اعتبرت القوات الأميركية في العراق ان الخلاف على حقل الفكة الحدودي بين العراق وايران «مسألة سيادية تخص الحكومة العراقية وحدها، ويجب حلها بالطرق الديبلوماسية السلمية»، مؤكدة في الوقت ذاته التزامها الكامل بالاتفاق الأمني المبرم بين بغداد وواشنطن، ومشيرة الى ان بداية العام المقبل ستشهد انهاء حقبة «القوات المتعددة الجنسية»، ونقل المسؤولية الى «الجيش الأميركي في العراق». وتوقع الناطق باسم القوات الأميركية الجنرال ستيف لانزا: «استمرار الهجمات والعنف مع اقترات موعد الانتخابات التشريعة» المقررة في آذار (مارس) المقبل الا انه استبعد ان تحقق تلك الهجمات أهدافها. وقال الجنرال لانزا ل «الحياة» أن «الجيش الأميركي لا يستطيع الخوض في الأزمة الناتجة من الخلاف الإيراني- العراقي على حقل الفكة كثيراً لأن المسألة سيادية، من حق الحكومة العراقية وحدها التحدث عنها، فالعراق اليوم بلد ذو سيادة، وعلى الجميع احترام ذلك». ونصح بغداد بتسوية المشكلة «بالطرق الديبلوماسية والقنوات السياسية السلمية». وعن دعوات بعض الأطراف السياسية العراقية الى تطبيق الاتفاق الأمني مع الولاياتالمتحدة والتصدي للتدخل الايراني، قال: «نحن ملتزمون بالاتفاق الأمني المبرم بين بغداد وواشنطن في شكل كامل. ونعمل على تنفيذه ونجاح ذلك يعتمد على القوات العراقية كونها في الصدارة وفي قيادة العمليات وقواتنا ملتزمة تدريبها وتقديم النصح الى الحكومة». وأثارت قضية الفكة ردود فعل داخلية وخارجية واسعة دفعت أطرافاً سياسية الى المطالبة بتدخل عسكري أميركي تنفيذاً للاتفاق الأمني المبرم بين الجانبين نهاية عام 2008 وينص على التزام الولاياتالمتحدة أمن العراق والدفاع عنه. يذكر أن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري قال، خلال جلسة للبرلمان الأربعاء الماضي بثها تلفزيون «العراقية» الرسمي: «لدينا منذ 2003 تركة ثقيلة مع إيران، منها مخلفات الحرب والحدود والمياه والألغام والمنافذ الحدودية والاتفاقات السابقة، والطائرات». وتنص اتفاقية الجزائر التي وقعها في 6 آذار (مارس) 1975 نائب الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين وشاه إيران محمد رضا بهلوي برعاية الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، على ان نقطة خط القعر (النقطة التي يكون شط العرب فيها بأشد حالات انحداره) تشكل الحدود بين الدولتين. لكن صدام ألغى هذه الاتفاقية عام 1980 بعد سقوط حكم الشاه ووصول انصار الثورة الاسلامية إلى الحكم وكان ذلك أحد أسباب اشتعال حرب الخليج الاولى (1980-1988). وأضاف زيباري ان «موقفهم (الإيرانيين) كان لن نتفاوض ما لم تقروا اتفاقية الجزائر»، مؤكداً ان «أكبر ملف في وزارة الخارجية هو الملف مع إيران». وأوضح ان «الموقف الحكومي الرسمي الآن، وخلال الحكومات الثلاث المتعاقبة منذ 2004، متحفظ عن هذه الاتفاقية»، لكنه استدرك أن ذلك «لا يعني أن العراق غير ملتزم بها»، من دون مزيد من التوضيح. وتابع: «لدينا مشكلة وما زالت، وأردنا ان نعالج كل القضايا العالقة بصفقة واحدة، لكن الايرانيين لم يتجاوبوا معنا وكانوا يصرون على ان تحل القضايا وفق اتفاقية الجزائر لسنة 1975». وأكد أن الإيرانيين «يقولون اذا كنتم لا تقرون اتفاقية الجزائر فنحن لن نتعاون معكم في أي مشكلة». وأضاف: «تمكنا بعد ثلاث سنوات من إقناع القيادة الإيرانية، أن نمضي بالقضايا الآنية التي تواجهنا من دون الإشارة الى اتفاقية الجزائر (...) ووافقت خلال إحدى زيارتنا على تشكيل لجان عمل فنية لترسيم الحدود، لكن مشاكل مالية لدينا عرقلت ذلك». إلى ذلك قال الجنرال لانزا ان «الوضع الأمني الآن في أفضل حالاته منذ عام 2003 ، ومعظم المكاسب تحقق بفضل قوات الأمن العراقية التي تتحسن بشكل مستمر». لكنه توقع استمرار الهجمات وأعمال العنف مع اقتراب موعد الانتخابات العامة، مستبعداً تحقيق الجماعات «الارهابية» أهدافها «بفضل الخطة الامنية المحكمة والدقيقة التي أعدتها الحكومة العراقية». وأوضح ان قواته تعلم ان «القوى الارهابية تسعي الى تحقيق أهداف قبل الانتخابات تتمثل في تفكيك الوحدة الوطنية وزعزعة ثقة المواطن بالحكومة والاجهزة الأمنية وإعادة الاقتتال الطائفي». إلى ذلك، قال الجنرال لانزا: «بدءاً من أول كانون الثاني (يناير) المقبل لن تكون هناك قوات تحالف أو قوات متعددة الجنسية، بل ستكون قوات الولاياتالمتحدة وحدها في العراق والاستعدادات جارية لذلك». وأضاف: «نوجه شكرنا الى قوات التحالف من مختلف الجنسيات التي شاركت معنا في صنع هذا النجاح الكبير والمكاسب الأمنية العظمية. ويجب ان نقول للعراقين ان نقل المسؤولية الى القوات الأميركية لن يغير شيئاً من التزاماتنا وواجبنا تجاه الشعب وحكومته».