عقد وزراء مجلس التعاون الخليجي الستة اجتماعاً مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في باريس أمس، في إطار التحضير للقمة الأميركية - الخليجية في واشنطن وكامب ديفيد الأسبوع المقبل. ووفق ما سُرب عن الاجتماع أراد وزراء الخارجية تأكيد أهمية الحصول على ضمانات أميركية بأن دول الخليج «ستتملك تفوقاً نوعياً في السلاح بما يحميها من إيران». في الوقت نفسه أعلن وزير الخارجية السعودي «وقفاً مشروطاً لإطلاق النار» في اليمن اعتباراً من ال11 مساء الثلثاء المقبل. وقال «نأمل بأن يعود الحوثيون إلى رشدهم، وأن يدركوا أن مصالح اليمن والشعب اليمني ينبغي أن تكون أولوية قصوى للجميع». وقالت مصادر، إنه ليس من المهم لدول الخليج أن يتم توقيع اتفاق نووي مع إيران أم لا، وكان لدى إيران منذ الخمسينات وقبل الثورة على الشاه في أواخر السبعينات، برنامج نووي، وهي طوّرت هذا البرنامج خلال ثلاثين عاماً، وبالتالي فإن من المفهوم أنها لا يمكن أن تتنازل عنه من دون مقابل. (راجع ص7) وتابعت المصادر أن هناك تصميماً من بعض دول مجلس التعاون على أن تكون سورية أيضاً في قائمة المحادثات مع الرئيس الأميركي في كامب ديفيد، مشيرة إلى أنها تعتقد بضرورة أن يتم ضرب «الأفعى في المنطقة العربية، وأن قطر ترى أن ذيل الأفعى في اليمن، لكن رأسها في سورية وينبغي أن يضرب رأس الأفعى». وتوقعت المصادر أن يتم الاتفاق الإيراني مع الدول الغربية الست (خمسة + واحد) في نهاية حزيران (يونيو) المقبل، على أن تدخل الشركات الأميركية السوق الإيرانية في اليوم التالي للاتفاق كي لا يستطيع أن يعارضه أحد بعد ذلك. وقال مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية، إن الوزراء الخليجيين بحثوا طوال فترة بعد الظهر «الأولويات الإقليمية المشتركة والتعاون الأمني»، بحضور مديرة الشؤون السياسية في وزارة الخارجية الأميركية ويندي شيرمان رئيسة الوفد الأميركي، إلى مفاوضات خمسة + واحد مع إيران عن برنامجها النووي المثير للجدل. وتناول اجتماع باريس ملفات اليمن وإيران وسورية خصوصاً، وفق ديبلوماسيين أميركيين. لكنه بحث أيضاً التحضير للقمة الخليجية الأميركية الأسبوع المقبل. وعقد وزير الخارجية الأميركي مؤتمراً صحافياً مساء مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، تناول مسائل مختلفة، لكنه ركّز على الوضع في اليمن والهدنة الإنسانية التي عرضتها السعودية. وأكد الوزير الجبير تمسك بلاده بعرض بدء هدنة «مشروطة» بدءاً من الساعة 11 صباح الثلثاء، مدة خمسة أيام، موضحاً أن الإنذار الذي وجهته السعودية بإخلاء صعدة من المدنيين يتعلق تحديداً بالرد على اعتداءات الحوثيين، قائلاً إن السعودية لا يمكن أن تقبل بأن يقصف الحوثيون مناطق الحدود بالصواريخ ويبقى ذلك من دون رد. وشدد على أن الهدنة الإنسانية المشروطة لاتزال قائمة وأن السعودية «تأمل بأن يعود الحوثيون إلى رشدهم» ويوافقوا على شروط وقف النار بما في ذلك عدم تحريك قواتهم والاستفادة عسكرياً من وقف ضربات التحالف. وقال: «هذه فرصة للحوثيين نأمل بأن يغتنموها»، مشدداً على أن وقف النار سينتهي إذا لم يتقيد به الحوثيون وحلفاؤهم. وقال كيري إن الاجتماع مع الوزراء الخليجيين كان «بناء ومثمراً» للتهيئة للقمة، وإن مجلس التعاون كان في صلب الاهتمامات الأمنية الأميركية فترة طويلة وأن «أميركا محظوظة بأن يكون لديها مثل هؤلاء الحلفاء للوقوف في وجه داعش». وعن اليمن، قال إن الالتزام السعودي بوقف النار «قابل للتجديد» إذا التزم الحوثيون بشروطه. و«إن الهدنة لا تعني السلام»، مشدداً على ضرورة أن تعود الأطراف اليمنية إلى الحوار. ولفت إلى أن الملك سلمان بن عبدالعزيز شجع هذا الحوار اليمني وأعلن مؤتمراً لأجله في الرياض و«نحن ندعم هذا المؤتمر على أمل بأن يؤدي إلى سلام». وقال إن «الحل السياسي فقط هو الذي يضع حداً للأزمة اليمنية». وأوضح كيري أن القمة الأميركية - الخليجية ستناقش موضوع إرهاب الجماعات المتشددة مثل «داعش»، كما ستناقش دعم إيران لبعض الصراعات في المنطقة، مشيراً إلى دعمها ل«حزب الله» والحوثيين. وعن سورية، قال كيري: «نحن نعزز المعارضة السورية المعتدلة ضد داعش والنظام». وكان البيت الأبيض شدد على مزايا اتفاق محتمل مع إيران وأكد أنه ليس منتظماً في عملية واسعة لأجل تطبيع العلاقات مع طهران. لكن قادة دول الخليج يرون تغيراً في المقاربة الأميركية، مشيرين إلى «الخط الأحمر» الذي حدده أوباما بالنسبة لاستخدام الأسلحة الكيماوية في سورية، لكنه لم يحرك ساكناً. كما أنهم قلقون حيال النفوذ الإيراني المتعاظم في سورية والعراق واليمن ولبنان. واشنطنوإيران يتفقان على توفير مكاتب ديبلوماسية جديدة في تطور لافت من حيث التوقيت نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مصادر قولها إن واشنطن، وفي ما قد يكون أول اتفاق متفاوض عليه منذ انقطاع العلاقات عام 1980 مع إيران «ستسمح بانتقال قسم المصالح الإيرانية المعني بالتمثيل الديبلوماسي لطهران، إلى مركز جديد وسط العاصمة الأميركية». وكشفت الصحيفة أن هذا القسم يخضع لمظلة التمثيل الباكستاني منذ الثورة الإيرانية، وسينتقل من دون ترفيعه إلى مستوى السفارات، إلى وسط العاصمة وتقاطع شارع 23 وأم، بعدما كان في منطقة غلوفر بارك البعيدة عن الوسط الديبلوماسي والتجاري في واشنطن. وذكرت الصحيفة أن الولاياتالمتحدة ستحظى أيضاً بمقر مكتب جديد في طهران يمثل مصالحها ويتبع للسفارة السويسرية. ومع تأكيد مسؤول أميركي ل«الحياة» أن الخطوة «لا علاقة لها بالمفاوضات مع طهران»، قال مصدر للصحيفة الأميركية إن «المكاتب تم التفاوض عليها وفي اتفاق متبادل بين الجانبين».