». يضاف الى ذلك نقص في فرص العمل. فيعمد البعض الى استغلال ازدحام السير للتغلغل بين السيارات وبيع بضائع مختلفة ومتنوعة من مناشر كهربائية الى بطاقات هاتفية او اقراص مدمجة مقرصنة. لكن البؤس ليس معمماً في لواندا اذ تمكن رؤية منازل كبيرة ناصعة البياض منتشرة في بعض الامكنة فيما يضم مركز تجاري متاجر فخمة. وفي بلد يكثر فيه الكلام ويتمتع فيه الاعلام بحرية التعبير لا يمكن لهذه التناقضات ان تمر مرور الكرام، فاتهامات الفساد على لسان كل انغولي. ويقول نوربيرتو غارسيا العضو في الحزب الحاكم ان «الوضع سيتحسن شيئاً فشيئاً» مشيراً الى برنامج ينفذ حالياً لبناء مساكن اجتماعية.